مصارفنا الإسلامية العام 2022 ومواجهة التحديات

غسان الطالب* اليوم ونحن على اعتاب العام 2022 وفي وداع عام سبقه اتسم في عدة من التقلبات والتغيرات الاقتصادية شهدها العالم كان أبرزها استمرار جائحة كورونا التي اجتاحت العالم بكل قسوة وانعكست اثارها على الانظمة المصرفية والأسواق المالية وقدرتها على تقديم التمويل اللازم للقطاعات الاقتصادية ذات الحاجة، نجد أنفسنا اليوم في الصناعة المصرفية الاسلامية أمام حالة من التحدي تتطلب الارتقاء بأداء هذا القطاع وتطوير كفاءته ليواجه كافة أشكال التحديات التي أصبحت حقيقة واقعة ولا مجال للتقليل من أهميتها أو تجاهلها، والتي ان استمرت دون الالتفات إلى متطلباته وحاجاته فاننا وبكل تأكيد سنواجه تحديا حقيقيا يحول دون تحقيق نمو معتدل ومتوازن له خاصة مع حالة المنافسة الشديدة مع نظيرة التقليدي للحد من طموحه في كسب حصة أكبر من السوق المصرفية العالمية، هنالك بعض الحقائق الملموسة والتي تدق ناقوس الخطر وبرزت للعيان بشكل واضح في هذا العام 2021 ، نستعرض هنا بعضا منها: مع نهاية الرع الثالث من العام 2021 توقعت وكالة “موديز” (Moody’s) للتصنيفات الائتمانية انخفاض إصدارات الصكوك الإسلامية عالميا إلى ما بين 190 و200 مليار دولار خلال عام 2021، ويرجع ذلك بحسب “موديز”، إلى ارتفاع أسعار النفط الذي أدى لتقلص احتياجات التمويل السيادي في دول الخليج العربي. تلكؤ بعض الدول التي كانت متحمسة لاصدار صكوك إسلامية،عندما اتيحت لها الفرصة للحصول على قروض دولية ميسرة وبأسعار فائدة متدنية. ماتزال هذه الصناعة تواجه العديد من التحديات يتمثل بعض منها في غياب بعض القوانين والتشريعات التي تراعي خصوصيتها وتنظم العلاقة مع البنوك المركزية بما يضمن مساهمة فاعلة وحقيقية لها في السياسات النقدية لبلدانها، ورغم النداءات المتكررة التي وجهت للبنوك المركزية في مراعاة خصوصية هذه المصارف والنظر إلى النجاحات التي حققتها في خدمة اقتصادياتها الوطنية الا انها ما تزال تعاني من جمود في العلاقة مع البنوك المركزية في بعض بلدان تواجدها عدا بعض الاستثناءات التي تحققت واتاحت للمصارف الاسلامية ممارسة دورها المصرفي الذي يخدم اقتصادها الوطني كا هو الحال في الاردن. ومن التحديات المهمة والتي يجب مواجهتها دون تلكؤ هي مهمة توحيد المعايير حيث ما يزال يعاني من تشتت المعايير واختلافها مما أدى إلى حدوث تباطؤ في انتشار وتوسع هذه الصناعة. عدم التوصل الى قناعات مع جميع الاتجاهات الفكرية بأهمية وجود سوق مالية اسلامية تختص بالمنتجات المالية الاسلامية رغم وجود مقومات كافية لقيام مثل هذه السوق ورغم الانتشار الواسع الذي شهدته المصارف الاسلامية في السنوات الاخيرة. -محاكاة المنتجات المالية التقليدية في الوقت الذي هي بحاجة لابتكار منتجات تحمل هويتها، ففي الواقع فان الأدوات المالية الإسلامية المتبعة وُجدت كبديل للأدوات المالية التقليدية المعروفة، لكن حتى تكون قادرة على تغطية كافة أوجه التمويل في الاقتصاد الوطني عليها عدم الاكتفاء بطرح البديل بل يجب أن تبادر إلى وضع إستراتيجية للابتكار وتطوير القائم لديها، لان السعي لكسب المزيد من السوق المصرفية العالمية يتطلب ذلك، فالاستمرار في البحث عن البديل دون التوجه نحو الابتكار لادوات مالية جديدة سوف يؤدي بالتأكيد الى خنق الصناعة المصرفية الاسلامية واصابتها بنوع من الجمود، وهنا تكمن مسؤولية مراكز الابحاث والدراسات المختصة بالتمويل الاسلامي والمنظرين لهذا القطاع إضافة إلى أصحاب القرار فيها. من هنا ولتجنب أي انتكاسة لا سمح الله في مسيرة مؤسساتنا المالية والمصرفية الإسلامية فلا بد من مراجعة أداء هذا القطاع بشكل دوري ومستمر وتحديد جوانب القصور لديه حتى نتمكن من وضع سياسات لتطويره وتقدمه بالشكل الذي يحقق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي وجد من أجلها، ويحافظ في نفس الوقت على المكتسبات والمنجزات التي تم تحقيقها ، ثم التقدير الموضوعي لكافة التحديات التي تواجه هذا القطاع. *باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا 

اضافة اعلان