مصلون يتشاركون بإعداد موائد الإفطار في المساجد

Untitled-1
Untitled-1

منى أبوحمور

عمان- لا تقتصر أجواء المحبة والمودة والرحمة على أفراد العائلة الواحدة والأقارب في الشهر الفضيل، إنما تشمل أيضا المعارف والجيران الذين يجمعهم حق الجيرة.اضافة اعلان
نوع آخر من التكافل وعمل الخير في رمضان يجمع المصلين في المساجد على مائدتي الإفطار والسحور، بصورة تجسد حب الخير والعطاء ومعاني التكافل التي يؤكدها شهر الخير.
يحافظ السبعيني أبو علي، في كل رمضان، على عادته بعمل إفطار جماعي في المسجد القريب من منزله يدعو إليه جميع المصلين الذين اعتادوا التواجد لحظة تناول طعام الإفطار.
ويسعى أبو علي، من خلال هذه العادة الطيبة، إلى الحصول على أجر "تفطير صائم والرغبة في أن يجتمع ورفاقه في الصلاة على الطعام".
ويقول "تجمعني والمصلين في مسجد الحي علاقات طيبة، وأباركها في شهر رمضان من كل عام بلقمة طعام تجمعنا"، بدون تكلف أو زيادة نفقات، بل مما تيسر في المنزل.
في حين يجد أبو أسامة شهر رمضان فرصة كبيرة لتوطيد العلاقات بين سكان الحي الذين يلتقون في أوقات الصلوات في المسجد، فانشغال الناس بأمور حياتهم وأعمالهم وأبنائهم لا يسمح لهم سوى الالتقاء على موعد الصلاة، بحسب وصفه.
"خصوصية رمضان وأوقاته المنظمة واجتماع الناس في الوقت ذاته تجعل فرصة الالتقاء بين الجيران أكبر وأسهل"؛ حيث يحرص أبو أسامة وسكان الحي على إحضار وجبة الإفطار نهاية الأسبوع إلى المسجد، وقضاء وقت ممتع مع المصلين.
ولا يقتصر التقاء المصلين في المساجد على وجبة الإفطار فحسب، بل تعداها للسحور؛ حيث يتفق المصلون بعد انتهاء صلاة التراويح على تحديد موعد السحور، وإحضار سحور خفيف يتناوله المصلون، ومن ثم يؤدون صلاة الفجر جماعة.
رمضان يحلو بأجوائه التكافلية وعمل الخير، وفق الثلاثيني خالد مارديني الذي لا يمكن أن يمر الشهر الفضيل بدون أن يوزع الماء والتمر على المصلين في المساجد القريبة من منزله، كما يحرص في ليلة القدر من كل عام على أن يدعو المصلين في الحي لتناول وجبة السحور.
"رمضان الخير كله خير"، بهذه الكلمات عبر الخمسيني أبو طلال عن الممارسات الإيجابية والعلاقات الطيبة التي تجمع سكان الحي، والتي تزداد قوتها في شهر رمضان؛ حيث تجمعهم وجبتا الإفطار والسحور في مسجد الحي طيلة أيام الصيام.
ويقول أبو طلال "الفكرة من هذه الولائم طلب الأجر والثواب واستمرار العلاقات الطيبة بين سكان الحي بدون تكلفة على أحد؛ حيث يحرص الجميع على إحضار وجبات طعام منزلية، مما تجود به الأنفس، بدون الميل إلى الابتذال والصرف والمبالغة في نوعية الطعام وكميته وكلفته".
رمضان هو شهر الخير والبركة، وهو فرصة للارتقاء الروحي والالتقاء الاجتماعي، وفق أخصائي علم الاجتماع الأسري مفيد سرحان، مشيرا إلى أن الوقت في شهر رمضان أيسر وأسهل منه في باقي أيام السنة، وذلك لبركة هذا الشهر ولضبط الوقت عند الكثير من الأفراد والأسر.
وتكثر اجتماعات الناس والتقاءاتهم في شهر رمضان، بحسب سرحان، في أوقات محددة كالفطور والسحور وصلاة الفجر، هذه الأوقات التي يجتمع عليها الغالبية سواء من الأقارب أو أهالي الحي، مستشهدا بالحديث النبوي الشريف "من فطر صائما فله مثل أجره"، الذي حث فيه على تفطير الصائم سواء كان فقيرا أم غنيا أو محتاجا أو غير ذلك.
ومن جهة أخرى، دأب كثير من المصلين في المساجد، بحسب سرحان، على التناوب في تقديم طعام الإفطار للمصلين، خصوصا في مساجد الأحياء التي يرتبط المصلون فيها بعلاقات قوية، معتبرا أنها من المبادرات الرائدة والرائعة التي تتحقق فيها معان عدة؛ أولها اكتساب أجر تفطير الصائم، وتوطيد العلاقات مع الآخرين، وزيادة أواصر المحبة، والألفة بين المصلين.
الأصل أن لا تكون مثل هذه المبادرات عالية التكاليف وأن تبتعد عن المبالغة حتى يستطيع جميع المصلين القيام بها، فالأجر يتحقق بإذن الله بعيدا عن نوعية وأصناف الطعام.
وفي بعض المساجد الكبيرة، يقدم المصلون التمر والماء في المسجد، ويذهبون بعد الصلاة للإفطار في بيوتهم، وهو ما يعد من أشكال التكافل والتراحم وزيادة الألفة والمحبة، إضافة إلى اكتساب الأجر والثواب، وفق سرحان.
ويعتبر سرحان هذه العادات والممارسات الإيجابية من الأمور التي يجي الحفاظ والحرص عليها واستمراريتها وإشراك الأبناء والأطفال بها وأن لا تقتصر على كبار السن فقط.
ويضيف "من الممكن أن يكون لسكان الحي تنظيم إفطار لأبنائهم ولو مرة واحدة في الشهر يغرسون من خلاله العادات عند الأبناء، وهي القدوة بالممارسة واستمرار العادات الإيجابية، وعدم انقطاعها لأن الالتقاء المباشر بين الناس، خصوصا على الطعام، له تأثير كبير على العلاقات".