مصير الخريجين الجدد

سلامة الدرعاوي

مع انتهاء الفصل الدراسي الصيفي وبدء العام الدراسي الجديد يكون قد تخرج في الجامعات الأردنيّة وكليات المجتمع المختلفة، ومراكز التدريب إضافة إلى راسبي التوجيهي الذين لا يرغبون بإعادته، أكثر من 150 ألف خريج منهم 88 ألف خريج من حملة الدبلوم والبكالوريوس والماجستير.اضافة اعلان
هؤلاء الخريجون سيدخلون سوق العمل، وسينضم غالبيتهم إلى القوى العاملة المتعطلة عن العمل بسبب عدم وجود فرص عمل لهم.
فالقطاع الحكومي باستثناء الصحة لم يعد يسمح بالتعيين، ونص على ذلك صراحة في قانون الموازنة العامة، الذي منع الحكومة من أي تعيينات إلا في حالات الضرورة والاستثناءات الخاصة وبشكل ضيق جداً، وهذا أمر طبيعي ومنطقي في ظل التضخم الإداري الكبير المؤكد في جهاز الدولة الإداري، والذي لم يعد قادراً على احتمال مزيد من أي قوى بشرية جديدة تدخل إليه، لأنه مشبع بأضعاف احتياجاته الفعلية، ولعل التراجع في فاعلية الموظف الأردنيّ عائد إلى هذا التضخم والتشوّه ما بين الاحتياجات الفعلية للقطاع العام وبين واقعه الإداري المرير الذي بات مكلفاً على الخزينة والخدمة العامة أيضاً.
أما القطاع الخاص فأوضاعه العامة لا تسر صديقا ولا عدوًا، فالتدخلات المختلفة من القوى النافذة في المجتمع من مختلف المستويات، كانت كبيرة ومشابهة لتلك التدخلات التي في القطاع العام والتي أدت إلى التدهور الذي هو عليه الآن، فغالبية مؤسسات القطاع الخاصة الكبرى منه مثل شركات التعدين والطيران والبنوك والاتصالات والطاقة تعمل اليوم بكوادر بشرية أكثر من احتياجتها الفعلية بنسبة 50 % على أقل تقدير، ناهيك من ان التطوّر التكنولوجي في وسائل العمل الحديثة خاصة فيما يتعلق بأنظمة الائتمتة الإلكترونية لا تساعد على التوظيف بالعكس هناك تقنين في التعيين لدى كثير من القطاعات كالبنوك على سبيل المثال، إضافة إلى ذلك فإن ضعف النشاط الاقتصاديّ وتراجع معدّلات النُمُوّ مؤشر مهم على ضعف الاقتصاد في خلق فرص عمل جديدة.
الجانب الأخر هو ان فرص الخريجين في العمل بالخارج وتحديدا لدول الخليج العربي لم تعد ممكنة او متاحة بالأعداد التي كانت عليها في السابق، فالأوضاع الاقتصاديّة هناك تغيرت كثيراً، وغالبية تلك الدول تنتهج اليوم سياسات التوطين لأبنائها في مختلف المهن، وهذا يعني تضاؤل فرص الانضمام لفريق المغتربين في الخارج.
هذا يعني ان كابوس البطالة سيتفاقم خطره على المجتمع الأردنيّ خلال الأشهر القليلة المقبلة، ومعدّلات
ال25 % ستكون من الماضي مع ارتفاعاتها الجديدة التي ستكون بمثابة الشرارة إلى ان يتم احتوائها بالسرعة الممكنة.
احتواء البطالة لا يكون إلا من خلال القطاع الخاص لا غير، ومن يقول غير ذلك فهو واهم، وهذا ما يستدعي على الحكومة التدخل الإيجابيّ وغير التقليدي نحو القطاع الخاص بشأن فتح باب التوظيف لديه، وهذا لا يكون بالكلام، إنما ببرنامج عمل داعم للتوظيف، يمنح القطاع الخاص التسهيلات للحفاظ على استدامته في العمل، ومن ثم تقديم الحوافر الكفيلة بدعم أنشطته التوسعية، مع إيجاد برامج تأمين اجتماعية وصحية وتوفير مخصصات العمل التشاركية في رواتب العاملين الجدد لدى القطاع الخاص، وتكون هذه البرامج ممولة من الخزينة والضمان والقطاع الخاص معاً مرفقة ببرنامج تدريبي يقوده أرباب العمل، هذا هو الخيار الوحيد المريح للحكومة التي من المفترض عليها الإحاطة بكل السبل الكفيلة بمواجهة البطالة وخلق فرص عمل جديدة للخريجين.