مطالبات بتجنب أخطاء "شتوية التوجيهي" في الدورة المقبلة

طلبة خلال مراجعتهم أحد مباحث شتوية التوجيهي-(تصوير: محمد مغايضة)
طلبة خلال مراجعتهم أحد مباحث شتوية التوجيهي-(تصوير: محمد مغايضة)

منى أبوحمور

عمان-  تدني نسب النجاح في “شتوية” التوجيهي، لاسيما خلو مدارس في الأغوار والبادية من أي طالب ناجح، استوقف التربويين وأولياء الأمور والطلبة؛ حيث دعوا إلى ضرورة البحث في أسباب “الإخفاق”  والعمل على تجاوزه في الدورة الصيفية.اضافة اعلان
تربويون وطلبة شكوا من “ضيق الوقت ونمط الأسئلة، وحالة من الإرباك” سادت المراقبة على امتحانات التوجيهي، ودعوا إلى ضرورة إعادة النظر في مناسبة الأسئلة مع مستويات الطلبة المختلفة، ومع الوقت المحدد.
وفي الوقت الذي حمل فيه البعض “التربية” مسؤولية مخرجات امتحان التوجيهي، أعرب آخرون عن رضاهم عن العملية التي سارت بها المراقبة وضبط الغش الذي ساد في السنوات الأخيرة.
ورغم أن محمد عبدالله النجداوي، طالب التوجيهي في الفرع العلمي، حصل على معدل 92.5 %، إلا أنه وصف امتحان الثانوية العامة بـ”الصعب”، آخذا على الوزارة “صعوبة الأسئلة، وتغيير النمط المعتاد دفعة واحدة، بدون أي نوع من التدريج”.
وينوه النجداوي إلى أنه مع “منع الغش، والتنويع في الأسئلة، على أن يجري ذلك تدريجيا لا دفعة واحدة، وعلى حساب مستقبل الطلاب، وهو ما أدى إلى إرباك الجميع”.
النجداوي، الذي كان يتوقع أن يحصل على معدل أعلى، يرى أن “أسئلة الامتحانات لا تراعي الفروق الفردية”، إضافة إلى “ضيق الوقت غير المتكافئ مع صعوبة الأسئلة وكثرتها”.
مديرة مدرسة أكاديمية السلط للبنين حنان الفاعوري، تلفت إلى أن “النتائج كشفت الحقيقة التي كانت مخبأة منذ سنوات طويلة”، مؤكدة مساندتها لقرارات وزارة التربية والتعليم التي “أعادت هيبة الامتحان، كما أعادت للنظام التربوي هيبته”.
ما يميز نتائج التوجيهي للعام 2014، وفق التربوية الفاعوري، أن “عديدا من المدارس دأبت على الغش المكتسب”، لافتة إلى “الفلتان الأمني التربوي في السنوات الماضية، أصبح يبني عرفا سلبيا لدى الطالب، بأنه ليس من الضروري أن يدرس ويتعب حتى يتمكن من النجاح، بل يكتفي بتسريب نموذج الامتحان له بطريقة ما”.
ولا تخفي الفاعوري أنها سعدت وكثيرون بالمخرجات، لأن تلك الإجراءات “كفيلة بعودة الحق لأصحابه الذين يكدون ويتعبون”.
غير أن الفاعوري لا تنكر وجود بعض السلبيات في امتحان التوجيهي في دورته السابقة، حيث كان هناك “إجحاف بحق الطلبة فيما يتعلق بموضوع الأسئلة التي لم يراع بعضها الفروق الفردية، وكانت تستهدف الطالب الذكي والمميز، بدون الأخذ بعين الاعتبار مستوى الطالب الجيد، والمتوسط الذي كان ضحية”.
ومع أن طالب الفرع العلمي حسام غالب الدبوش الحاصل على معدل 83 %، ثمن خطوة “التربية والتعليم” في ضبط امتحان التوجيهي في بعض القاعات، إلا أنه انتقد ما أسماه “سلبيات الامتحان” المشتملة على “عدم تناسب الوقت مع الأسئلة، واستبدال الأسئلة الموضوعية بالاستنتاجية”.
ويلفت الدبوش إلى أنه “لا ذنب له أن يقع ضحية سنوات من الانفلات والغش في امتحان التوجيهي”، وكان على الوزارة أن تتدرج في قراراتها ليعتاد الطلبة هذه الإجراءات.
“صدمة كبيرة”، بهذه العبارة وصف الطالب أسيد أمجد الرحامنة، الحاصل على 92.8 % في الفرع العلمي، حالته النفسية، بعد معرفة نتيجته في “التوجيهي”.
ويرى الرحامنة أن الإجراءات التي سبقت الامتحانات وما تخللها من حرمان وتغيير لنمط الأسئلة منذ سنوات، شكل إرباكا وتوترا للطلبة وأثر على حالتهم النفسية.
ومع ذلك، يتطلع الرحامنة إلى أن تراعي امتحانات الدورة المقبلة “مستويات الطلبة المختلفة”، فضلا عن “الأخذ بعين الاعتبار الحالة النفسية للطلبة وتجنب زيادة توترهم من خلال الابتعاد عن القرارات الفجائية”.
وفي السياق نفسه، تصف تالا الحديدي، التي حصلت على معدل 92.5 % الأسئلة، بأنها كانت “ذات طابع غريب، وغير مألوف، في حين كان بعضها الآخر عاديا”، مشيرة إلى أن بعضها “كان بحاجة إلى قراءة متكررة، حتى يتمكن الطالب من معرفة الإجابة”.
وتتابع الحديدي “التوتر النفسي الذي كان يحيط بقاعات الامتحان أربكنا كثيرا”، منوهة إلى الإزعاج الذي ترافق مع تفتيش الطالبات في القاعات.
وتلفت الفاعوري إلى أنه ومن خلال ملاحظات المصححين “كان هناك تشديد غير مسبوق” في هذا العام حول الإجابة النموذجية.
وتتابع “اتسمت الأسئلة بكثرتها وطولها، مقارنة بالوقت الذي لم يكن كافيا للطالب الضعيف والمتوسط، وحتى الطالب المتميز أحيانا، وهذا يعني أن بعض الطلاب حرموا من الوقت الكافي للتفكير في بعض الأسئلة”.
وتشير الفاعوري إلى ضرورة إعادة النظر بـ”النظام التعليمي ككل قبل أن يصل الطالب للتوجيهي الذي هو حصيلة 12 سنة من البناء والتأسيس”، مشددة على ضرورة وضع “خطط بديلة وفاعلة، لمعالجة ضعف الطلبة الذي كان “صادما” لأولياء الأمور والطلبة وللمؤسسات التعليمية على السواء”.
كما تشدد الفاعوري على أهمية “تدريب المعلمين وتأهيلهم”، ليتمتعوا بالخبرة الكافية والحرفية لتعليم الطلبة.
بيد أن التربوي شحدة بصبوص صاحب 29 سنة خبرة في تدريس مادة الرياضيات في التوجيهي، يرى أن الأولوية، قبل الحديث عن امتحان الرياضيات لهذا العام، هي للحديث عن الامتحان في الدورات الـ12 الماضية، حيث كانت بعض النماذج تتصف بـ”السهولة”، في حين كانت أخرى توصف أحيانا بـ”السطحية”.
ويشير بصبوص إلى أن الوزارة هذا العام قامت بمجموعة من الإجراءات التي كشفت عنها “دفعة واحدة”؛ إذ تميزت الامتحانات لهذا العام بطبيعة الأسئلة التي اختلفت كثيرا عن السابق، وكثرة الأسئلة التي “لم تمنح” الوقت الكافي للإجابة عنها.
ولذلك وصف بصبوص النقلة بين الأسئلة في الدورات السابقة وهذه الدورة، بـ”الفجوة”، وقد تأثر الطلاب بذلك كثيرا، رغم تنبيههم بأن هذه السنة ستكون مختلفة، إلا أنهم رجعوا في دراستهم إلى أسئلة السنوات السابقة التي كانت “أقل صعوبة ودسامة”.
غير أن بصبوص يأمل بأن يأخذ الطلبة “عبرة” من الدورة السابقة ومخرجاتها، ويتجاوزوا الأخطاء، مع تأكيده أن تمضي الوزارة بإجراءاتها “الصارمة والحازمة” فيما يتعلق بامتحان التوجيهي، مع الأخذ بتنبيه الطلاب وإعانتهم من خلال شرح آلية ومستويات الأسئلة.
وما يتمناه بصبوص، في الامتحانات المقبلة، أن يتم الاستمرار في تطبيق القوانين؛ إذ يرى أن التوجيهي “لا يرتبط بشخص فهو امتحان وطني”.
ويستنكر بصبوص ردود فعل العديد من أولياء الأمور الذين يجدون الغش “حقا مكتسبا لهم”، وأن ما تم من تقصير في الدورات الماضية هو “الأمر الطبيعي”، ما جعلهم يرفضون النسب الحقيقية التي حصل عليها أبناؤهم، مؤكدا أن ما تم من تشديدات سيؤهل للجامعة الطلاب الذين يستحقون دخولها فقط.
مصطفى عقل، مشرف اللغة الانجليزية، يؤكد تأييده لتطبيق القوانين الحازمة التي تحفظ هيبة امتحان التوجيهي، والابتعاد عن الأسئلة الموضوعية، واعتماد الأسئلة الاستنتاجية التي تتطلب من الطلاب الإجابة بجمل مفيدة، على أن يتم تزويد المدارس بنماذج مقترحة تدرب الطلاب عليها، لا أن تكون أسئلة الامتحان مفاجئة وصادمة للطلبة، وبدون مقدمات.
ويلفت عقل إلى أن أبسط علامات على القياس والتقوية في الأسئلة هي مراعاتها للمستويات المختلفة من الطلبة، في حين أن أسئلة امتحان الإنجليزي كانت “موجهة للطالب الجيد فما فوق، فيما كان الطالب المتوسط فما دون، محروما من الأسئلة المناسبة”.
ويدلل عقل على كلامه من خلال نتائج اللغة الإنجليزية التي كانت “متدنية جدا”؛ حيث بلغت نسبة النجاح في الفرع الأدبي 14 % والإدارة 28 %، وهذا يشير إلى “عدم مراعاة المستويات المختلفة لدى الطلاب في أنحاء المملكة كافة”.
وتتفق سلوى الفاعوري، مديرة مدرسة “الأكاديمية” للإناث، مع سابقيها؛ حيث تطالب “التربية” أن تعيد النظر في “منظومة التعليم في الأردن”.
وتستنكر سلوى “خلو العديد من المحافظات من الناجحين”، واصفة الأمر بـ”غير المنطقي”.
ومن جهة أخرى، تجد سلوى أنه “ليس من حق الوزارة أن تمنع أي طالب من مراجعة دفتر الإجابة في حال شك أن علامته المتدنية غير حقيقية”.

[email protected]

munaabuhammour@