مطالبات بتحديد موعد لإعلان نتائج حادثة اعتصام المعلمين

هديل غبّون

عمّان- أثارت تسريبات نشرتها “الغد” على موقعها الإلكتروني الثلاثاء الماضي، حول انعقاد اجتماع “رفيع المستوى” بين وزير الداخلية سلامة حمّاد ومدراء الأجهزة الأمنية مع لجنة تقصي حقائق ما حدث في اعتصام المعلمين قرب الدوار الرابع في الخامس من أيلول (سبتمبر) الماضي، الجدل مجددا بشأن الأسباب التي أخرت صدور نتائج التقرير. اضافة اعلان
واعتبر مراقبون ومدافعون عن حقوق الإنسان، أن عقد ذلك الاجتماع بحد ذاته، مع اللجنة المنبثقة عن المركز الوطني لحقوق الإنسان، التي تلتزم بموجب قانون المركز، بإصدار تقرير محايد عن وضع الانتهاكات التي حدثت في ذلك اليوم، يتعارض مع مبدأ الحيادية عموما، رغم غياب إعلان تفصيلات الاجتماع لوسائل الإعلام كون “التحقيق سرّيا”.
ولم يعرف فيما إذا عقد الاجتماع رفيع المستوى في مقر “حقوق الإنسان” أو بمقر حكومي، في الوقت الذي تشكلت فيه لجنة الرصد وتقصي الحقائق الخاصة بأزمة المعلمين في 8 أيلول (سبتمبر) الماضي، إذ قال مراقبون “إن إعلان نتائج تقارير رصد الانتهاكات، غير مشروطة بجدول زمني، إلا أنها بالضرورة لا بد أن تكون مرتبطة بمدة زمنية معقولة”.
من جهته، قال الخبير الحقوقي المحامي، رياض صبح، إن أي عمل تقصي حقائق في أي قضية، يتطلب توخي أعلى درجات الموضوعية والدقة، من خلال الرصد المباشر من خلال فريق التقصي، مشددا على أن تعاون الجهات المختلفة المعنية أو التي يقع عليها “الاتهام أو الظن” بموضوع التقصي، هو تعاون ملزم، مشيرا إلى أن أي تباطؤ في عملية التحقق هنا، أو الامتناع عن الرد أو تزويد جهة التقصي بالمعلومات، هو مسؤولية حكومية.
وبين صبح، في حديث لـ”الغد”، أن وتيرة جمع البيانات وتحديد الجهات المسؤولة عنها، فيما إذا كانت وزارة الداخلية أو مديريتا الأمن العام أو قوات الدرك أو أي جهة أمنية أخرى، أو حتى لو كانت مسؤولية رئيس الحكومة مباشرة، ترتبط أيضا بمدى تعاون الجهات الرسمية، مؤكدا أهمية الاستعجال في تزويد “حقوق الإنسان” بالبيانات اللازمة.
وقال “وفقا للمعايير الدولية في تقارير الرصد من الضروري الاستعجال في إعلان النتائج ضمن فترة زمنية معقولة، وفي شكوى انتهاكات المعلمين المركز أبدى اهتمامه بأعلى مستوى في الأمانة العامة ومجلس الأمناء والمفوض، وأي تأخير يضع الحكومة أمام مسؤولياتها”.
وبين صبح أنه بموجب تعديلات قانون المركز الوطني لحقوق الإنسان رقم 4 لسنة 2017 ، أصبح الاستعجال في تقديم المعلومات “ما أمكن” ملزما، وأن “أي تأخير يعطي مؤشرات سلبية على تعاون الحكومة وليس على أداء المركز، الذي يصدر من جهته تقريرا محايدا كجهة رقابية وليست قرارات”، على حد تعبيره.
ورأى أن اعتذار رئيس الوزراء عمر الرزاز في اليوم الذي سبق إعلان انتهاء إضراب المعلمين، في 5 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، ينطوي على تحميل حكومته المسؤولية السياسية عموما، فيما يتبقى الشق المتعلق بالمسؤولية الإجرائية في الوقفة الاحتجاجية والشكاوى والانتهاكات المتعلقة بها.
وأَضاف صبح “يجب أن تكون الحكومة مهتمة بطبيعة الخطأ الذي ارتكب خلال الواقعة، وفيما إذا كان متعلقا بالسياسات الحكومية، أو كأخطاء فردية على سبيل المثال في تقييم حالات التوقيف في المركز الأمني”.
وعلمت “الغد” من مصادر مطلعة، أن التعليمات الداخلية لإنفاذ قانون المركز، توجب على الجهة الرسمية الرد على استفسارات لجان الرصد خلال شهر كحد أقصى، فيما نصت المادة 8 من قانون المركز، على أنه للمركز “أن يطلب أي معلومات أو بيانات أو إحصاءات يراها لازمة لتحقيق أهدافه من الجهات ذات العلاقة وعلى هذه الجهات إجابة الطلب بدون إبطاء أو تأخير”.
وأصبح من مسؤولية المركز الوطني لحقوق الإنسان بموجب تعديلات قانون 2017، في نص المادة 5 أن المركز يتولى “رصد” أوضاع حقوق الإنسان في المملكة، لمعالجة أي تجاوزات أو انتهاكات لها، ومتابعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لهذه الغاية بما في ذلك تسويتها أو إحالتها إلى السلطة التنفيذية أو التشريعية أو المرجع القضائي المختص لإيقافها وإزالة آثارها، بعد أن كانت قبل التعديل “التحقق من مراعاة أوضاع حقوق الإنسان”.
من جهته، قال الخبير في مواجهة العنف وحقوق الإنسان، هاني جهشان، إن أبرز معايير إعداد تقارير انتهاكات حقوق الإنسان، تتضمن عناصر تشمل معلومات وتاريخ الإبلاغ عن الانتهاك وأنشطة استقصاء المعلومات عن الحدث المدعى به، ورصد الحقائق وتوثيق هذه المعلومات، وعرض النتائج وتضمين النتيجة محاور بهدف التغيير الإيجابي واقتراح توصيات لاتحاذ إجراءات تصحيحية.
وأوضح جهشان، المستشار الأول في الطب الشرعي أيضا، أن التقرير المرتقب في قضية انتهاكات المعلمين، يتوقع منه أن يراعي 11 بندا هي؛ الاستقلالية والنزاهة القائمة على معلومات دقيقة وشاملة، واحترام سرية المعلومات والحصول على الموافقات المستنيرة من الذين يتم استقصاء المعلومات منهم، وأن تكون الصياغة بسيطة موضوعية واضحة، وشاملة للحقائق والتحليل بشكل منفصل، ويجب أن تكون المعلومات مدعمة من أكثر من جهة وتتضمن تقارير طبية وصور الإصابات والإفادات الشرطية والتقارير الإعلامية والرقمية ومقابلة الشهود.
وأكد ضرورة أن يخرج التقرير أيضا بشكله النهائي بعد مراجعة ورصد دقة أنشطة استقصاء المعلومات، وأن يحتوي على رسالة حقوقية شفافة وواضحة موجهة لعموم المواطنين، وأن يخرج بتوصيات محددة قابلة للتطبيق بجدول زمني، إضافة إلى ملخص عن منهجية إعداده، وأن يتم الإعلان عن الوقت المحدد لإعلان النتائج، وكذلك أسماء الأشخاص المكلفين بإعداد التقرير، والنشر بأقرب وقت ممكن بعد مرور التقرير في الإجراءات الإدارية المعتمدة في المؤسسة التي تصدر التقرير.
وحول الاجتماع “رفيع المستوى”، قال جهشان إن مضمون الخبر حول حضور وزير الداخلية ومدراء الاجهزة الأمنية، “ترك رسالة أنه اجتماع ند بند وليس استقصاء مع الوزير والمديرين (الاستقصاء بانتهاك حقوق الإنسان ليس استقصاء قضائيا ولا يستوجب موافقات قانونية أو إدارية)”.
واعتبر أن بحث الشكاوى، خلال الاجتماع مع الوزير والمسؤولين الآخرين، “يشير إلى غياب الاستقلالية وأيضا لإفشاء معلومات تحقيقية مفترض أن تكون سرية لجهة طرف مسؤولة عن الانتهاكات”.
ورأى جهشان، أن الإعلان عن نتائج تحقق اللجنة، كان يجب أن يعلن للرأي العام بموعد محدد، قائلا “أي تأخير غير مبرر قد يشير لشبهة حجب المعلومات أو المواربة بها”، فيما شدد على أن التحقق من مدى الالتزام بالمعايير في التقرير، مرهون بنتائج التقرير بعد صدوره بشكله النهائي.
وأشار إلى أن “انتهاك حقوق الإنسان عادة لا يتم إلا من قبل الحكومة”، قائلا، “إنه مبدأ عام يتم التغاضي عنه عادة، أي من أعلى سلطة في المؤسسة التي ارتكبت الاعتداء، وأن من قام بالتعنيف يكون قد ارتكب جرما مخالفا لقانون العقوبات”.
وبين جهشان “بمعنى أن من قام بفعل التعنيف يكون قد ارتكب جرما ويعتبر متهما حسب قانون العقوبات، أما من انتهك حقوق الإنسان فهو أعلى سلطة سمحت بالتعنيف أو تراخت بالوقاية من حدوثه، أو لم تعاقب عليه بهدف ردعه”.
وشدد على أنه لا بد بناء على ما سبق، “أن يتم تقصي المعلومات من الوزراء والمدراء كأفراد من مجموعة المشتبه بهم بارتكاب الانتهاكات”.