مطالبات بـ"ثورة بيضاء" لمعالجة ثغرات الاستثمار

mo335vk4-1
mo335vk4-1

طارق الدعجة

عمان- دعا خبراء واقتصاديون إلى ضرورة الشروع بثورة بيضاء هدفها معالجة ثغرات وتحديات الاستثمار في المملكة خصوصا تلك المتعلقة بالجانب التشريعي والإداري وكلف الإنتاج.اضافة اعلان
وبين الخبراء لـ"الغد" أن بيئة الاستثمار في المملكة ماتزال تعاني من غياب المرجعية الواحدة وسط تعدد التشريعات المسؤولة عن ملف الاستثمار الأمر الذي يعمق البيروقراطية ويزيد طول الإجراءات خاصة فيما يتعلق بالحصول على التراخيص وبدء الأعمال.
وأوضحوا أن المستثمر في الأردن يعيش في "دوامة" لأنه يحتاج إلى مراجعة أكثر من جهة حكومية لإتمام المعاملات اللازمة لإقامة مشروعه في ظل وجود قرابة 43 جهة حكومية لها ارتباط مباشر بإجراءات منح التراخيص والتسجيل وفق دراسات رسمية.
ولفتوا إلى أن النافذة الاستثمارية التي يفترض أن تكون البوابة الأولى التي يلجأ إليها المستثمر ما تزال معطلة بسبب عدم امتلاك أغلب القائمين عليها ممن يمثلون المؤسسات المعنية بالاستثمار بكامل الصلاحيات للرد على الطلبات التي ترد اليهم من المستثمرين لاقامة مشاريع محددة.
ولفتوا إلى أن تحسين بيئة الاستثمار بالمملكة تتطلب تفعيلا حقيقيا للنافذة الاستثمارية لتعزيز مركزية القرار إضافة إلى إعادة النظر بكلف الإنتاج المتعلقة بأثمان الطاقة وأجور النقل ومنح المزيد من الحوافز للمستثمرين.
وتصدر ملف الاستثمار في المملكة خلال الأسبوع الماضي اهتماما كبيرا من قبل رأس الدولة الملك عبدالله الثاني بالرسالة التي بعثها الى مدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني تضمنت "اما وقد دخل الأردن الآن مئويته الثانية، بثقة كبيرة وآمال عريضة، وبعد أن أنجزنا الكثير من أسباب التمكين لمؤسساتنا صاحبة الاختصاص التشريعي الأصيل، في التعامل مع بعض القضايا التي أشرت إليها، وخاصة القضايا المرتبطة بالتثبت من سلامة الاستثمار وسلاسته، وشرعية مصادر التمويل، وبعد أن استكملنا بناء مؤسسات ترسخ النزاهة وتحارب الفساد، وأنجزنا عملية تطوير لمؤسساتنا الرقابية المنصوص عليها في الدستور وغيره من التشريعات، مثل ديوان المحاسبة، فضلا عن تطوير منظومتنا القضائية، فإنه يتعين على هذه المؤسسات والجهات أن تتصدى فورا لاختصاصاتها الدستورية والتشريعية الأصيلة هذه، لتتحرر دائرة المخابرات العامة من العبء الكبير الذي نهضت به، مضطرة ومشكورة ومدفوعة بالحرص العميق على بلدنا الغالي، في هذه المجالات الخارجة عن اختصاصاتها، لسد الثغرات، ولكي تتفرغ للعمل الاستخباري المحترف بمفهومه العصري الشامل".
وكان رئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات قال إن " العقلية البيروقراطية التي تدير الاستثمار في الدولة غير قادرة على فهم ما يدور حولنا، وان الأشخاص الذين يديرونه غير مؤهلين وغير قادرين على فهم نصوص القانون واستيعابه، وفهم رغبة الدولة وقدرتنا على التنافسية وجذب الاستثمار".
وأكد العودات أن التشريعات الناظمة لعملية الاستثمار تعاني "فوضى كبيرة" لا بد من إعادة تنظيمها ضمن تشريع واحد يكون مرجعية للمستثمر.
بدوره أكد وزير الدولة لشؤون الاستثمار الأسبق مهند شحادة أهمية تنفيذ التوجهات الملكية بفصل السلطات وإيجاد مرجعيات موحدة لكافة شؤون الدولة تكون حسب الاختصاص.
وشدد شحادة على ضرورة مراجعة القوانين والتشريعات وتفكيكها والزام المسؤول اتخاذ القرار المناسب حسب صلاحياته والحد من تقاطع الصلاحيات من خلال تفعيل النافذة الاستثمارية ومنح القائمين عليها كامل الصلاحيات.
وأشار إلى ضرورة الاستفادة من التقارير الدولية خاصة المتعلقة بسهولة وممارسة الأعمال إذ تعتبر توصياتها بمثابة وصفة مجانية لمعالجة التحديات ومعيقات الاستثمار وبيئة الأعمال بالمملكة.
وقال إن "المستثمر يخرج من الأردن بسبب ارتفاع كلف الإنتاج والاستثمار بالمملكة" مشددا على ضرورة حل مشاكل ارتفاع الطاقة وأجور النقل والعمالة في ظل المنافسة الشرسة على جذب الاستثمارات من قبل دول المنطقة.
وشدد شحادة على ضرورة ان تكون رؤية الحكومة استثمارية وليست مالية فيما يخص جذب الاستثمارات بمعنى يمكن التنازل عن دخل آني ما قبل استقطاب استثمار يوفر فرص عمل ويحقق التنمية بالمجتمع المحلي.
وقال الخبير الاقتصادي د.ماهر المدادحة إن " توفير بيئة صحية جاذبة للاستثمار تتطلب ثورة بيضاء تشمل إصلاحات اقتصادية وإدارية وسياسية من أجل ترتيب البيت الداخلي".
وشدد المدادحة على ضرورة تحرير القطاعات الاقتصادية بشكل كامل وعدم وضع معيقات للاستثمار إضافة إلى تخفيض الكلف وإجراء إصلاح هيكلي ومؤسساتي وتشريعي وثقافة اختيار القيادات.
وأشار إلى ضرورة رؤية واضحة للإصلاح من خلال وجود فريق يؤمن بذلك، مبينا أن الاستثمار بحاجة إلى توحيد مرجعية الاستثمار وتفويض القائمين على النافذة الاستثمارية بكامل الصلاحيات بما يعزز مركزية القرار.
وقال إن "أخطر قضية تمر بالمملكة تتمثل في وضع الأشخاص في أماكن غير مناسبة" مؤكدا أهمية المضي بخطوات في معالجة معيقات الاستثمار بالمملكة.
وشدد الخبير الاقتصادي د.غازي العساف على ضرورة تحديد القطاعات وترتبيها حسب الأولويات فيما يتعلق بالاستثمار إضافة إلى منح حوافز بتكاليف الطاقة خصوصا للقطاعات التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة في عمليات الانتاج.
وأكد العساف أهمية تنفيذ الاستقرار بالتشريعات واستكمال تفعيل القوانين الاقتصادية مثل الاعسار إضافة إلى إعادة النظر بكلف الطاقة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وقال العساف إن "المؤسسة ما زالت غائبة عن إدارة ملف الاستثمار" مشيرا إلى أن المستثمر يعيش اليوم في متاهة من أجل استكمال معاملات التراخيص وبدء العمل عدا عن تعدد الجهات الرقابية بعد البدء بالإنتاج.
وأقر وزير العمل وزير الدولة لشؤون الاستثمار بأن "النافذة الاستثمارية غير نافذة، وأن غالبية المفوضين لا يمتلكون الصلاحيات التي تمكنهم من تسريع عمل المستثمرين وإنجاز معاملاتهم".
وأضاف عبر فيديو له نشره على صفحته الشخصية (الفيسبوك)، انه لا يوجد رؤية واستراتيجية فاعلة للاستثمار، وكذلك ضعف الامتيازات المقدمة للمستثمرين وخصوصا في ضوء تغيير قانون ضريبة الدخل، وعدم وجود حوافز حقيقية لزيادة الصادرات الوطنية بالرغم من اثرها الإيجابي على النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل.
وأشار إلى أن هنالك بيروقراطية كبيرة في الإجراءات الحكومية، ناهيك عن عدم استقرار التشريعات الحكومية، وارتفاع تكاليف الإنتاج بمختلف اشكالها (ضرائب رسوم طاقة نقل، مواد خام، تمويل، وغيرها)، وهذا يؤثر على القدرة التنافسية للمستثمرين.
ولفت إلى عدم وجود مظلة واحدة لجميع الإجراءات التي تحكم الاستثمار في الأردن، فهيئة الاستثمار منفصلة تماما عن وحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص وكلاهما منفصل عن الاستثمارات الحكومية وهكذا كل جهة تعمل على رأسها، مشيرا إلى عدم وجود دراسات جدوى واضحة ومؤكدة لعوائد الاستثمار على الفرص الاستثمارية، التي تعلنها هيئة الاستثمار، لضعف الموازنة المخصصة لهذه الغاية.
ويشار إلى أن تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل للأردن خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي تراجع بنسبة 2 % أو ما مقداره 7.2 مليون دينار مقارنة مع العام الذي سبقه، بحسب آخر الأرقام الصادرة عن البنك المركزي الأردني.
ووفقا للتقرير الشهري للبنك المركزي تبين أن الاستثمار الأجنبي المتدفق للأردن خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي قد بلغ 389.9 مليون دينار مقارنة مع 397.1 مليون دينار في الفترة نفسها من العام 2019.