مطلوب خدمة علم!

المفارقة في موضوع طرح برنامج شبيه بخدمة العلم مؤخرا، هو تفاعل الأهالي من الفئات الاجتماعية والتعليمية والمهنية كافة، باتجاه تفعيل البرنامج وبالسرعة الممكنة!اضافة اعلان
استشعار الخطر صار ملحا بالنسبة لأحكامنا الظاهرية تجاه شباب الوطن، وهم في البداية أبناؤنا، ولن نستحي حين نقول إن خوفا عميقا يساورنا حين نستمع إليهم ونشاهدهم ونراقب تصرفاتهم وأساليب تعاطيهم مع أمور الحياة.
لن يحل برنامج قصير المدى المشكلة بالطبع، لكن مجرد الاعتراف بأن خطبا ما يساورنا تجاه أولادنا هو بالتأكيد جزء من الحل.
لا شك وأن سهولة التعامل مع مجريات وأحداث الحياة بالعموم، التي سببها التطور العلمي والتكنولوجي المتسارع، هي العذر الأول فيما آلت إليه سيكولوجيا شباب العصر، الذين يتعاملون فعليا ببرود الأفعال واستسهال الطرق وتسويف الحلول، ما يثير عصبية وغضب الأهالي الذين عانوا الأمرين في طريق شقهم وشقائهم نحو أي شيء متاح أو غير متاح.
هذه المتلازمة التي أصبحت سمة الحوار ما بين جيلين متتاليين، فرق بينهما عصر شاسع من الثورة التكنولوجية والاتصالية، هي السبب الرئيسي الذي يدفع الأمهات والآباء نحو بصيص الأمل القادم من الماضي، يعيد أبناءنا إلى جادة الصواب من وجهة نظر الأهالي بالطبع، وهي ليست بالضرورة وجهة نظر صائبة!
لكن في كل الأحوال، خدمة العلم بتوليفتها الجديدة المقترحة، ولو أنها ليست نهائية حسب تصريحات رئيس لجنة التربية في مجلس النواب الدكتور إبراهيم البدور، والمقترح تسميتها بالخدمة الوطنية أو خدمة الوطن، سوف تكون مرحلة مهمة من أعمار أبنائنا المحتاجين حقا لصقل شخصياتهم الوطنية وإدماجهم في مهام إنسانية وخدمية اجتماعية، إلى جانب تدريبهم على بعض المهارات المهنية التي لا غنى عنها حتى مع توافر خدمة التوصيل إلى الباب!
هذا الأمر لن يتنافى مع معاصرة التطورات الإيجابية في مناحي الحياة عموما. بل بالعكس، المطلوب من هكذا برنامج هو إدماج متطلبات العصر الحديث مع إمكانيات الشباب ومعارفهم ومهاراتهم.
قبل يومين، فتح الإعلامي طارق حامد، وعبر برنامجه الصباحي "مع الحدث"، موضوع خدمة العلم، وطلب من المستمعين المشاركة في إبداء آرائهم. وقد كانت نسبة تأييد الفكرة مائة بالمائة حرفيا. مع مقترحات بناءة تثري الفكرة الأساسية؛ إعادة الشباب "إناثا وذكورا" إلى مرحلة وسطية معتدلة يطفئون فيها هواتفهم النقالة، ويغلقون حسابات التواصل والألعاب الالكترونية والرقمية، ويبدؤون بتعلم لغات الحياة الأخرى؛ الموسيقى والشارع والتنفس والصمت. يتدربون على أساسيات حسية تشغل أدمغتهم وأحاسيسهم وضمائرهم بالمرة!
نعم، نحن بحاجة ماسة لخدمة الوطن، إن كانت ستأخذ بأيدي الشباب إلى الحقيقة وتمنحهم فرصة الاندماج بقضايا المجتمع فيتعلمون قيما كبيرة كالصبر والتضحية واحترام الآخر وتبادل الآراء في أجواء عصرية ومحترمة. ستة أشهر ليست مدة طويلة نخاف على أبنائنا أن تضيع من أعمارهم. فهي تجربة مشتركة وطنية تربوية ستكون فاعلة جدا لو أنها توجهت للخدمة الاجتماعية ودروس بناء الذات ضمن دائرة الكل.