معادلة التوجيهي "التركي".. منافسة غير عادلة

الثانوية العامة "التوجيهي" كانت وما تزال اهم خطوة لأي أردني يريد ان ينطلق في حياته؛ فهي التي تحدد ماذا ستدرس في مؤسسات التعليم العالي، وهي أيضا تحدد عملك المستقبلي ووجهتك، وحتى وضعك الاجتماعي.اضافة اعلان
التوجيهي مرّ بتغيرات كثيرة طالت محتواه التعليمي وطالت أيضا أسلوب عقده، فكان في فترة الثمانينيات ولغاية منتصف التسعينيات يُعقد على دورتين -شتوية وصيفية - ثم في 1997 تم تعديل المناهج وعُقد على دورة واحدة صيفية، ثم تعدل وتغير خلال العشرين سنة مرات ومرات، وما يزال يتغير إلى الآن حتى انه تم إنشاء لجنة لتطوير امتحان التوجيهي قبل شهر.
في الأردن، كل امتحان توجيهي مرتبط بوزير تربية؛ حيث تتغير صعوبة الامتحان ونتائجة حسب الوزير، فنشاهد في دورة معينة نسبة الرسوب عالية وأعلى طالب في المملكة يحصل على معدل 98 %، وفي السنة التي تليها -ومع تغيير الوزير- تصبح نسب النجاح مرتفعة ويحصل أكثر من 70 طالبا على معدل 100 %!
كل هذه التغيرات ذهبت ببعض الاهالي -المقتدرين مالياً- الى إرسال أبنائهم الى دول أخرى للحصول على شهادة توجيهي، حيث يتم فيها الحصول على علامات عالية نسبيًا - لا يستطيع الطالب تحصيلها في الأردن- ومن خلالها يكمل الطالب دراسته في التخصص الذي يرغب داخل الأردن او خارجه.
هذه الظاهرة بدأت فعلياً منذ العام 2012 ؛حيث ذهبت مجموعة من الطلبة الى عدة دول وكانت تركيا والسودان اكثر هذه الدول رغبةً عند الطلبة والاهالي للحصول على شهادة توجيهي، حيث تتم معادلتها في وزارة التربية، وعندها تصبح نظامية وموازية لشهادة التوجيهي الأردنية.
بعدها وخلال فترة قصيرة اصبح هذا النهج سائداً في الأردن واصبح عدد الطلبة يتضاعف حتى وصل في سنة من السنوات 6 آلاف طالب في تركيا وحدها، وأصبح اي طالب لا يستطيع النجاح في الأردن او يريد معدلا عاليا يذهب الى تلك المدارس ويحصل على ما يبغي.
المشكله تعمقت أكثر؛ وأصبحت هذه الدراسة استثمار، حيث قام أشخاص أردنيون بإنشاء مدارس في تركيا وإرسال الطلبة الأردنيين الى هناك، بعد أخذ مبالغ مالية منهم وصلت الى 15 ألفا للطالب الواحد.
الحكومة تنبهت لهذا الشيء ولم تعترف وزارة التربية بهذه الشهادات خصوصاً عامي 2015 و 2016، لكن بعد ضغط نيابي وشعبي من أهالي الطلبة تم الاعتراف بها، وقيل للرأي العام انه لن يتم الاعتراف لأي شخص يدرس بعد هذا التاريخ.
لكن بعد سنة من هذا التاريخ عادت المشكلة مرة أخرى واعترف وزير التربية في هذه الشهادات تحت نفس الضغط النيابي والشعبي، وأذكر في العام 2018 حينها كنت رئيس لجنة التربية في مجلس النواب وكان د.وليد المعاني وزيراً للتربية، حينها تم وضع أسس لمعادلة هذه الشهادات حيث كان أهم هذه الشروط هو ان يتم الاعتراف بهذه الشهادات من بلد اصدارها، وعقد امتحان تقييمي لهم.
لكن تغيرت التعليمات عدة مرات حتى أجرت الحكومة في كانون الأول من هذا العام تعديلات اضافية على تعليمات معادلة شهادات الثانوية الأجنبية تضمنت شروط الاعتراف بهذه الشهادات، وهي:
أولاً: أن تكون المدرسة المانحة للشهادة المطلوب معادلتها معترفا بها من لجنة الاعتراف بالمؤسسات التعليمية غير الأردنية المشكلة وفق أحكام النظام.
ثانيا: أن يُقدِّم حامل الشهادة المطلوب معادلتها ما يثبت إقامته في بلد الدراسة مدة لا تقل عن سنة دراسية وفقًا للتقويم المدرسي فيها.
ثالثًا: أن تؤهِّل الشهادةُ المطلوب معادلتها حاملَها للالتحاق بالجامعات الرسمية داخل الدولة التي صدرت الشهادة عنها.على أن يخضع حامل الشهادة المطلوب معادلتها لاختبار القدرات المعرفية والتحصيلية الذي تُجريه الوزارة وتعتبر نتيجة اختبار القدرات المعرفية والتحصيلية هي المعدل المعتمد لأغراض القبول في الجامعات الرسمية والخاصة.
وألغت اشتراط تقديم ما يثبت إقامة حامل الشهادة مدة لا تقل عن سنة دراسية في بلد الدراسة واستبدال سنتين دراسيتين بها وذلك للطالب الذي يدرس بغير اللغة الأصلية لجنسيته.
وكالعادة جرت خلال الايام السابقة ضغوطات نيابية وشعبية وتم أخذ قرار بالموافقة على معادلة شهادات الثانوية العامة التركية دون إخضاع حامليها لأي امتحانات!
أعتقد ان هذا المسلسل لن ينتهي عند هذه السنة، حيث سيعود الاهالي للضغط شعبيًا ونيابياً العام المقبل وسيتم الرضوخ لمطالبهم وتؤجل التعليمات للسنة التي تليها وهكذا.
لذلك ولكل ما ذكرنا سابقاً؛ لا بد من قرار حاسم في هذا الموضوع، بحيث يقوم الطلبة الراغبون في هذا النوع من الدراسة بتسجيل اسمائهم في الوزارة قبل الذهاب لهذه الدول، كما يجب ان يأخذوا اعترافا للدراسة في مدارس محددة، وكذلك عدم الاعتراف بأي شهادة لا يُعترف بها في دولة الاصدار وعمل اختبار قدرات وتعتبر نتيجة الاختبار هي المعدل المعترف به للدراسة في الجامعات.