معاريف - اصمتوا قليلا

بقلم: شلومو غازيت

 هذه الايام تحل الذكرى الثلاثين لتوقيع اتفاق السلام مع مصر. واليوم نحن نعرف بان احدى الخطوات الأولى التي سمحت بالاختراق كانت اللقاءات السرية التي عقدها وزير الخارجية موشيه ديان مع القيادة المصرية. العلاقة السرية التي عقدناها مع  المغرب ادت الى مبادرة الوساطة من الملك المغربي والى المحادثات التمهيدية. وقد نجحت تلك المحادثات في دفع المسيرة الى الامام بفضل سريتها فقط. التسريب كان سيحرج القاهرة وتل ابيب على حد سواء فتضع حدا لها.

اضافة اعلان

 اليوم لم يعد ممكنا عمل ذلك. لا امل في ان يبقى السر طي الكتمان. رئيس الوزراء اليوم كان سيستغل المنصة وبدلا من ان يرد على منشورات اجنبية بـ "لا تعقيب" ، كان سيتبجح بالاتصالات السياسية التي نجريها حتى مع زعماء اعدائنا، في كل مكان على وجه الكرة الارضية. اذ ان لسياستنا الخارجية يدا طويلة.

 عوديت غرانوت محلل الشؤون العربية في القناة الأولى، روى عن حديث له مع الرئيس المصري. فقد اقترح على الرئيس ان يقوم بزيارة سرية الى إسرائيل لاجراء محادثات حميمة مع رئيس الوزراء. "أجننت؟"، اجابه، "عندكم لا أمل في ان يبقى السر طي الكتمان".

 الاحتياجات الامنية تضطرنا الى تنفيذ اعمال بهدف المس بالقدرة التنفيذية لاعدائنا. يوجد لهذا تاريخ طويل. عرفنا عمليات كهذه حتى في اثناء حرب الاستقلال. وانا أرى في هذه العمليات ضرورة حيوية رغم أني آسف على اننا نضطر الى عمل ذلك. وباستثناء وقت الحرب النشطة – لا ينبغي لدولة عادية ان تستخدم قواتها في اراضي دولة اخرى، وبالتأكيد لا تتباهى بذلك.

 عرفنا بعمليات سلطات الكتلة الشيوعية التي درجت على العمل خارج حدود الكتلة ايضا. وحسب الشائعة، فان روسيا اليوم، اغلب الظن لا تدس يدها في الصحن. هنا وهناك تعزى اعمال كهذه للولايات المتحدة ايضا. ولكن الجميع عرف وحرص على عدم الاعتراف وبالتأكيد عدم التباهي بذلك.

 لا ادري من نحاول ان نخدع. فكل "المنشورات الاجنبية" ليست سوى سبيل رقيق لتجاوز الرقابة العسكرية. فدون استثناء (من اجل الحذر، اضيف "تقريبا") فان مصدر النشر هو عندنا دوما. يسربون للمراسل الفلاني قصة، وهذا يحرص على نشرها في الخارج، نشر يكاد لا يحظى بأي صدى هناك، ولكنه على الفور يعود الى البلاد ويخترق السد.

 اذا ما الضير في ذلك؟ اولا، السبب العملياتي. في الذات لاننا سنكون مطالبين اغلب الظن بمواصلة النشاط السري، فان النشر الزائد يضع مصاعب في التخطيط والتنفيذ للعمليات في المستقبل. ثانيا، النشر يخلق ضغطا على الطرف الاخر للرد والانتقام. لقد تعرضت إسرائيل لصواريخ سكاد العراقية في حرب الخليج الأولى رغم انه لم يكن لنا دور في الحرب. كان هذا ثأر صدام حسين على الهجوم على المفاعل النووي في بغداد. وأخيرا، إسرائيل تعيش في مجال جغرافي سياسي معين. ومع الدول حولنا يتعين علينا ان نقيم علاقات جيدة. نعم، حتى مع السودان. فلا يجب ان نترك رواسب زائدة في سعينا الى التعايش مع جيراننا.