معاناة الاقتصاد المصري

تفجرت في مصر، خلال الفترة الماضية، أزمة سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، إذ لامست العملة المصرية في السوق السوداء قرابة 13 جنيهاً للدولار، ما دفع كثيرين للشكوى من شطط ارتفاع الأسعار بصورة جنونية، كنتيجة طبيعية لما يحدث.اضافة اعلان
يمثل ما يجري في الاقتصاد المصري نتاج سنوات عانت فيها البلاد من انشقاقات وفقدان بوصلة الأمن والأمان، بما هوى بالاستثمار إلى مستويات دنيا، وأدى إلى تراجع الحوالات من 20 مليار دولار إلى 2 مليار دولار. هذا إلى جانب عدد من العوامل المتعلقة بعدم تدفق المساعدات الخارجية من قبل دول الخليج كما كانت سابقا، والمشاكل الأمنية التي ضربت القطاع السياحي هناك في مقتل.
بدأت الأزمة المصرية فعليا منذ أوائل العام 2011، في ظل ما يعرف بـ"الربيع العربي"، وتجلت بالإطاحة بحكم الرئيس حسني مبارك. في تلك الفترة، كان الجنيه المصري يتحرك حينها بين 6-5 جنيهات مقابل الدولار، مدفوعا بتدفق الاستثمارات وحالة الاستقرار. لكن كل تلك الأمور أصبحت ضربا من الماضي.
اليوم، تتجه مصر إلى صندوق النقد الدولي. وقد بدأت بعثة "الصندوق" فعلا زيارتها للقاهرة الساعية لاقتراض 12 مليار دولار من أجل الشروع في برنامج إصلاحي جديد مدته ثلاث سنوات.
وهذا ممكن، لاسيما وأن بعض الدول الخليجية راغبة في ذلك. الأمر الذي يعني أن على الحكومة المصرية السير في إجراءات كثيرة، تقوم على أساس تخفيض الدعومات؛ بدءاً من قطاع النقل والسلع المدعومة كعنوان رئيس، وصولا إلى تخفيض العجز في الموازنة العامة إلى مستويات آمنة تحوم حول 3 %.
وقد سبق الإجراءات التي ستطبق مع صندوق النقد الدولي تخفيض لقيمة الجنيه المصري. وهو أمر مرغوب لدى خبراء "الصندوق"، على فرض أنه سيعزز جاذبية الصادرات، وينهي ضعف الاستثمار، لتبدأ عجلة الاقتصاد بالتحرك وترتفع معدلات النمو على أساس أن التحرك نحو مرونة سعر الصرف وانتهاج سياسة سعر الصرف الزاحف هما الحل الأمثل. غير أن الواقع أثبت أن هذه السياسة قد خلقت لكثير من البلدان مشاكل جمة، وتسببت لها بانخفاض حاد في سعر العملة.
في العديد من الدول، لا تتسم سوق النقد الأجنبي بالعمق والسيولة؛ ناهيك عن التحدي المتمثل في صعوبة استعادة الثقة بعد المساس بأسعار الصرف كما هو حاصل في مصر، وحالة الهلع التي تصيب المتعاملين كافة، ما يضيف ضغوطات إضافية على الاقتصاد.