‘‘معوقات‘‘ اجتماعية تقيد حرية ذوي الإعاقة في التنقل

المجتمع يجهل إلى حد كبير احتياجات ذوي الإعاقة وبخاصة فيما يتعلق بمشكلة التنقل-(أرشيفية)
المجتمع يجهل إلى حد كبير احتياجات ذوي الإعاقة وبخاصة فيما يتعلق بمشكلة التنقل-(أرشيفية)

ربى الرياحي

عمان- معوقات ومثبطات كثيرة تلك التي تعترض طريق ذوي الإعاقة وتحرمهم من التنقل بحرية كاملة بعيدا عن حاجة الآخر، من باب أن هذه الفئة بالذات تحتاج دائما للمساعدة لا تملك حتى القدرة على إدارة نفسها.
تقول العشرينية أريج عبد القادر، إن إعاقتها الحركية ألغت حريتها وحدت من نشاطاتها الاجتماعية التي تقلصت رغما عنها لدرجة أنها لم تعد قادرة على التنقل بحرية داخل مجتمع يحتاج إلى الكثير من الوعي، لكي ينجح في تقبلها كما هي.
وتضيف أنها واجهت مشكلات كثيرة بسبب الكرسي المتحرك، مما جعلها تستسلم لتلك المعوقات التي تصادر حقها في أن تعيش الحياة بشكل طبيعي، بعيدا عن أي منغصات نفسية كفيلة بأن تحبطها وتعزلها عن مجتمع قرر ومع سبق الإصرار أن يزيد من معاناتها ويقف عقبة في طريق أحلامها.
وتتابع “ما أعرفه الآن جيدا هو أن الأشخاص من ذوي الإعاقة بحاجة لمساحة خاصة بهم تضمن لهم استقلاليتهم ويصبح بمقدورهم التنقل بأمان بدون أن يخافوا أو يحسبوا حساب الاستغلال”.
هي كغيرها تعرضت للكثير من المواقف المحرجة والقاسية أثناء استخدامها للمواصلات العامة أثرت على نفسيتها وأعاقت تخرجها من الجامعة بعض الشيء، والسبب هو المعاملة السيئة من قبل بعض أصحاب التكاسي والذين كانوا يرفضون توصيلها لاعتقادهم بأنهم ليسوا مضطرين لتحمل أعباء جديدة ناتجة عن مساعدتها.
أما الثلاثينية هناء حسين، فترى أن المجتمع هو العائق الأول والأخير في حياة ذوي الإعاقة، ويظهر ذلك واضحا في حقهم في التنقل. تقول إنها وبحكم إعاقتها البصرية تجد صعوبة بعض الشيء في الذهاب إلى عملها بمفردها، ويرجع السبب في ذلك إلى بعض النفوس المجبولة على حب الاستغلال.
وتتابع “خوفي من أن أتعرض للمضايقات في الطريق العام كان يكبلني ويخسرني جزءا كبيرا من استقلاليتي، لكن ذلك لم يمنعني في بعض الأحيان من أن أخوض المغامرة في لحظة اضطرارية تطالبني بأن أتخطى كل الهواجس وأختبر تلك المواقف المزعجة البعيدة كليا عن الإنسانية، كتلك الأسئلة الاستفزازية التي تطرح علينا فقط لأننا أردنا أن نتنقل بحرية وبدون الاعتماد على أحد من قبل أناس يعتقدون أن من حقهم التدخل في خصوصيات الآخر والتطاول عليه بألفاظ قد تكون جارحة إلى حد كبير”.
ويقول العشريني أكرم صالح “هناك العديد من المعوقات الاجتماعية التي تقف عقبة في طريق الأشخاص من ذوي الإعاقة وتمنعهم من أن ينخرطوا في المجتمع”، مبينا أن الإعاقة لا تعني أبدا الرضوخ والاستسلام للواقع والتخلي عن حياة بأكملها فقط لمجرد أننا فقدنا حاسة أو أكثر من حواسنا.
ويضيف “تحصيلنا لحقوقنا يبدأ من إيماننا بقدراتنا، وأنا كشخص فاقد للبصر تواجهني بعض الصعوبات في التنقل من مكان لآخر ليس لعدم قدرتي على الحركة وإنما بسبب غياب قيم إنسانية عند البعض”.
يقول، إن اعتماده على نفسه في التنقل يعيقه الكثير من التصرفات القاسية التي تؤذيه نفسيا وحتى جسديا ويذكر من ذلك موقفا حصل معه أثناء صعوده للحافلة، وهي تسير، فكانت النتيجة أن فقد توازنه وأدى ذلك إلى سقوطه وإصابته برضوض قوية في قدمه اليمنى، مرجعا سبب ذلك إلى عدم مراعاة السائقين للوضع الخاص لذوي الإعاقة.
ويتساءل إلى متى سيبقى المجتمع مقيدا لأحلامنا وإمكاناتنا؟ وكيف لنا أن نمارس حياتنا بشكل طبيعي بمعزل عن تلك النظرة الدونية؟
ويرى الأخصائي الاجتماعي، د. حسين الخزاعي، أن المجتمع يجهل إلى حد كبير احتياجات ذوي الإعاقة وبخاصة فيما يتعلق بمشكلة التنقل من مكان إلى آخر، كما أنه يعد المعيق الأول أمام طموح هذه الفئة التي تستحق أن تقدر وأن تأخذ دورها في المجتمع من خلال تقديم التسهيلات اللازمة والآمنة التي تمكنهم من أن يثبتوا أنفسهم ويتساووا مع غيرهم إنسانيا واجتماعيا.
ويؤكد أن معاملة البعض السيئة لذوي الإعاقة ينبغي أن تتغير وأن ينظر إليهم بعين الاحترام والتقدير لكونهم أشخاصا قادرين على الإبداع وليس النجاح فقط، يتحقق ذلك كله عندما نؤمن بقدراتهم وبأن من حقهم أن يحصلوا على حقوقهم كاملة.
ويقول الأخصائي النفسي، د. موسى مطارنة “إن المعوقات التي يضعها المجتمع في طريق ذوي الإعاقة تؤثر عليهم نفسيا وتؤذي مشاعرهم وتمنعهم من أن يمارسوا حياتهم بشكل طبيعي”.
ويضيف مطارنة “مثل هؤلاء الأشخاص بحاجة للدعم والتشجيع وتوفير كل سبل الراحة والأمان ليستطيعوا التنقل بحرية وبمعزل عن مضايقات البعض وتصرفاتهم القاسية والمهينة التي تستنكر عليهم رغبتهم في أن يكونوا متواجدين في قلب الحياة كأعضاء فاعلين يتسلحون بالإيجابية التي تدفعهم لأن يعطوا صورة حقيقية عنهم بقدرتهم على تجاوز مشكلاتهم ومساندة المجتمع لهم وحمايتهم بوضع قوانين رادعة تضمن لهم أن يعيشوا بكرامة”.

اضافة اعلان