مع التشدد في شراء القمح

نقلت وكالة الأنباء "رويترز" الثلاثاء الماضي خبرا مفاده، أن الأردن ألغى مناقصة لشراء مئة ألف طن من القمح. وبحسب الخبر، فإنها المرة السادسة التي لم يشتر فيها الأردن أي قمح في مناقصة لتوريد نفس الكمية. وعزا تجار اوروبيون ذلك، إلى الشروط الجديدة المفروضة على مراقبة الجودة في الأردن التي ما تزال تحد من العروض التي يقدمها الموردون العالميون. اضافة اعلان
ومع أن ذلك سيسبب مشكلة للأردن في استيراد القمح، المادة الاستراتيجية المهمة والتي لا يمكن الاستغناء عنها، إلا أنني شعرت بالفرح للشروط المتشددة للجودة التي وضعها الأردن لشراء القمح، حتى لو تسببت هذه الشروط بإلغاء أكثر من عطاء. إذ في النهاية سيتقدم تجار لبيع الأردن قمحا مطابقا للمواصفات الفنية الأردنية.
نعم، أظهر الخبر امتعاض تجار من هذه الشروط المشددة للجودة وآلية دفع ثمن العطاء، بالإضافة إلى فرض عقوبات كبيرة على مخالفة شروط التعاقد، ولكن ذلك ليس سيئا، وإنما هي إجراءات منطقية حتى لا يتسلل إلى أسواقنا قمح سيئ وغير صحي، كما حدث قبل ذلك، وخصوصا بشحنة القمح البولندية العام الماضي التي وصلت إلى العقبة ليتبين بعد فحصها من مؤسسة المواصفات والمقاييس أنها مخالفة للقواعد والمواصفات الفنية الأردنية، حيث تم رفض إدخالها الأسواق الأردنية، وأدى ذلك إلى جدل واسع حول كيفية شراء مثل هذه السلع، ومحاولة إدخالها الأسواق.
أعتقد، أن هذه الشروط والعقوبات المنصوص عليها بإجراءات التعاقد ستحدّ إلى درجة كبيرة من إدخال قمح معطوب ومخالف للمواصفات الأردنية للأسواق. ولو طال الأمر، وتم إلغاء أكثر من عطاء، ففي النهاية سيوافق تجار على الشروط الأردنية التي هدفها حماية صحة المواطن.
وطبعا، قد يحاول البعض الضغط من أجل تغيير الإجراءات الأردنية المشددة، متذرعا بإلغاء أكثر من عطاء، وبأن تجارا يهربون من التعاقد مع الأردن نتيجة لشروطه، وأنه قد يحدث نقص بهذه المادة الاستراتيجية في الأسواق الأردنية جراء ذلك. ولكن هذه الذرائع، لا يجب أن تدفع الجهات المختصة للتراجع عن شروطها وإجراءاتها، فقد وافق تجار في السابق على هذه الشروط وتم تنفيذ صفقات وفقها. وسيتمكن الأردن من شراء قمح جيد يتطابق مع المواصفات الفنية الأردنية حتى لو أخذ ذلك بعض الوقت. في حين أن التنازل عن الشروط المشددة سيؤدي إلى إدخال سلع غير صحية وخطيرة للأسواق، ويتسبب بمشاكل لا حصر لها.