مع النبضة الجديدة من الرفع

أول من أمس تم الإعلان عن "نبضة" جديدة من رفع أسعار الوقود! ربما كانت ردّة الفعل هي نظرة ذهول بالكاد يمكن تمييزها في ملامح المواطن المسطول أصلا بغلاء المعيشة الشامل. هل نتوقع كل شهرهدية مماثلة؟

اضافة اعلان

نظريا؛ يجب أن ترتفع أو تنخفض أسعار المشتقات النفطية تبعا لانخفاض أو ارتفاع أسعار النفط، ويقال لنا أن هناك معادلة لحساب السعر نحن لا نعرفها، وكلنا فضول أن نعلم بالضبط كيف يُحتسب سعرُ البيع للمواطن في ضوء سعر استيراد النفط الخام. فنحن نستهلك اليوم ما تمّ شراؤه، ربما، قبل أشهر، وخلال الشهر الماضي تحرّك السعر من متوسط 135 دولارا للبرميل الى 145 دولارا للبرميل، فهل ندفع ثمن هذا الارتفاع؟ لكن في هذين اليومين عاد السعر إلى معدل 135 دولارا؛ فهل إذا استمر هكذا خلال هذا الشهر سنخفض الأسعار إلى وضعها قبل الارتفاع الأخير؟ نحن لم نجرّب حتّى الآن التنزيل ولا مرّة، فكيف سيتصرف أصحاب المحطّات الذين اشتروا بسعر أعلى والذين يستفيدون مع كل ارتفاع؟!

الحِسبة غامضة وغريبة ونتمنى لو ينخفض سعر النفط مرّة ولشهر كامل حتّى نرى كيف ستخفض أسعار المشتقات عندنا وبأي نسبة!

لكن تقديرات الخبراء مع الأسف تشير إلى العكس، ويطالب زعماء الغرب الدولَ النفطيةَ برفع انتاجها، لكن تلك الدول تقول إنها تنتج ما يكفي ويلبي الطلب وليس هناك أزمة عرض ولذلك المسؤولية عن ارتفاع الأسعار ليست هنا. ونقرأ تحليلات لمراقبين ترتاب بأن شركات النفط وأغلبها أميركية هي التي تتحمل المسؤولية وتحقق أرباحا خيالية. والإعلام يتحدث، فقط، عن الثروات الهائلة التي تنصبّ على دول الخليج، ولا تفتح ملفَ ما تحققه شركات النفط، وهو يفوق كثيرا ما تحققه الدول النفطية التي تتحمّل المسؤولية أمام الرأي العام الغربي، الذي يتحمل هو أيضا عبء هذا الارتفاع، الذي يساهم مع عوامل أخرى في موجة غلاء غير مسبوقة على مستوى العالم.

كنت في ايطاليا قبل أيام، وكان التضخم والغلاء هو موضوع وسائل الإعلام، ومانشيتات الصحف كانت تعلن جو طوارئ بسبب تضخم يصل نسبة 5%، ويوصف الموقف بأنه على أبواب ركود اقتصادي خطير، فماذا نقول نحن بنسبة تضخم زادت على 12% والاقتصاد متواضع مثل الاقتصاد الأردني مع نسبة بطالة تجاوزت 14%، وكل ذلك بحسب الأرقام الرسمية، التي يرى البعض أنها لا تعكس الواقع الفعلي بالنسبة للفئات الشعبية التي ارتفعت سلّة مستهلكاتها بنسب أعلى كثيرا.

نعود إلى السؤال الكبير: ما العمل؟ وكان جلالة الملك في مقابلته مع (بترا) قد قال أن ارتفاع الأسعار هو همّه الأول والثاني والثالث. مع الأسف ليس هناك حلّ تقريبا، فالاجراءات التي تقوم بها الحكومة مثل خفض الجمارك على بعض السلع واستمرار دعم القمح والحبوب وتوسيع البيع من المؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية تساهم بنسبة متواضعة، والنتيجة الملموسة هي ارتفاع الرواتب والأجور بنفس نسبة ارتفاع الأسعار، والحكومة تقرّ مبدئيا بربط الرواتب بالأسعار بذلك لكنها تضيف الربط بالانتاجية وهو تعبير ملتبس، كما تقول إن قضية الربط صعبة ومعقدة للغاية، لكنها تحسن حساب الرفع لأسعار النفط كل 3 أسابيع.

ما لا تقوله الحكومة ويقوله الاقتصاديون هو أن ربط الأجور بالأسعار مستحيل بالنسبة لموازنة منهكة أصلا وهو في كل الأحوال ينتج موجات تضخمية جديدة وخطيرة! لكن هذا طبعا لا ينطبق على السادة النواب الذين رفعوا لأنفسهم الراتب بمبلغ 500 دينار شهريا دفعة واحدة.

ليس هناك حلول. إلا بحدود ضيقة وجزئية. ويبدو أن على المواطنين الذين ما زالوا يعيشون حالة من الصدمة والذهول التكيفَ مع الوضع الجديد؟ كيف؟ لا أدري! 

[email protected]