مع غياب الأمان الوظيفي.. شباب يقاومون "كورونا" بإنشاء مشاريع ريادية

Untitled-1
Untitled-1
مجد جابر عمان- في ظل جائحة كورونا وتداعياتها السلبية التي انعكست على العالم أجمع، وخصوصاً من الناحية الاقتصادية، فقد العديد من الشباب أعمالهم، بينما يعيش الآخرون تحت ضغط انعدام الأمان الوظيفي، والخوف من المستقبل والمجهول. كل تلك العوامل ألقت بظلالها على الشباب؛ لتجعلهم يفجرون طاقاتهم بالبحث عن مصادر رزق خاصة بهم، بهدف تخطي "المخاوف" التي تحيط بهم، واحتسابا لأي "طارئ سيئ" في العمل، ما جعل الكثير من الشباب يتجهون لإنشاء مشاريعهم الخاصة، حتى لو كانت بسيطة جدا، وذلك فقط من أجل تأمين مورد مالي. وهو تماماً ما حدث مع الشاب إبراهيم علي الذي كان يعمل في إحدى الشركات الخاصة، وبعد أن تم تسريحه من عمله، عانى أزمة نفسية كبيرة، ولم يعلم كيف سيعالجها أو سيتخلص منها، خصوصاً أنه يعيل أفراد أسرته، وعليه وجه سؤالا لنفسه، "هل سأبقى على هذا الحال؟ والنتيجة خسارة نفسي، أم أقوم بمشروع خاص؟". الوقوف عند العقبات وشحذ الهمة مفتاح بداية ونجاح المرء في حياته، هنا قرر إبراهيم إنشاء موقع إلكتروني مختص بعرض جميع المستلزمات "غير الضرورية" لدى الأفراد، فيستفيدون من البيع، وهو يحصل على نسبته بطريقة مرتبة ومنظمة وضمن دراسة، مبينا أنه ما يزال في البداية، ولم ير أي نتائج لحد الآن، الا أنه بمجرد البدء بدراسة الفكرة والتخطيط لها شعر بتحسن وهمة عاليين للبدء والتنفيذ، وإن لم تمش بسهولة، وفق قوله. ويشرح "رب ضارة نافعة.. فقد تكون هذه الأزمة قد جاءت لتفتح له مدارك أكثر، وتفجر الطاقات بداخله وتحوله لأمر إيجابي". في حين لم يفكر رائد (28 عاما) كغيره من الشباب الذين يبحثون عن وظيفة آمنة يتلقون عليها راتبا شهريا ثابتا واعتبارها آمنة نوعا ما، فبالنسبة لهؤلاء نسبة المغامرة هنا في أقلها، فلا يفكرون بمشروع قد يكون خاسرا ومكلفا، أو لا أفق يشي بإمكانية نجاحه مستقبلا. لكن رائد لم يفكر بالطريقة ذاتها، إنما فكر بمشروع خاص به في عالم السوشال ميديا يدر عليه الدخل لاحقا، ويعطيه شعورا بالأمان كان قد فقده بوظائف عدة لم يستطع أن يكمل بها نتيجة خساراتها المالية وتقليص عدد الموظفين. رائد هو ومجموعة من أصدقائه فكروا بشركة لا تحتاج لرأسمال كبير، خصوصا ممن لديهم خبرة تكنولوجية عالية واكتسبوا مهارات عالية بهذا المجال، وكان الهدف من الشركة الترويج بطريقة تجذب الزبائن لمطاعم ومحلات تجارية تحتاج لمن يدير حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي يدفعون لهذه الشركة نسبة معينة. يؤكد رائد ضرورة أن يفكر الشباب بأفكار ريادية ومختلفة في سوق العمل، بعيدا عن الوظائف الثابتة التي لا تشعر المرء بتطور بمساره المهني أو تخلو من الأمان الوظيفي، تحديدا بالأوقات الصعبة التي يعاني بها المجتمع بسبب جائحة كورونا. وفي ذلك، يذهب الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي، الى أن ما يشهده الشباب حالياً من وضع في ارتفاع البطالة، وارتفاع معدلات الانقطاع عن العمل، خصوصا أن 68 % منهم فقدوا وظائفهم، كل ذلك جعلهم يبحثون عن وسيلة حياة ومصدر رزق، ووسيلة يستمر من خلالها الإنتاج والعمل والعطاء. ويضيف الخزاعي أنه بالرغم من كل الأحداث السلبية المحيطة بنا، إلا أنها خطوة رائدة وإيجابية وريادية، بأن يتمكن الشباب من الالتفات لقراراتهم، وتسخيرها للبحث عن بدائل عمل في المستقبل دون البقاء تحت ضغط الخوف، وعدم الأمان الوظيفي الذي شهده العالم بأسره هذا العام. ويرى الخزاعي أن إيجاد البديل المناسب والبحث عن خطوة مسقبلية هو أمر إيجابي وذكي جداً من قبل الشباب، يعكس مدى قدرتهم على التعامل مع الظروف الحرجة. وفي دراسة نشرت في "الغد"، تبين أن الوباء طال ملايين الأشخاص مخلفاً عشرات الضحايا، وأجبر الدول على الإغلاق خلال الفترة الماضية، وفرض إجراءات احترازية صارمة تمنع انتشار المرض أكثر، وذلك على الرغم من الآثار السلبية التي خلفتها تلك الخطوة، إلا أنها التزمت شعار "الصحة أولاً". ونقلت وكالة بلومبيرغ للأنباء عن بيتر كوليجنون، أستاذ الطب الإكلينيكي بكلية الطب التابعة للجامعة الوطنية الأسترالية بكانبرا، أن الشباب بين 20 و30 هم الأشخاص الأكثر تأثرا اقتصاديا واجتماعيا بعمليات الإغلاق، إلا أنهم الأقل تأثرا بالمرض، وهو ما يسبب لهم متاعب جمة قد تكون صحية، لكن من دون أن يصيبهم الوباء. ولذلك، فإن الشباب في العمر المذكور هم أكثر من نحتاج لتغيير سلوكهم، لأنهم يخرقون القواعد مع تزايد فقدان فرص العمل، معتمدين على تلك أنهم الفئة الأقل خطورة بالنسبة لـ"كوفيد 19"، فيخرجون من منازلهم لأسباب عديدة. وذكر التقرير أن هذا التصرف دعا شخصيات مسؤولة مثل أنتوني فوتشي مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية بالولايات المتحدة إلى أن يطلب من الشباب أن يكونوا أكثر مسؤولية وألا يكونوا "طرفا مساعدا في انتشار الجائحة". وحول ذلك، يقول أمين عام وزارة العمل سابقاً والخبير الحقوقي في القضايا العمالية الأستاذ حمادة أبونجمة، أن توجه الشباب الى العمل الخاص بحاجة الى المهارات والقدرات الذاتية والرغبة، الى جانب أن إدارة المشروع بحاجة الى طبيعة ذاتية موجودة في الإنسان نفسه، تحفزه على العمل وتحمل المسؤولية، اذا كنا نريد حل مشكلة البطالة فعلا. ويشير الى أن الحكومات دائما تدعو الشباب لإنشاء مشاريعهم الخاصة، لكن لا يجب أن يكون ذلك تهربا من مسؤولياتها، لافتاً الى أن الأصل هو أن الدور الأكبر على الحكومة والدولة لتوليد فرص العمل، وأن من يريد أن يعمل مشاريعه الخاصة لا يجب تركه، بل على العكس يجب تمكينهم دائما، خصوصا أن العديد من الشباب يبدؤون بالمشروع ولا يستطيعون إكماله، وينتهي المشروع لأسباب عدة وعقبات تواجههم. ويعتبر أبو نجمة أن الأردن من أكثر الدول التي تتوقف المشاريع بها ولا تكتمل، لافتاً الى أن الدولة عليها أن تكرس برامج ودورات للشباب لكيفية اختيار مشاريعهم، وكيف يكون المشروع مناسبا للشاب وللمنطقة التي يخدمها، وما هي احتياجات السوق لهذا المشروع، وأن يعرف كيف تكون الإدارة المالية للمشروع، وضمان ديمومته من التعرف على السوق، وتمكينه فيه من أجل الاستمرار ونجاح المشروع. ويضيف أن كل ذلك بحاجة الى تدريب وتأهيل، لافتاً الى أنها خطوة إيجابية كبيرة، وعلى الدولة استغلالها بدعم هؤلاء الشباب من أجل استمرارهم حتى يكون مشروعا ناجحا ومكتملا، لافتاً الى أن هناك فئات متنوعة من الشباب فقدوا وظائفهم، فإما أن يصبحوا عالة على عائلاتهم، أو يتجهوا لطرق غير مشروعة، ومنهم من استجمع قواه لعمل مشاريع كنوع من المحاولة، حتى لو كان مشروعا بسيطا جداً.اضافة اعلان