مغالطة المعدّل

فيما يلي الاقتراح المتعلق بإمتحان الثانوية العامة الذي قدمته إلى وزير التربية والتعليم في 20/9/2014 بكتاب بعنوان: حل جذري لمعضلة امتحان الثانوية العامة: نلغيه ونبقيه، الذي أرفق به الاقتراح بالعنوان أعلاه:اضافة اعلان
لمعرفة معدل سعر الكيلوغرام من البندورة في المدينة في يوم ما، نزور باعتها لمعرفة سعره عند كل منهم ثم نقسم مجموع الأسعار على عدد الباعة فنعرف معدل السعر في هذا اليوم. وكذلك يمكن ان نفعل بالبطاطا، والكوسا، والخيار، والأرز، والسكر، واللحوم... لكن هل يجوز أو هل هو مفيد أو له معنى معرفة معدل سعر مثل هذه المواد مجتمعة؟
إنهم في المدرسة والجامعة يفعلون فيجمعون علامة الطالب في الدين، واللغة، والجغرافيا، والتاريخ، والكيمياء، والفيزياء و(الرياضة) والفن والأحياء... ويستخرجون معدل التلميذ في المدرسة، والطالب في الجامعة منها.
إن هذا المنهج مسيطر على العالم، ولكنه إن كان مقبولاً في الخضار والفواكه  إلا أنه يجب أن لا يُقبل في موضوع المواد المدرسية أو الجامعية، لاختلاف  طبيعة كل منها والمنهج العلمي الخاص بها. إن المعدل تعبير اعتباطي لمواد غير متجانسة: إنه مغالطة تعليمية كبرى بل فساد تربوي رياضي/ إحصائي، وإلا ما علاقة علامة الدين أو اللغة بعلامة الجغرافيا أو التاريخ أو الفيزياء أو الكيمياء أو الأحياء..؟ وكيف نحكم على التلميذ أو الطالب بموجب هذا المعدل حكماً قطعياً ونهائياً؟ إننا بالمعدل العام نخفي تفوق التلميذ أو الطالب أو موهبته في إحدى المواد أو أكثر ونجعله عادياً أو راسباً بالمعدل فيها.
يسهل العمل بهذا الاقتراح (الذي قدمته) مساءلة المعلم أو المعلمة عن نتيجة تلاميذه / تلميذاتها في امتحان الثانوية العامة في المادة التي يعلم / تعلم فلا يختبئان وراء المعدل وتضيع المسؤولية. كما سيركز التلميذ/ة على المادة أو المواد التي يحب أو يرغب في مواصلة تعلمها في الجامعة بعد أن ظل يتعلم المواد الأخرى لعشر سنوات أو لأحدى عشرة سنة.
 وزارة التربية والتعليم وديوان الخدمة المدنية يجريان امتحاناً لطالبي العمل كمعلمين ومعلمات في مدارس الوزارة في المادة الواحدة التي سيعلمها كل منهم في المدرسة وليس في جميع المواد المدرسية.
في اقتراح لإصلاح امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) تمهيداً لإلغائه (وإبقائه) قدمته إلى بعض من سبقوا من وزراء التربية والتعليم دعوت فيه إلى إعطاء التلميذ كشفاً بعلامات المواد دون معدل ودون ذكر للرسوب أو النجاح (وإعلان الأوائل ونتائج الامتحان في كل مادة على حدة) وترك القرار المتعلق بالكشف للمرجع التالي: جامعة، أو شركة أو رب عمل... فقد يكون التلميذ حاصلاً على علامة كاملة في الرياضيات، والمطلوب محاسب ولكن المعدل يمنع تعيينه لأنه راسب في التوجيهي بالمعدل بسبب علامة مادة التلميذ في الجغرافياً، أو الكيمياء... وقد تكون علامته كاملة في الفيزياء أو الكيمياء، والمطلوب للعمل موظف في محل لبيع اللوازم المدرسية المتعلقة بهما. ولكن المعدل يمنع تعيينه لأنه راسب في التوجيهي بسبب علامة التاريخ. وقد تقبله جامعة في أوروبا لدراسة الطب أو الهندسة لتفوقه في المواد (ذات العلاقة) ولكن المعدل يمنع قبوله، وهكذا.
كما دعوت إلى إعلان الكليات في الجامعات المواد المطلوبة في الثانوية العامة والحد الأدنى للعلامة في كل منها للقبول فيها. وبذلك تحصل الكلية على أفضل الطلبة في تخصصاتها، وتحصل المدرسة فيما بعد على أفضل الخريجين/المعلمين فيها. ولكن ذلك يستدعي إلغاء الاستثناءات والكوتات والقوائم في القبول في الجامعات. أما بالنسبة للدراسة في الخارج فإن كل طالب سيتقدم للامتحان بالمواد والشروط المطلوبة للقبول في الجامعات هناك، التي تقوم وزارة التعليم العالي بإعلانها في بداية كل عام دراسي.
 يبدو أن المسؤولين في العالم يفضلون بذل الجهد الأقل وهو هنا استخراج المعدل آلياً على بذل الجهد الأكبر وهو إدارة هذا الترتيب المعقد ! لكن إلغاء المعدل والرسوب والنجاح من كشف العلامات وربط مواد الثانوية العامة بالتخصص المرغوب فيه كفيل بالحد من الغش، ومن حالة الطوارئ، والقلق، والتوتر (والانتحار أحياناً) التي تسود البلاد كل عام ، كما يجعل كل تلميذ فخوراً بكشف علاماته بالمادة أو المواد المتفوق فيها، إن البطولة ليست بالسباحة مع التيار بل بالسباحة عكس التيار وان من يفعل ذلك أولاً سيجبر البقية على النزول إلى الماء والوصول إلى القمة.