مفاوضات السلام: هل يمكن التقدم مع السلطة؟

اسرائيل هيوم

دانييل بايدس 8/7/2010

تحت قيادة ياسر عرفات اتخذت السلطة الفلسطينية عادة سيئة السمعة: أن تقول شيئا للجمهور المسلم وشيئا آخر للجمهور الغربي. وحظي المسلمون بأقوال سامة بينما الغرب سمعوا أقوالا طابت لآذانهم. ويطرح السؤال: ماذا بالنسبة لخليفة عرفات لطيف المعشر، محمود عباس؟ هل حطم هذا النمط المزدوج للأب المؤسس؟

لهذا السؤال توجد اهمية، ولا سيما على خلفية لقاء نتنياهو مع اوباما والجهود لبناء ثقة وبنية تحتية لاتفاق بين السلطة واسرائيل. في مقابلة منحها مؤخرا ابو مازن لصحافيين اسرائيليين وفي لقائه مع زعماء يهود أميركيين اقترح ظاهرا عدة حلول وسط - في القدس وفي الضفة على حد سواء - كي يدفع المفاوضات الى الامام، ولكن السلطة سارعت إلى نفي تلك المقترحات في صحيفة "الحياة" الفلسطينية اليومية. وعرض ابو مازن نفسه كإنسان ذي تطلع صادق للوصول الى السلام، فقد أعرب عن استعداده لمرابطة قوة دولية في المناطق التي تخليها اسرائيل. بل صرح بأنه معني بشريك اسرائيلي لطريق السلام وحذر الاسرائيليين: "لا تدعوني أفقد الأمل".

للزعماء اليهود قال أبو مازن بالضبط ما يريدون ان يسمعوه: فهو يندد بالعنف، يعترف بالصلة التاريخية بين اليهودي وبلاد اسرائيل، يفهم قلق الأمن الاسرائيلي ويعد بمعالجة التحريض في وسائل الاعلام الفلسطينية وجهاز التعليم.

وفي موضوع الكارثة الحساس أيضا، وهو موضوع كتب عنه ابو مازن رسالة دكتوراة اتهم فيها الصهاينة بتضخيم عدد القتلى اليهود لاغراض سياسية، لكن هذه المرة أكد ابو مازن بأن اليهود عانوا من نكران الكارثة.

ادعى عباس بانه تحدث مع زعماء يهود "بذات اللغة" التي يستخدمها كي يتحدث مع الشارع الفلسطيني. هل حقا فعل ذلك؟ بالكاد.

في تقارير وسائل الاعلام الفلسطينية لم تُسمع تصريحات مشابهة، بل العكس. في التلفزيون الفلسطيني، مثلا، والذي يسيطر عليه مكتب ابو مازن مباشرة، يقدمون برنامجا اسبوعيا تحت عنوان "النجوم" يضم اكاديميين من الجامعات الفلسطينية ليردوا على الاسئلة في اطار مسابقة.

اذا تناولنا مثلا أسئلة في مجال الجغرافيا سنتبين بأنه حسب التلفزيون الفلسطيني، فإن خط شاطئ دولة فلسطين يتضمن اسرائيل - 235كم. وبالمناسبة، ما هو حجم فلسطين؟ 27 كيلو مترا مربعا، بمعنى ان فلسطين تضم الضفة الغربية، قطاع غزة و.. دولة اسرائيل.

مثال موازٍ لازدواجية زعماء السلطة موجود لدى رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. فقد صرح الاخير قبل سنة، في اثناء زيارة الى كولورادو، الولايات المتحدة، بأن اليهود الذين يرغبون في أن يعيشوا في المستقبل في الدولة الفلسطينية، فإنهم مدعوون إلى ذلك حيثما يرغبون، وانهم "سيتمتعون بمساواة كاملة في الحقوق، وبالتأكيد ليس أقل من الحقوق التي يتمتع بها عرب اسرائيل في دولة اسرائيل".

كلمات جميلة بالتأكيد، قالها، بالطبع، بالانجليزية. غير أن الارشيف يبين أنه قبل بضعة ايام من ذلك قال صائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات في السلطة الفلسطينية العكس تماما. ربما لان الاقوال، بالعربية، كانت موجهة للجمهور الداخلي: "لا يحتاج أحد الى الموافقة على أن يبقى المستوطنون في الدولة الفلسطينية التي ستقوم. هناك من يقترح بأن نعطيهم جنسية.. ولكننا نرفض هذه الفكرة رفضا باتا". وكما أسلفنا، فإن ابو مازن وفياض قالا اقوالهما بالانجليزية للجمهور الأميركي والاسرائيلي، اما عريقات فتحدث بالعربية للجمهور الفلسطيني.

بالطبع، لا يحتمل أن يكون التصريحان المتناقضان صحيحين. احدى النوايا المعلنة يجب أن تكون كاذبة. وأنا اتساءل من الكاذب؟

الفلسطينيون يواصلون لعب اللعبة المزدوجة والتبسيطية هذه لأنها تنجح. اسرائيليون، أميركيون وآخرون يسعدهم احيانا ان يسمعوا نغمة عربية تروق لآذانهم بالانجليزية. السلطة، من جهتها يسعدها ان تقول شيئا للعالم ولاسرائيل - وشيئا آخر لأبناء شعبها.الى أن يكتشف العالم هذا النهج، فإن الفلسطينيين لن يتعلموا بأنه على السلوك السيئ يكون رد الفعل أسوأ بكثير.

* بروفيسور مدير منتدى الشرق الأوسط في معهد هوفر جامعة ستانفورداضافة اعلان