مقترحات لـ"حل وسط" في قانون المالكين والمستأجرين

احتل قانون المالكين والمستأجرين والتعديلات والتوصيات المتعلقة به، أهمية عالية على مختلف مستويات المجتمع المحلي، لما له من ارتدادات قانونية واجتماعية واسعة متوقعة في حال تعديله أو حتى في حال إبقائه على حاله. القانون المعني هو قانون المالكين والمستأجرين رقم(11) لسنة1994 المعدل بالقانون رقم(30) لسنة2000، الذي يتضمن في المادة الخامسة منه إلغاء جميع العقود التي تمت وأنشئت قبل تاريخ نفاذه، ما لم يتم الاتفاق على غير ذلك، حيث نصت المادة الخامسة من قانون المالكين والمستأجرين، على: أ- على الرغم من أي اتفاق مخالف، يحق للمستأجر الاستمرار في إشغال المأجور، بعد انتهاء مدة إجارته العقدية، وفقاً لأحكام العقد وشروطه، وذلك فيما يتعلق بعقود الإيجار السارية المفعول قبل سريان أحكام هذا القانون، على أن تنتهي هذه العقود في(31/12/2010) ما لم يتم اتفاق آخر بين المالك والمستأجر، ب - أما عقود الإيجار التي تنعقد بعد نفاذ هذا القانون، فتحكمها شروط العقد المتفق عليه، سواء أكان العقار مخصصاً للسكن أو لغيره، وينقضي عقد الإيجار بانتهاء المدة المتفق عليها).

اضافة اعلان

كان دافع المشرع في وضع هذا التعديل، هو محاولة إعادة التوازن في معادلة المالك والمستأجر، وعدم تغليب مصلحة أية فئة على الأخرى، ودليل ذلك الفترة الزمنية التي منحتها المادة(5) للمستأجرين، كفترة تصويب وترتيب لأوضاعهم الاقتصادية والمالية.

فالفترة السابقة قبل تعديل القانون، كانت في مجملها تنصب على حماية المستأجر، لقلة العرض وكثرة الطلب على المساكن والمتاجر، ولنظرة المشرع في حينه بأن المستأجر هو الطرف الضعيف في المعادلة. وقد غيّر المشرع نظرته هذه باعتبار أن هذه الحماية لا يجوز أن تستمر إلى ما لا نهاية، خصوصاً أننا أمام واقع ثورة عمرانية ضخمة غير مسبوقة، ومستمرة حتى تاريخه، وعليه فإن هذا الدافع يتلاشى ويزول، ونصبح أمام حالة متوازنة تماماً، بل ربما تميل بعض الشيء إلى طرف المستأجر، باعتباره أصبح الطرف القوي في المعادلة. وباستطلاع أغلب التوصيات والدراسات، نجد أنها قد جاءت محملة بالعاطفة ومتجاهلة الواقع، فبعض هذه الآراء تتوقع حدوث العديد من المشاكل الاجتماعية في حال تطبيق القانون، ووقوع الضغط على المحاكم، ووجود حالة من انعدام السكن لدى العديد من الأفراد الذين لا يستطيعون توفير المبالغ التي سوف يفرضها ملاك الشقق والمنازل، كبدلات أجره لهذه المنازل والشقق، وخلق حالة فوضى اجتماعية.

كما أن بعض أصحاب الآراء ذهب الى أبعد من ذلك، حيث توقع أن تطبيق القانون المعدل يعني دفع عدد كبير من المواطنين(يمثلون الطبقة الوسطى) إلى الانتقال للسكن في أطراف المدن، حيث الأحياء الأقل مستوى في الخدمات، وهو الأمر الذي سيلقي ثقلاً إضافياً على البيئة، المتدهورة أصلاً، في تلك الأحياء.

على صعيد آخر، هناك من يرفض فكرة الامتداد والاستمرار القانوني، لما لها ما آثار سلبية على سوق العقار، وعلى قطاع المالكين، حيث إن قطاع المستأجرين قد أمهل مدة عشر سنوات لتصويب أوضاعه وترتيبها، بما يتناسب مع مقدرته الاقتصادية.

وبالنتيجة، فلابد من إيجاد "حالة وسطى" تأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية للمستأجر، وفي الوقت نفسه تعيد للمالك القدرة على استغلال عقاره، بما يعود عليه من دخل يتناسب وقيمة هذا العقار، وقيمة المنفعة التي يمكن المستأجر منها، وعليه فإننا نقترح الإبقاء على القانون المعدل رقم 30 لعام 2000، بصورته التي هو فيها، مع الأخذ بالنظام الآتي الذي يمنح المستأجر حق البقاء (الأولوية):

أ-  إنشاء لجان وساطة قضائية عقارية، تقام في المحكمة التي يقع ضمن اختصاصها العقار المعني، بحيث يملك كل من المالك والمستأجر، التقدم باستدعاء للجنة الوساطة القضائية العقارية المختصة، يطلب فيه شموله بأحكام نظام الأولوية.

ب‌- تعتمد لجنة الوساطة القضائية مجموعة من الخبراء العقاريين المحلفين، الذين يقومون بدورهم بإجراء الخبرة على العقار المعني، المشمول بقانون30 لعام2000، وتقدير أجرته السنوية، وتحديد مدة امتداد قيمة بدل الأجرة من حيث الزمان بين كل من المالك والمستأجر، وفقاً لأسس الخبرة العلمية والواقعية.

ت‌- تقوم لجنة الوساطة بتبليغ المستأجر بموعد قدوم الخبراء لمعاينة المأجور وتقييمه.

ث‌- يرفع الخبراء تقريرهم إلى لجنة الوساطة القضائية خلال مدة معينة، وعلى لجنة الوساطة بعد اعتمادها تقرير الخبرة، تبليغ كل من المالك والمستأجر بالأجرة السنوية المقدرة للعقار، والفترة الزمنية التي تسري فيها هذه الأجرة بحقهما.

ج‌- في حال نكل المستأجر عن الرضوخ للتقدير المقدم من الخبراء، فإنه يعتبر فاقداً لشموله بنظام الأولوية حكماً، ويصار إلى إخلائه جبراً.

ح‌- يكون قرار لجنة الوساطة ملزماً للطرفين(المالك والمستأجر) حكماً، وغير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن.

خ- يعتبر نظام الخبرة العقارية هو الفيصل في أي نزاع حول الأجرة بين كل من المالك والمستأجر(في العقود المشمولة بقانون رقم30 لعام 2000).

د- استثناء لما هو وارد أعلاه، للمالك الحق بإخلاء المأجور دون تطبيق نظام الأولوية، في حال رغبته في إشغاله هو أو أي من أبنائه، شريطة إثبات ذلك.