مقتل 800 مدني بالحملة العسكرية على الغوطة الشرقية

عائلة سورية تفر من منزلها بعد قصف لقوات النظام على منطقة حموريا بالغوطة الشرقية امس.-(ا ف ب)
عائلة سورية تفر من منزلها بعد قصف لقوات النظام على منطقة حموريا بالغوطة الشرقية امس.-(ا ف ب)

دوما- شنت قوات النظام السوري امس غارات جديدة على الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق موقعة المزيد من الضحايا المدنيين، بالتزامن مع معارك قلصت مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، فيما سيعقد مجلس الامن اجتماعا طارئا حول سورية اليوم بعدما طالبت فرنسا وبريطانيا لبحث كيفية لجم هذا التدهور.اضافة اعلان
وخلال أكثر من أسبوعين من القصف الجوي والصاروخي والمدفعي العنيف، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 800 مدني، بينهم 177 طفلاً في الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة الأخير قرب دمشق والمحاصر منذ العام 2013.
ووثق المرصد السوري امس مقتل 19 مدنياً على الأقل، بينهم أربعة أطفال في الغارات.
وتواصل القصف طوال اليوم رغم الهدنة الروسية المؤقتة التي تسري منذ أسبوع يومياً لخمس ساعات فقط، ويُفتح خلالها معبر لخروج المدنيين. إلا أن أي مدني لم يغادر طوال الأيام الماضية، وفق المرصد.
وفي مدينة دوما، أبرز مدن الغوطة الشرقية، تحولت الابنية على جانبي طرقاتها الى جبال من الركام.
واستغل متطوعون في الدفاع المدني بعض الهدوء لانتشال جثة شخص قتل في القصف منذ أيام. وقبل ان تتساقط القذائف، خرج بعض المدنيين لنقل الحاجيات من منازلهم إلى الأقبية التي لجأوا اليها، وبعضهم جمع أثاث المنازل الذي تكسر جراء القصف لإستخدامه للتدفئة أو للطبخ أو حتى لبيعه للأغراض ذاتها.
وفي المستشفيات، ينقل مراسل فرانس برس مشاهد تتكرر يومياً لجرحى يتلقون العلاج بعد إصابتهم بالقصف، أطفال يستلقون على الأسرة يبكون، واهال يعانقون أبناءهم لطمأنتهم، ومنهم من يبكون على من فقدوهم.
ويأتي التصعيد رغم تبني مجلس الأمن الدولي قبل عشرة أيام لقرارً ينص على وقف شامل لاطلاق النار في سورية لمدة 30 يوماً، إلا إنه لم يطبق حتى اللحظة.
وطلبت فرنسا وبريطانيا امس عقد اجتماع طارىء لمجلس الامن الدولي لبحث فشل تطبيق وقف اطلاق النار، ويعقد الاجتماع اليوم الاربعاء ليبحث أيضاً الضربات الجوية والاشتباكات المتواصلة في الغوطة الشرقية.
إلى جانب الحملة الجوية العنيفة المستمرة منذ 18 شباط/فبراير، يشنّ الجيش السوري هجوماً برياً من الجبهة الشرقية. وحقق تقدماً سريعاً وبات يسيطر على 40 في المئة من المنطقة المحاصرة، بعدما استعاد ليلة الاثنين الثلاثاء بلدة المحمدية (جنوب).
وتتركز الاشتباكات حالياً على أطراف بلدات بيت سوى والأشعري (وسط) وافتريس (جنوب) والريحان (شمال شرق). كما وصلت قوات النظام الثلاثاء الى أطراف بلدتي حمورية ومسرابا.
ويعود التقدم السريع، وفق مراقبين، إلى أن العمليات العسكرية تدور في منطقة زراعية ذات كثافة سكانية منخفضة، وهي تهدف الى تقسيم الغوطة الشرقية إلى جزئين شمالي حيث تقع دوما، وجنوبي حيث حمورية.
وأقر فصيل جيش الإسلام قبل يومين بانسحاب مقاتليه من الجهة الشرقية، موضحاً أنها "منطقة زراعية مكشوفة ليس فيها تحصينات كالأبنية".
وأفاد المرصد ليلاً عن 18 حالة اختناق بعد قصف لقوات النظام استهدف حمورية، من دون أن يتمكن من تحديد الأسباب، فيما اتهم ناشطون معارضون الجيش السوري باستخدام الغازات السامة.
ووصف الإعلام الرسمي اتهام الحكومة السورية بـ"مسرحية الكيماوي".
ونقل التلفزيون الرسمي عن مصدر في شرطة دمشق مقتل ثلاثة أشخاص واصابة ثمانية آخرين في جروح جراء قذيفة أطلقتها الفصائل المعارضة على ضاحية جرمانا قرب دمشق. كما استهدف القصف منطقة باب توما في شرق العاصمة.
وكانت روسيا أعلنت سابقاً أنها طلبت من الفصائل المعارضة إجلاء الغوطة الشرقية على غرار ما حصل في مدينة حلب في نهاية العام 2016، الأمر الذي ترفضه الفصائل.
وأعلن الجيش الروسي ان "الممر الإنساني" الذي كان مخصصاً للمدنيين خلال هدنة الساعات الخمس "فتح هذه المرة (...) للمقاتلين مع عائلاتهم" على ان يكتفوا بسلاحهم الفردي.
وزاد التصعيد العسكري الأخير من معاناة سكان الغوطة المحاصرين من قبل قوات النظام منذ 2013، والذين كانوا يعتمدون على مساعدات دولية تدخل بشكل متقطع وعلى زراعات محلية أو يأتون بالمواد الغذائية عبر طرق التهريب.
وبعد نداءات عدة، دخلت الاثنين قافلة مساعدات مشتركة بين الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر إلى مدينة دوما محملة بالمواد الغذائية والطبية لـ27500 ألف شخص.
ولم تسمح الحكومة السورية للقافلة بإدخال الكثير من المواد الطبية الضرورية وبينها "حقائب الاسعافات الاولية".
وبعد تسع ساعات لم يتوقف خلالها القصف الجوي حتى أنه استهدف دوما، خرجت القافلة من الغوطة الشرقية من دون إفراغ كامل حمولتها.
وكتبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على موقع تويتر "نغادر الغوطة الشرقية بخطوات متثاقلة لأننا نعلم وضع المدنيين الذين تركناهم خلفنا ونعلم هول ما عانوه"، وكررت أن قافلة واحدة "لا تكفي".
ويعقد وزراء خارجية روسيا وتركيا وايران، الدول الراعية لمفاوضات أستانا حول سورية، في 16 اذار/مارس اجتماعاً لبحث النتائج التي ترتبت على هذه الاجتماعات في عامها الاول.
وترعى الدول الثلاث اتفاقاً لخفض التوتر نتج عن محادثات أستانا ويشمل أربع مناطق، بينها الغوطة الشرقية. وعلى صعيد آخر، أعلنت موسكو عن تحطم طائرة نقل روسية "كما يبدو جراء عطل تقني" عند الهبوط في قاعدة حميميم في غرب سورية، ما ادى الى مقتل 32 شخصا كانوا على متنها.-(ا ف ب)