مكتبة الآباء البيض في تونس.. منارة للبحث العلمي

تونس - في أحد أحياء المدينة العتيقة في تونس تقع واحدة من أهم المكتبات الموجودة في شمال إفريقيا. إنها مكتبة الآباء البيض أو مكتبة "إيبلا" التي أغلقت منذ ما يزيد على أربع سنوات جراء حريق أتلف نصف كتبها الثمينة، لكنها صمدت وأعادت فتح أبوابها لتشكل من جديد منارة للبحث العلمي.اضافة اعلان
مكتبة "إيبلا" -التي تقع محاذية لجامع الهواء الذي شيد في عهد الدولة الحفصية - هي اختصار في اللغة الفرنسية لاسم معهد الآداب العربية الجميلة الذي أسس في تونس سنة 1926 على يد الآباء البيض، وهم قسيسون مسيحيون كانوا يهدفون للتعرف على ثقافة المغرب الإسلامي.
عند تأسيس المعهد كان الوضع محتدما في تونس في ظل الاستعمار الفرنسي الذي حاول آنذاك طمس الثقافة التونسية، لكن معهد الآداب العربية الجميلة جاء في صف الشعب وركز جهوده على إبراز الثقافة التونسية ونشرها خصوصا بواسطة دوريته الثقافية والفكرية في مجلة "إيبلا".
ويقول الأب أندري فرّي - وهو من أصل فرنسي وأحد المسؤولين على مكتبة "إيبلا" منذ أكثر من عشرين عاما-إن "الغاية من تأسيس معهد الآداب العربية الجميلة التعرف على الديانة الإسلامية والثقافة التونسية والتعريف بهما".
ويضيف أن المعهد ساهم بشكل مباشرة في التعريف بالثقافة التونسية ونشرها خلال فترة الاستعمار الفرنسي من خلال مجلته "إيبلا" التي كان يكتب فيها القائمون على الآداب العربية الجميلة، وكذلك كتاب تونسيون، قضايا فكرية وثقافية تتعلق بالواقع التونسي.
يقول الأب أندري فرّي: "المكتبة ليس لها أي غرض تنصيري بل هي تعرض ما يتعلق بالثقافة الإسلامية".
وما تزال المجلة إلى اليوم تنشر وتوزع في تونس وفي عدة دول أوروبية وحتى أميركا. ومنذ وقت ليس ببعيد أصبحت المجلة تحت إشراف هيئة تحرير مستقلة متكونة من أساتذة جامعيين وباحثين تونسيين، لكنها مع ذلك ما تزال وفية لتوجهها الثقافي الفكري المعهود.
مكتبة "إيبلا" كانت تضم نحو 35 ألف كتاب لأبرز الكتاب والفلاسفة بعضها نادر جدا لكنها تعرضت إلى محنة صعبة دفعتها للاحتجاب عن روادها منذ أكثر من أربع سنوات بعدما أتلف حريق مباغت لا يعرف سببه نصف كتبها وتسبب كذلك بوفاة أحد المشرفين عليها.
غير أن المكتبة صمدت أمام هذه المحنة وتخطتها معولة في ذلك على هبات ومساعدات من أصدقاء معهد الآداب العربية الجميلة الذي تلقى هدية من معهد العالم العربي في باريس تتمثل في طنين من الكتب القديمة والحديثة لإعادة إثراء مخزونها المكتبي، بحسب الأب فرّي.
واليوم أعادت مكتبة الآباء البيض أو مكتبة "إيبلا" المتخصصة فتح أبوابها من جديد للأساتذة الجامعيين والباحثين لتشكل صرحا حضاريا لما تحتويه من كتب ومخطوطات تختزن في أدراجها الذاكرة التونسية والعربية والإسلامية. -(الجزيرة نت)