ملاحظات كاشفة من التقرير الجديد عن حالة الاشتمال الاقتصادي

ميكال روتكوفسكي *راكيش راجاني **شاميران عابد *** بيرجيت بيكل ****

واشنطن -دأبت الحكومات وشركاء التنمية منذ فترة طويلة على استخدام برامج الاشتمال الاقتصادي ضمن جهودها الرامية إلى مكافحة الفقر. وتعد هذه الإجراءات التدخلية أمرا أساسيا لمساعدة المهمشين والأشد فقرا على الإفلات من براثن الفقر من خلال تعزيز دخولهم وأصولهم، ومساعدتهم في الحصول على فرص عمل منتجة وسبل عيش مستدامة. إلا أن هناك افتقارا إلى الجهود المنظمة لجمع الشواهد والأدلة على تحقق الأثر، والمناقشات حول الفاعلية والتكلفة والمفاضلات، وجدوى توسيع نطاق هذه البرامج على المستوى العالمي.
هذا هو الوضع، حتى الآن. وقد أصدرت الشراكة من أجل الاشتمال الاقتصادي تقريرها الأول عن حالة الاشتمال الاقتصادي 2021، الذي يعد بمثابة محاولة لسد هذه الفجوة المعرفية الكبيرة، ويقدم- لأول مرة- استعراضا منهجيا لبرامج الاشتمال الاقتصادي في شتى أنحاء العالم، ويساعد في تسليط الضوء على كيفية اعتماد مختلف البلدان على الاستثمارات في مجال الحماية الاجتماعية والوظائف وموارد الرزق والشمول المالي لمساعدة أشد الناس فقرا في البحث عن سبل لكسب العيش وبناء مستقبلهم.
ويفحص التقرير برامج الاشتمال الاقتصادي والبيانات الواردة من 100 منظمة بدأت 219 برنامجا للاشتمال الاقتصادي في 75 بلدا حول العالم. تتصدى هذه البرامج لواحد من أكثر التحديات صعوبة في مجال التنمية ألا وهو تغيير الحياة الاقتصادية للمهمشين والفقراء فقرا مدقعا. وهو يتضمن عددا متساويا من البرامج التي تقودها الحكومات والمنظمات غير الحكومية، الأمر الذي يساعد في وضع أساس متين لنشاط الاشتمال الاقتصادي. ويستكشف التقرير المشهد العالمي سريع التطور، مع الأخذ في الاعتبار المناقشات الساخنة حول دور هذه البرامج ضمن عملية التعافي من جائحة فيروس كورونا (انظر هنا، وهنا).
كما يفحص التقرير برامج الاشتمال الاقتصادي والبيانات الواردة من 100 منظمة بدأت 219 برنامجا للاشتمال الاقتصادي في 75 بلدا حول العالم.
ويعد التقرير ثمرة تعاون فريد من نوعه في إطار الشراكة من أجل الاشتمال الاقتصادي، وهي منصة مخصصة لتقديم المساندة لاعتماد وتكييف برامج الاشتمال الاقتصادي الوطنية التي تعمل مع مجموعة متنوعة من الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومات الوطنية والمنظمات الثنائية والدولية والمنظمات غير الحكومية ومراكز البحث ومؤسسات القطاع الخاص.
فالشراكة مسألة حاسمة لنجاح هذه البرامج نظرا للطبيعة متعددة الأبعاد لتنفيذها. ومن الفرضيات الأساسية بين جميع برامج الاشتمال الاقتصادي: يواجه الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع والتهميش عوائق متعددة حينما يحاولون الإفلات من براثن الفقر. إن الاستجابة "متعددة الأبعاد" مطلوبة ، لذلك تتضمن برامج الاشتمال الاقتصادي مجموعة من الإجراءات التدخلية المنسقة متعددة الأبعاد التي تقدم المساندة للأفراد والأسر من أجل زيادة دخولهم وأصولهم في محاولة للإفلات من براثن الفقر، كما يوضح هذا الفيديو.
ومع تقدم أعمال الشراكة، تبرز أربع ملاحظات رئيسية من هذا التقرير تساعد في توضيح مسار المضي قدما:
تقود الحكومات في مختلف أنحاء العالم بشكل متزايد الجهود الرامية إلى توسيع نطاق الإجراءات التدخلية المتعلقة بالاشتمال الاقتصادي. تغطي البرامج التي تقودها الحكومات الواردة في تقرير حالة الاشتمال الاقتصادي 95 % من المستفيدين. ومع تطور هذه البرامج، فإنها تتجه إلى البناء على برامج واسعة النطاق لمكافحة الفقر، غالبا ما تركز بالفعل على شبكات الأمان وسبل كسب العيش وفرص العمل وجهود الاشتمال المالي. وتتضمن الإجراءات التدخلية الشائعة مزيجا من التحويلات النقدية أو العينية، والتدريب على المهارات أو التوجيه، والقدرة على الحصول على التمويل، والروابط مع دعم السوق.
وتقود الحكومات في مختلف أنحاء العالم بشكل متزايد الجهود الرامية إلى توسيع نطاق الإجراءات التدخلية المتعلقة بالاشتمال الاقتصادي.
الاستفادة من الأنظمة القائمة لرفع مستوى تنفيذ البرامج: شهدت السنوات القليلة الماضية زيادة كبيرة في تمويل ونطاق تغطية برامج الحماية الاجتماعية في مختلف بلدان العالم. وفي الوقت الذي توسع فيه البلدان نطاق التغطية والتمويل لهذا الشكل من أشكال الحماية الاجتماعية، يكتسب نهج تقديم مزايا إضافية إلى جانب شبكات الأمان والنقد أهمية أكبر، ويشير ذلك إلى إمكانية استكمال النقد بعناصر إضافية مثل التوجيه والتدريب والحصول على الخدمات المالية، فضلا عن الابتكارات الرامية إلى الوصول إلى قطاعات أخرى مثل الزراعة. ويعتبر الاشتمال الاقتصادي محركا رئيسيا لأجندة شبكات الأمان الاجتماعي التي تقدم مزايا إضافية، مما يعكس الالتزام بتعزيز تأثير البرامج وفعالية التكلفة من خلال الاستفادة من الأنظمة القائمة والسجلات الاجتماعية ومنصات الخدمات الرقمية.
الأولوية للنساء في الإجراءات التدخلية للاشتمال الاقتصادي: تعمل الحكومات على نحو متزايد على تكييف الإجراءات التدخلية وفقا لاحتياجات مجموعات محددة من الأطراف المعنية الضعيفة، بما في ذلك النساء المحرومات. ويبين التقرير أن تمكين المرأة اقتصاديا كان عاملا رئيسيا في وضع برامج الاشتمال الاقتصادي، ويركز نحو 90 % من البرامج التي شملتها الدراسة المسحية على مراعاة المساواة بين الجنسين. وحزم الاشتمال الاقتصادي متعددة الأبعاد في وضع جيد يؤهلها لمساندة النساء في معالجة الآثار المتعددة لجائحة فيروس كورونا، وهي قادرة في ضوء الغرض الذي صُممت من أجلة على إحداث نقلة في حياة المرأة الفقيرة. وهذا أمر يبعث على التفاؤل لأن جائحة كورونا سلطت الضوء على أوجه عدم المساواة بين الجنسين بل وأدت إلى تفاقمها، إذ كانت نسبة النساء أكبر كثيرا في القطاعات والمهن الأكثر تأثرا، مثل التعليم وقطاعات التجزئة والسفر والترفيه والضيافة والخدمات المنزلية. وتسلط الدروس المستفادة من الأزمات السابقة الضوء على تراجع الفرص المتاحة للنساء، وعدم إيلاء أولوية للخدمات الصحية للمرأة، وزيادة العنف ضدها، والحاجة الملحة لضمان أن يكون التعافي منصفا وشاملا للجميع، لذا فإن هذه النتيجة تقدم لمحة عن الأمل في تحقيق تكافؤ الفرص.
كما هناك حاجة لمزيد من الشواهد والأدلة لفهم تأثير البرامج وفعالية التكلفة: من المنتظر أن تتسع قاعدة معارف الاشتمال الاقتصادي بالنظر إلى الابتكارات المتوقعة من البرامج والبحوث الجارية. ويحدد التقرير مجموعة من الآثار الواعدة التي يحتمل أن تكون مستدامة عبر طيف واسع من النتائج. ومن المرجح أن تركز موجة جديدة من أنشطة التعلم والتقييم على البرامج الحكومية واسعة النطاق، وستساعد على عزل آليات الأثر عند جميع نقاط الدخول لمختلف المجموعات بمختلف أحجامها.
ويقدم تقرير عن حالة الاشتمال الاقتصادي مساهمة آنية في هذه الأجندة مع التركيز على البيانات المفتوحة. والبيانات المستقاة من 219 برنامجا للاشتمال الاقتصادي
ويعرض موقع تقرير عن حالة الاشتمال الاقتصادي المحتوى حسب الفصل، بما في ذلك استعراض عام ودراسات حالة وشرائح الباوربوينت لتمكينكم من تبادل بيانات ومعلومات التقرير.
وستستمر سلسلة المدونات هذه في الأسابيع المقبلة، لتعرض نقاشا للنتائج الرئيسية التي توصل إليها التقرير. وسنستكشف في غضون الشهرين المقبلين:

  • قيمة البيانات المفتوحة وما تعلمناه حتى الآن.
  • كيف تؤثر الحقائق السياسية على جدوى برامج الاشتمال الاقتصادي وتصميمها ونشرها بقدر ما تؤثر على السياق، مع أمثلة من أربع دراسات حالة من منطقة الساحل وبنغلاديش وبيرو والهند.
  • آثار هذه البرامج على طيف واسع من النتائج، وتسليط الضوء على بعض هذه النتائج، وتوضيح البحوث قيد الإعداد.
    -فعالية التكلفة وجدوى الإجراءات التدخلية للاشتمال الاقتصادي. ويشمل ذلك النتائج المستخلصة من تحليل التكلفة متعدد البلدان الذي يساعد على توضيح العوامل الرئيسية للتكلفة ونطاقات التكلفة في البرامج المختلفة.
    وستستضيف الشراكة من أجل الاشتمال الاقتصادي في شهر نيسان (أبريل) المقبل منتدى عالميا للتعلم يتيح المجال لإجراء مناقشات وتبادل الآراء ووجهات النظر بين المجتمعات المحلية التي أسهمت في هذا التقرير وتلك التي سيتناولها التقرير المقبل.
اضافة اعلان

روتكوفسكيمدير إدارة الحماية الاجتماعية والعمل بالبنك الدولي راجاني* نائب الرئيس ، البرامج ، Co-Impact
عابد***مدير أول، BRAC

بيكل**** مدير الصحة العالمية والوقاية من الأوبئة وصحة واحدة في الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ)