ملفات فساد نتنياهو ستقرر مصير الانتخابات المبكرة

رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو
رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو

برهوم جرايسي

الناصرة- عادت مسألة الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية المبكرة، تلوح في الأفق، مع اقتراب افتتاح الدورة الشتوية للكنيست، يوم الإثنين المقبل. وكما قيل من قبل، فإن نتنياهو سيقرر خلال الأيام المقبلة، إذا ما سيتجه نحو انتخابات مبكرة، تجري قبل موعدها ببضعة أشهر. وفي حين أن الذريعة هي خلاف مع كتلتي المتدينين المتزمتين، "الحريديم"، حول مشروع قانون يلزم بتجنيد شبان الحريديم في الجيش، إلا أن العامل الأساس المقرر لدى نتنياهو، هو ملفات الفساد التي تلاحقه. اضافة اعلان
ومنذ أن تفجّرت قضايا الفساد ضد نتنياهو في الشهر الأخير من العام 2016، بدأ الحديث في الأوساط الحزبية، حول أن نتنياهو سيسعى إلى انتخابات مبكرة، بهدف وقف التحقيقات معه، بفعل الحملة الانتخابية، على أمل أن عودته إلى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات، ستغير اتجاه التحقيقات ضده.
إلا أن سلسلة عوامل جعلت نتنياهو يتراجع عن مخططه، ومن بينها، تخوف نتنياهو أن تنعكس التحقيقات المكثفة ضده في فترة التحقيقات الأولى، سلبا على فرصه في الانتخابات. ولكن ما هو أهم من هذا، أنه في أوج مرحلة التحقيقات الأولى، دخل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حاملا معه أجندة اليمين الصهيوني الاستيطاني، في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. فرأى نتنياهو في هذا، فرصة لتحقيق مكاسب سياسية، ستسجل لصالحه، وتزيد من فرصه في الانتخابات.
فهكذا، رأينا ترامب يعلن في الشهر الأخير من العام 2017، اعترافه بالقدس، كعاصمة لدولة الاحتلال. وفي ذلك البيان، وما تبعه، جرى الحديث عن أن نقل السفارة إلى القدس سيستغرق سنوات. إلا أنه حينما أعلنت الشرطة في شهر شباط (فبراير) العام الحالي 2018، توصيتها بمحاكمة نتنياهو في قضيتين، من أصل 4 قضايا يجري التحقيق معه بشأنها، واستمرار التحقيق في القضيتين الأخريين، سارع البيت الأبيض للإعلان عن نقل السفارة في غضون ثلاثة أشهر، وفي موعد استفزازي، وهو ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني. وكان واضحا أن ترامب ومحيطه، يريدون تزويد نتنياهو بمكاسب سياسية أخرى، كدعم له.
أما الآن، فإن نتنياهو يرى أن بريق ووهج "الإنجازات السياسية"، التي زوده إياها البيت الأبيض، قد خف في وعي الجمهور الإسرائيلي؛ ولهذا فإنه حتما سيعود إلى حسابات الأساس في قراره بشأن الانتخابات المبكرة. فهو يعرف أنه مر حتى الآن ثمانية أشهر على توصية الشرطة بمحاكمة نتنياهو. والتوصية ما تزال عالقة لدى المستشار القضائي للحكومة، بصفته المدعي العام الأعلى. وهذه فترة طويلة، ما يعني أن قرار المستشار يجب أن يصدر قريبا، نسبيا. ومن الصعب تخيل رفض جارف لتوصية الشرطة، إذ أن كل التكهنات الإسرائيلية تتراوح ما بين قبول جزئي إلى قبول كامل لتوصية الشرطة، ما يعني أن نتنياهو سيمثل حتما أمام المحكمة، بهذه الصيغة أو تلك.
كذلك فإن أحد الملفين الآخرين، خطير للغاية من ناحية نتنياهو، وتجري التحقيقات بشأنه منذ عام ونصف العام، ما يعني أن الشرطة قد تصدر توصياتها بهذا الملف، خلال الأسابيع المقبلة. وكانت قد أجرت الشرطة مع نتنياهو يوم الجمعة الماضي، جلسة التحقيق الـ 12 في هذا الملف.
وبموجب القانون، فإن نتنياهو ليس ملزما بالاستقالة من منصبه في حال مثل أمام المحكمة. إلا أن أجواء الرأي العام لن تهدأ، وستطالب بتجميد منصبه أو استقالته، إلى حين انتهاء المحاكمة. وهذا ما يريد نتنياهو تجنبه. ولكن الأهم من هذا، أن قرارات نهائية تقضي بمثوله أمام المحكمة بتهم فساد، ستضعف مكانته في الانتخابات، على الرغم من أنه يواصل حصوله على النسبة الأعلى من دون منافس في استطلاعات الرأي.
وكان آخر هذه الاستطلاعات في مطلع الأسبوع الجاري، إذ حصل نتنياهو على نسبة 38 %، كرئيس الحكومة الأفضل، من بين الذين ترد أسماؤهم كمرشحين، فيما كل المنافسين الآخرين، لا يصل الواحد منهم إلى نسبة 10 %. كما أن حزب "الليكود"، متوقع له أن يحافظ على قوته الحالية من 30 مقعدا، في حين أن كل أحزاب اليمين الاستيطاني المتطرف، إما ستحافظ على قوتها، أو أنها ستتراجع. وفي جانب المعارضة، فإن أكبر قائمة ستحصل على 18 مقعدا، على الأكثر. وهذا مشهد يريده نتنياهو، ولكن يحاول تثبيته على أرض الواقع.
ومن أجل أن يضمن نتنياهو مشهدا سياسيا، يكون الشخصية الوحيدة المؤهلة لتشكيل الحكومة المقبلة، وعلى رأس الحزب الأكبر من دون منافس، فقد كرر في الأيام الأخيرة، كما ذكرنا من قبل، التلويح بمبادرة لخفض نسبة الحسم في الانتخابات المقبلة. بعد أن تم رفعها في الانتخابات السابقة، من 2 % الى 3.25 %. وكان الحديث في حينه، السعي وضع عائق أمام القوائم الناشطة بين فلسطينيي 48، والتي توحدت ضمن "القائمة المشتركة"، ولها اليوم 13 مقعدا، وهي القوة البرلمانية الثالثة في الكنيست.
أما هدف نتنياهو من خطوة كهذه، تعارضها أحزاب اليمين، هو أن يفكك تحالفات قائمة بين أحزاب اليمين الاستيطاني، وأيضا في المعارضة، كي يكون نتنياهو، هو القوة المركزية الأساس في الكنيست، وأمامه "أحزاب فتات" من اليمين، لا يقوى أي منها على تهديده ومواجهته.
وعلى الرغم من كل هذا، فإن قرارا حادا من المستشار القضائي لتقديم نتنياهو للمحاكمة، بتهم خطيرة، مثل تلقي الرشاوى وخيانة الأمانة، من شأنه أن يقلب الكثير من حسابات نتنياهو الحزبية.