ملف تأمينات "الضمان"... خبراء يوجهون سهام انتقاداتهم لسياسات الحكومة

بدون-عنوان-1
بدون-عنوان-1
رانيا الصرايرة عمان- لاقت التوجهات الحكومية فيما يخص التعامل مع ملف تأمينات الضمان الاجتماعي، وتحديدا تأميني التعطل عن العمل والشيخوخة، انتقادات خبراء بهذا المجال، ليؤكدوا ان هذه السياسات “تمس بقدرات صناديق الضمان على الوفاء بالتزاماتها تجاه مشتركينها”. مدير بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة يؤكد ان فكرة أنظمة الضمان الاجتماعي مبينة على اساس توفير مجموعة من التأمينات للعاملين بمختلف فئاتهم، كإصابات العمل والشيخوخة والعجز والوفاة والأمومة والبطالة والصحة. لكنه يرى أن ما لجأت الحكومة إليه مؤخرا من ممارسات على المستوى الوطني تعبر عن “فوضى” في التعامل مع أهداف الضمان الاجتماعي وتأميناته وغايات صناديقه، “ما شكل اختلالات حادت عن الدور الحقيقي له بصورة تمس بقدرات صناديقة على الوفاء بالتزاماتها وبحقوق المشتركين”. ويلفت أبو نجمة الى ان صندوق التعطل عن العمل سمح تعديل قانون الضمان الإجتماعي الذي تم العام الماضي للمشترك بالسحب من مدخرات الصندوق لغايات التعليم والصحة، وهو أمر مغاير تماما لأهداف الصندوق والحكمة من وجوده، وأدى إلى سحب ما يقرب من 200 مليون دينار منه حتى بداية العام الحالي، ما أضعف قدرته على التعامل مع الأزمة الحالية التي ينتظر أن يشكل فيها هذا الصندوق صمام الأمان للحفاظ على استقرار سوق العمل وديمومة عمل مؤسسات القطاع الخاص، وضمان الدخل الكافي للعمال المتضررين. وفي صندوق الأمومة أضاف أمر الدفاع رقم 1 تدخلا آخر سمح بصرف نصف إيرادات اشتراكات الصندوق لتقديم دعم نقدي وعيني لكبار السن والمرضى، وهي فئات ليست من أشخاص قانون الضمان الاجتماعي والمقصودين بأحكامه، ودعمهم ليس من مهام صناديقه بل هو من مهام صناديق ومؤسسات أخرى مختصة بذلك، يضاف إلى ذلك ما كان قد نص عليه تعديل 2019 بتخصيص نسبة من إيرادات الصندوق لصالح دعم برامج مرتبطة بالأمومة. وفي تأمين الشيخوخة، منح أمر الدفاع رقم 1 منشآت القطاع الخاص صلاحية استثناء العاملين لديها من هذا التأمين لمدة ثلاثة أشهر، بعد أن سمحت تعديلات 2019 باستثناء مشابه أعفى بعض المنشآت من شمول العاملين لديها من هذا التأمين لمدة تصل إلى خمسة أعوام، وهو أمر أدى إلى حرمان فئة كبيرة من العاملين من هذا التأمين والانتقاص من مستحقاتهم التقاعدية. ويوضح أبو نجمة انه وعلى الرغم من أن فئة العاملين في القطاع غير المنظم، والتي تشكل 48 % من مجموع العاملين في المملكة، هي من أهم فئات العمال التي يتوجب شمولها بالضمان الاجتماعي (ومنهم من يسمون بعمال المياومة)، نظرا لافتقاد معظمهم لأبسط الحمايات القانونية والاستقرار الوظيفي، وتعرضهم لظروف عمل صعبة وللعديد من الأخطار على سلامتهم وصحتهم، “إلا أنهم رغم ذلك ما يزالون خارج هذه الحماية”. ويقول انه ورغم أن أمر الدفاع رقم 6 قد أكد على سعي الحكومة لتقديم الدعم اللازم لعمال المياومة شريطة اشتراكهم بالضمان الاجتماعي، إلا أنها قد تراجعت عن ذلك فيما بعد، وخلا أمر الدفاع رقم 9 الخاص ببرامج الضمان الاجتماعي من أي آلية لشمولهم وتقديم الدعم لهم، واستبدلت الحكومة ذلك بدعم يشمل منهم فقط من يعيل أسرة وبمبلغ محدود يتراوح ما بين 70 و136 دينارًا، وهو يقل كثيرا عن الحد الأدنى للأجور وعن حد الفقر، “وبذلك فقدنا فرصة ذهبية لشمول هذه الفئة بالضمان كخطوة مهمة نحو انتقالهم إلى القطاع المنظم”. وأشار أبو نجمة إلى أن “النظرة إلى أموال الضمان الاجتماعي بأنها مجرد مخزون احتياطي لمعالجة الاختلالات الاقتصادية التي قد تواجهها الدولة في أي وقت، هو ما يفسر سلسلة التعديلات القانونية والقرارات المتتالية التي تمس بالأهداف والغايات التي وجدت أنظمة الضمان الاجتماعي لتحقيقها”. بدوره، ينتقد النائب خالد رمضان فكرة الاشتراط على من يصرح له بالعمل بالاشتراك بالضمان ليؤكد ان هذا من شأنه أن يحرم الغالبية الكبيرة من العاملين في هذه الأنشطة الاقتصادية من الانتفاع من هذا القرار، اذ إن الدراسات التي أجرتها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي تفيد أن أكثر من 90 % من العاملين في الأنشطة الاقتصادية غير مشتركين بالضمان الاجتماعي، الأمر الذي يعني أن الفوائد المرجوة من هذا القرار والرامية الى تمكين العاملين في هذه الأنشطة الاقتصادية من ممارسة أعمالهم والحصول على الحد الأدنى من رزقهم (الدخل) في هذا الظرف الاستثنائي “لن تتحقق”. وحول السياسات الحكومية تجاه تأمينات الضمان الاجتماعي، يقول رمضان “للتذكير اثناء مناقشات والمداولات حول القانون المعّدل للضمان (الفريق الحكومي وإدارة الضمان والأغلبية في مجلس النواب والأعيان انحازت الى استثناء قطاعات من المستخدمين (خاصة الرياديين كما تم الدفع بالأسباب الموجبة) من الاشتراك حتى عمر 28 عاما لمدة خمسة أعوام، ورغم معارضتي ومحاولاتي الا ان الأمر استقر على الاستثناء وصدر القانون المعّدل، فكيف نطلب الآن السماح لأشهر للعمالة غير المنظمة فقط”. يذكر ان تعديلات حصلت على قانون الضمان الاجتماعي اجازت لمؤسسة الضمان الاجتماعي استثناء بعض العاملين الذين لا تتجاوز أعمارهم الثامنة والعشرين عاما من الشمول بتأمين الشيخوخة في المنشآت التي لا يزيد عدد العاملين فيها على (25) عاملا والمسجلة في المملكة وذلك لمدة لا تتجاوز 5 أعوام من تاريخ تسجيل المنشأة على أن تلتزم المنشأة بدفع اشتراكات تأمين العجز والوفاة بنسبة 1 % من أجور المؤمن عليهم الخاضعة للاقتطاع.. من ناحيته، يعتبر الخبير في سياسات العمل محمد الزعبي، أن هذا الأمر سيشكل خطرا ليس فقط على مدخرات الضمان، بل أيضا على الأمن والسلم الاجتماعيين والتوازن بين فئات المجتمع نتيجة افتقاد الفئات الضعيفة من العاملين للحمايات، فأموال الضمان الاجتماعي هي مدخرات للعمال ولا يجوز أن تكون عرضة للمغامرة، ويجب أن يكون التصرف فيها واستثمارها محدود بأهدافها وبمصالح أشهر، بالإضافة إلى توقع زيادة حادة في عدد المتقاعدين الجدد وخصوصا التقاعد المبكر، إضافة إلى توقع ضعف العائد الاستثماري للشركات التي يساهم فيها الضمان والتي تبرع معظمها بالجزء الأكبر من هذه الأرباح لصندوق همة وطن، وإلى انخفاض قيمة أسهم الشركات التي يساهم فيها الضمان. وبذلك يتوصل الزعبي الى نتيجة مفادها “أصبح الضمان بحاجة ماسة جدا إلى ايجاد مصادر مالية تغطي جزءا من هذا العجز، ومن أفضل من القطاع غير المنظم الذي يضم عددا هائلين من المشتركين المحتملين، حيث يحقق اشتراك جزء منهم انقاذا للمركز المالي للضمان في هذه المرحلة”.اضافة اعلان