ملف كارثي أمام وزارة البيئة

من يصدّق أنّ المملكة استوردت خلال العقد الماضي أكثر من 350 ألف سيّارة هجينة مزوّدة ببطّاريّات “نيكل ايون وليثيوم ايون”؟.

ولاحقاً تمّ استيراد ما يقارب 50 ألف سيّارة كهربائيّة بالكامل مزوّدة ببطّاريّات “ليثيوم ايون” كبيرة الحجم، وجميعها بطّاريّات تحتوي على معادن عالية الإشعاع مثل الليثيوم والنيكل والمنغنيز والكوبالت. منذ عدّة سنوات بدأت بطّاريّات السيّارات الهجينة (هايبرد) بالتعطّل ممّا تطلّب تبديلها بالكامل حسب تعليمات الشركات الصانعة، وبسبب غياب الرقابة الحكوميّة، تمّ ويتمّ فتح البطّاريّات وتبديل خلاياها بشكل مخالف لتعليمات الشركة الصانعة وشروط السلامة البيئيّة، لأنّ هذه البطّاريّات تحتوي على موادّ مسرطنة أو يمكن أن تخضع لتفاعلات كيميائيّة تنتج حرارة أو غازات خطرة، وتشمل الموادّ السامّة حسب آراء الخبراء المختصّين في مركبات الليثيوم ومركّبات النيكل ومركّبات الزرنيخ وديميثوكسي إيثان، وكلّها موادّ مسرطنة ولها تفاعلات كيميائيّة خطيرة. بطّاريّات السيّارات الهجينة والكهربائيّة خطيرة للغاية في حال عدم التعامل الصحيح معها، فعند فتح البطّاريّات تتسرّب تلك الغازات السامّة للهواء، وتسبّب مخاطر السرطان لكلّ من يتعامل معها، وتتسرّب تلك الموادّ الخطرة للتربة ومصادر المياه الجوفيّة ممّا يهدّد بكارثة بيئيّة صحّيّة على مستوى الوطن، والخطر يتضاعف مع بطّاريّات السيّارات الكهربائيّة الّتي يزيد حجم بطّاريّتها عن البطّاريّة المستخدمة في السيّارات الهجينة من خمسة إلى عشرة أضعاف. حسب متطلّبات الأمن والسلامة في التعامل مع هذه البطّاريّات، فإنّ هناك قواعد عالية للتعامل معها لضمان السلامة والأمن البيئيّ، حيث تشترط الشركات الصانعة على الوكلاء المعتمدين لها في الأردنّ، تجهيز أماكن معزولة جيّداً، ومخازن خاصّة بمواصفات بيئيّة مكلّفة، واتّباع تعليمات تعتبر صارمة للغاية لتبديل البطّاريّات (دون فتحها إطلاقاً) وتشترط إعادة شحنها للمصنع بتغليف معيّن تمهيداً لإعادة تدويرها. لكن للأسف المشهد المحلّيّ مؤلم للغاية في التعامل مع هذه البطّاريّات وتداعياتها الكارثيّة على البيئة، فكلّ الورش والكرّاجات المحلّيّة تتعامل بكلّ استهتار مع هذه البطّاريّات وتقوم بفتحها والعبث فيها وتبديل خلاياها ورميها في النفايات وصولاً للمكبّات العامّة، دون أدنى مسؤوليّة أو رقابة حكوميّة، لا بل ويقوم بعض تجّار الخردة بتفكيك البطّاريّات طمعاً بمعادنها مرتفعة الثمن، لبيعها ورمي باقي المكوّنات للمكبّات، أيضاً دون ترخيص ودون أدنى رقابة. حتّى الآن وحسب أرقام مبيعات البطّاريّات الجديدة تمّ استبدال ما يقارب 15-20 ألف بطّاريّة لسيّارات هجينة هايبرد مستعملة، ولا يعلم كيف تمّ التعامل مع البطّاريّات التالفة وكيفيّة التخلّص من الموادّ الخطرة الّتي تحتويها. أمام هذا المشهد البيئيّ المؤسف، يبقى السؤال المشروع والّذي يدور في غالبيّة أذهان المراقبين، أين الرقابة الحكوميّة على هذه الكارثة البيئة، وتحديداً وزارة البيئة الّتي يجب أن تكون أولى أولويّاتها حماية البيئة وصحّة المواطن من أيّ كوارث بيئيّة؟ فلغاية الآن لم يسمع أو يشاهد أحد أيّ إجراءات رقابيّة حكوميّة وتحديداً من وزارة البيئة الّتي تجول فرقها الرقابيّة على المصانع الأردنيّة والمحلّات التجاريّة في شتّى محافظات المملكة وتخالف على كلّ صغيرة وكبيرة تحت مسمّيات السلامة البيئيّة، في حين تغضّ الطرف عن كارثة بيئيّة بكلّ ما في الكلمة من معنى. المقال السابق للكاتب : اضافة اعلان