مناجاة مع صديقي

"صلي على النبي أبو صطيف. زيد النبي صلاة. روق وخلّينا نحاول نفهم على بعض": الإسلام كدين وكتاب مقدس وسنة نبوية عطرة، ليس بقية ورثة الحج والدك رحمه الله. الإسلام لجميع المسلمين، وليس لك أي فضل على أي شخص آخر بتعبدك أو صلاتك أو علامة الزبيبة على "صباحك"، أو أنك سلفي أو صوفي أو حبشي أو إخواني، لأن هذه فرق جاءت بعد الرسول عليه السلام، وعلى حد علمي ليس من الصحابة من هو عضو فيها. والصراحة، أبو صطيف، أنه إن كان لك فضل فيكون بالتقوى، والتقوى لا تستقيم مع الشتم والسب والتنميط، وأكيد أنها لا تستقيم مع القتل أو التكفير أو الإقصاء.اضافة اعلان
الدعوة للإسلام، يا صديقي، ليست بالخطب والصراخ على المنابر، أو بأن تفرض نفسك على الناس في "عزاهم" أو مجالسهم. الرسول الكريم أثّر في الناس واتبعوه بأخلاقه وسلوكه الشخصي في الحياة، وبالتلطف والعفو. فإذا "بتصلي حبيبي"، هذا لا يبرر لك أن تخالف قانون السير أو تتهرب من الضريبة.
أنا معك، أبو صطيف، أن العيب في فئة من المسلمين، وليس في القرآن أو السُنّة، وأن الفهم المتشابه للقرآن إنما يصدر عن غرض أو هوى أو "تياسة" من البعض. "بس"، يا صديقي، الحقيقة المرة أن لا أحد يقتل اليوم باسم الدين والتدين وبناء على فهم "فقهي" لنص الكتاب المقدس والحديث، إلا المسلمون. يعني، مع أن الغرب حاقد "مصلحجي"، وتحركه مصانع السلاح، وأن المخابرات الغربية "بتلعب" بالمنطقة -كلوا فاهمه- "بس باشا" كل ذلك لا يغير أنه "عندنا مشكلة" إسلامية. يعني "خيّوه دوده من عوده". وهذه معركة "لازم" نخوضها لتحرير الدين من هوس متسلقي السلطة. ولا يكون هذا إلا في مجتمع مدني، حيث حرية التدين وعدم التدين مصونة، وحيث الحكم الديمقراطي عن طريق أحزاب لها برامج حزبية اقتصادية سياسية اجتماعية وليس جماعات دعوية خارجة عن فهم الدولة والدستور. "ما بصير جنابك" تقعد في الدولة وتشتغل ضدها؛ والدولة دستور ونظام حكم وتعدد وتنوع "بدك تحترمهم".
من حقك التدين. والدستور، أبو صطيف، يحمي عقيدتك. وأنت عارف أنه حتى أهلنا المسيحيون -وهم أسبق منا في التوحيد- كانت الحضارة الإسلامية واللغة العربية تشكلان لهم إطاراً ثقافياً معرفياً، لكن هذا لا يؤهل، جنابك، أن تمنح صكوك إيمان و"قواشين" للجنة والنار؛ فهذا اعتداء على اختصاص الله عز وجل، ذلك أنه لا يدخل أحد الجنة بعمله، بل برحمة من ربه وفضل. وأزيدك من الشعر بيتا، باعتباري ليبرالي. أنا مع حقك السلمي غير المخالف للقانون لأي فهم أو تفكير أو توجه لجنابك. ولكن تذكر "سلمي"، ففي أي لحظة تتحول للترهيب الفكري باسم الدين أو فرض فهمك للدين على الناس على نحو يخالف قاعدة "لا إكراه في الدين"، فإنك تخالف الدستور والقانون اللذين كفلا الحرية الشخصية للأردنيين، وكذلك حرية الرأي والعقيدة. نعم، دين الدولة الإسلام، ولكن هذا لا يغير من أن الدولة تقوم على سيادة القانون والدستور، وليس على الفتاوى من أي جهة كانت. ولو تعارضت الفتوى مع القانون، يطبق القانون لأن الفتوى كما تعلم هي اجتهاد بشري وقانون وضعي وليس نصا قرآنيا أو سنة نبوية. وفي كل الأحوال، الفتاوى ليست من مصادر التشريع للدولة.
"نما أنت عارف" أبو صطيف، القرآن الكريم حفل بأوامر ربانية تدعو للعقل والتفكير والتفكر "أفلا تعقلون"، "أفلا تتفكرون"، "أفلا تفقهون". وأنت تعلم أن هذا التفكر والتأمل والفهم مطلوب من مسلم قريش في عهد النبي ومن مسلم القرن الواحد والعشرين، وكذلك من كل مسلم لأبد الآبدين. فالقرآن نص نزل لكل فرد مسلم، وفهمه ليس حكرا عَلى جنابك ولا على فهم أموات من قرون خلت. وكما قال أبو حنيفة "هم رجال ونحن رجال". إن تعطيل العقل هو تعطيل للقيم العليا للإسلام، ولا تكليف ولا إيمان قبل العقل؛ فحيث تعطل العقل فإنك تجند للتكفير والإقصاء والداعشية... فاهم علي أخوي أبو صطيف؟ فاهم عليّ جنابك؟