منتدون: القطاع الصحي غير منظم ويفتقر لآليات استراتيجية وإدارية ومؤسسية

مشاركون في ندوة عقدها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية بعنوان "الصحة، والصحة العامة، والسياسات الصحية... رؤية استراتيجية" -(من المصدر)
مشاركون في ندوة عقدها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية بعنوان "الصحة، والصحة العامة، والسياسات الصحية... رؤية استراتيجية" -(من المصدر)
تيسير النعيمات عمان– يشهد القطاع الصحي في البلاد "تراجعًا وتخلفًا ملحوظًا في ظل ما يفرض عليه من متغيرات علمية وصحية واقتصادية واجتماعية وسياسية طرأت عليه، حتى باتت السياسات الآنية الترقيعية التي توضع لا تسهم في دفعه خطوات للأمام أو تحد من تراجعه"، وفق مشاركين في ندوة نقاشية متخصصة، عقدها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية بعنوان "الصحة، والصحة العامة، والسياسات الصحية... رؤية استراتيجية". واعتبر المشاركون أن القطاع الصحي في الأردن "مبعثر وغير منظّم، ويفتقر لآليات استراتيجية وإدارية ومؤسسية للتنسيق بين مختلف مكوناته، الأمر الذي انعكس سلبًا على المنتج الصحي". وأجمعوا على ضرورة إنشاء هيئة مستقلة تضم جميع القطاعات الطبية المتخصصة في سبيل تقديم خدمة نوعية صحية للمريض، وتشكيل لجان عمل مصغرة تعد مقترحات ضمن تقارير وتحليلات وأوراق سياسات قابلة للتنفيذ ضمن مدة زمنية. الندوة التي شارك فيها وزراء صحة سابقون، وأطباء ومتخصصون في العمل الصحي، وأساتذة، وأكاديميون ونقابيون، ونواب، وممثلون عن مختلف مؤسسات القطاع الصحي في الأردن، هدفت إلى بناء رؤية واضحة لتطوير قطاع الصحة في الأردن بما في ذلك السياسات العامة، التشريعات، التعليم الطبي، كفاءة الخدمات الطبية، والموارد البشرية. وقال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور زيد عيادات "إن القطاع الصحي في الأردن تراجع في بعض المؤشرات الصحية نتيجة الزيادة المفاجئة في عدد السكان الناتجة عن الهجرات القسرية والأزمات في الدول المحيطة"، مضيفًا "أن معظم الاستراتيجيات الوطنية الخاصة بالصحة كشفت عن مجموعة من التحديات التي تواجه القطاع الصحي بالأردن". وأشار إلى أن هذه الندوة، التي جاءت لتشكل منصة انطلاق للحوار والنقاش العلمي والبحثي بقطاع الصحة في الأردن، معنية بالإجابة على تساؤلين اثنين؛ الأول: ما الذي حدث من أخطاء طيلة الأعوام الماضية أدت إلى حدوث هذا التراجع في قطاع حيوي مثل قطاع الصحة، والثاني: ما هو النظام الأمثل للدولة الأردنية من إستراتيجيات وسياسات الممكن انتهاجه لمعالجة قصور أطراف ومكونات هذا القطاع. واشتملت الندوة على جلستين، الأولى أدارها أمين عام المجلس الصحي العالي الدكتور محمد رسول الطراونة، وتناولت محور (الصحة والصحة العامة والسياسات الصحية في الأردن)، قدم وزير الصحة السابق الدكتور محمود الشياب ورقة عمل تطرق فيها إلى وضع الصحة والقطاع الصحي في الأردن والتحديات والعقبات التي تواجه نظام الرعاية الصحية. وأكد وجود "شكاوى دائمة تتعلق بعدم توفر الأدوية، رغم أن إجمالي الإنفاق على الدواء بلغ حوالي 581 مليون دينار، شكّل ما نسبته 22 % من الناتج المحلي الإجمالي، ما يؤشر إلى هدر الأدوية، فضلًا عن اكتظاظ المراجعين والمواعيد البعيدة ومستوى الخدمات المقدمة". وفيما أشار الشياب إلى مشكة "تعدد آباء القطاع الصحي، ونقص الكوادر الصحية والطبية، وخصوصًا الاختصاصيين، فضلًا عن ارتفاع ثمن الأدوية"، أوضح أن الأردن ينفق ما بين 19 % و25% من مجمل الناتج المحلي الإجمالي على الرعاية الصحية الأولية، وهو ما وصفه بـ"القليل". إلى ذلك، بين المشاركون في هذه الجلسة "لا يوجد أي تنسيق بين القطاعات الطبية المختلفة داخل الأردن"، لافتين إلى "سوء التنظيم في هذا القطاع بشكل عام، والاكتظاظ الذي تشهده المستشفيات الحكومية، ناهيك عن ارتفاع التكاليف في المستشفيات، فضلًا عن التغيير المستمر لوزراء الصحة". وأكدوا ضرورة "توحيد صناديق التأمين الصحي كافة، والعمل على إيجاد آلية لتفعليها حسب المقدرة المادية لكل مواطن، إذ يجب أن لا يكون في يد وزراة الصحة"، مشيرين إلى "دارسة حول التأمين الصحي الشامل للمواطنين كافة، قام بها شخص لبناني أجريت قبل فترة وكلفت خزينة الدولة نحو 365 ألف دينار، لكنها لم تر النور حتى هذه اللحظة". كما تطرقوا إلى موضوع اللامركزية في التعيين، بحيث تكون مديرية الصحة في كل محافظة مسؤولة عن تعيين الأطباء والصيادلة والممرضين، لما لذلك من إيجابيات تعود بالنفع على المواطن"، مؤكدين "أنه يوجد نقص بهدد الأطباء، لكن بالمقابل يوجد أيضًا سوء توزيع، وخاصة فيما يتعلق بالمراكز الصحية". وفي الجلسة الثانية، التي أدارها نقيب الأطباء الأردنيين الدكتور علي العبوس، وجاءت لتناقش محور "السياسات العامة في مجال الصحة والقطاع الصحي ... البدائل والخيارات"، تحدث رئيس لجنة الصحة والبيئة النيابية عيسى الخشاشنة عن السياسات العامة لقطاع الصحة، قائلًا "يجب أن لا تظل محصورة بمجال عمل الطبيب فقط، وإن كان هو أساس العمود الفقري فيها، فسياسات القطاع تطال أيضا مجال الصيادلة والعاملين في قطاع المختبرات الطبية والأشعة أيضا". ودعا إلى ضرورة العمل بتشاركية من قبل جميع أطراف القطاع المتداخلة للخروج بتوصيات ونتائج تسهم في تحسين المنظومة الصحية في الأردن، وتمكننا من إعادة النظر بالاختصاصات الفرعية للقطاع الطبي، بالإضافة إلى تحسين سلم الرواتب والحوافز التي تقدم للأطباء. وخلال الندوة، أكد المشاركون أهمية الوقوف وقفة جادة فيما يتعلق بقطاع التأمين الصحي من حيث كلفته وإدارته وشموليته لكل المواطنين، معتبرين أن الحل من وجهة نظرهم هو إنشاء هيئة خاصة بالتأمين الصحي مستقلة عن وزارة الصحة، تعمل وفق أسس اقتصادية وتجارية ومالية خاصة بها. وتداول المنتدون حاجة القطاع الصحي لنظرة شمولية تقر وتلتزم فيها كل أطرافه ومكوناته، ومدى الحاجة إلى التنسيق بين القطاعات الصحية والإدارية، وإعادة النظر بتوزيع وأداء المراكز الصحية. وأعربوا عن تخوفهم من المستويات "المتدنية" لخريجي كليات الطب في مختلف الجامعات سواء خارج الأردن أو داخله مع ضرورة مراقبة وتقييم أدائهم.اضافة اعلان