‘‘منتدى الاستراتيجيات‘‘ يطرح 3 سيناريوهات بديلة لرفع أسعار الكهرباء

عمان-الغد- يرى منتدى الاستراتيجيات أن على الحكومة إعادة النظر في الحلول المطروحة حاليا لمشكلة العجز الذي يسببه دعم الكهرباء على مديونية الأردن، وهي إما بقاء الحال على ما هو عليه، أو ربط أسعار الكهرباء بأسعار النفط، أو الاستمرار في الرفع الممنهج لأسعار الكهرباء. اضافة اعلان
ويعتقد المنتدى أن هناك العديد من السيناريوهات البديلة التي يمكن لشركة الكهرباء الوطنية استغلالها عوضاً عن زيادة أسعار الكهرباء من أجل رأب فجوة العجز في ميزانيتها، وذلك إما بمعالجة خلل موجود في التعرفة، أو بالحد من تأثير الدعم الحكومي لبعض المستهلكين الكبار واستبداله بما اسماه المنتدى" دعم مستدام" بدلا من "الدعم الدائم"، أو التقليل من خسائر الحكومة من الدعم البيني جراء تحول المستهلكين الكبار للطاقة المتجددة.
ويوصي المنتدى في دراسته بثلاثة سيناريوهات تمكن شركة الكهرباء الوطنية من تسديد تكلفة الكهرباء وتجنب العودة إلى حالة العجز في الميزانية ما أمكن. وكذلك دعم العديد من القطاعات الداعمة للاقتصاد الوطني مما سيؤدي إلى ازدهارها وبعث الشعور بالرخاء الذي سينعكس إيجاباً على فرص العمل والناتج القومي الإجمالي، إلى جانب تخفيض مستوردات الأردن من الطاقة وكل انعكاساته الإيجابية كتوفير الطاقة المحلية، وتقليل ما أسماه بـ "الاعتماد المميت" على الاستيراد، ورفع الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص عمل جديدة وتحريك الاقتصاد، وتحقيق رؤية الأردن 2025 بالتوجه نحو اقتصاد اخضر ومستدام وزيادة لفرص العمل ورفع للناتج المحلي الإجمالي.
وبحسب دراسة للمنتدى، يمكن تطبيق الـ 3 سيناريوهات (بدائل رفع الدعم) مجتمعة او منفردة، وتعتبر هذه الفرص بدائل اكثر استدامة سواءا للاقتصاد الأردني بشكل عام، أو للقطاعات المعينة بشكل خاص، كما يؤمن المنتدى بوجود العديد من الحلول المبتكرة للخروج من الأزمة التي تفرضها اسعار الطاقة وذلك لتفادي رفع اسعار الكهرباء ولدعم نمو الاقتصاد الأردني.
وبحسب المنتدى، بدأت الحكومة بالتصدي لهذا التحدي المتمثل بزيادة كلفة إنتاج الكهرباء والدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة لأسعار الكهرباء، وذلك بدءا في العام 2013 وضمن برنامج صندوق النقد الدولي الإصلاحي، وذلك من خلال عملية الرفع الممنهج لأسعار الكهرباء وذلك حسبما ورد في الاستراتيجية الوطنية لمعالجة خسائر شركة الكهرباء الوطنية، وذلك حتى تتمكن شركة الكهرباء الوطنية من معالجة الدين المترتب عليها والذي تخطى 4.5 مليار دينار في نهاية العام 2014.
ويجدول هذا البرنامج زيادة ممنهجة لأسعار الكهرباء ولمدة 5 أعوام (2013 - 2017) بحيث تصل الأسعار إلى المستوى الذي يغطي التكلفة، والتي تم تحديدها العام 2013 وحسب أسعار إنتاج الكهرباء آنذاك (والتي كانت 17.9  قرش لكل ك.و.س) وينهي العجز بحلول العام 2017.
وبحسب الدراسة فإن العديد من التطورات طرأت في العام 2015 وكان من أهمها، الانخفاض الحاد في أسعار النفط عالميا، حيث انخفض سعر برميل النفط من حوالي 100 دولار للبرميل إلى أقل من 35 دولارا، وزيادة اعتماد الأردن على الغاز الطبيعي المسال القادم إلى المملكة عبر ميناء العقبة لتوليد الكهرباء، والذي تم افتتاحه في تموز (يوليو) 2015.
وكذلك انخفاض تكلفة انتاج الكهرباء نتيجة الاعتماد الكبير على الغاز المسال وانخفاض أسعار النفط، حيث انخفضت تكلفة استيراد الطاقة في الأردن لتصبح ما يعادل 10.1 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2015، وذلك مقارنة بـ 17.3 % في العام 2014 وانخفاض تكلفة توليد الكهرباء إلى 11 قرشا لكل ك.و.س، كل ذلك أدى الى انخفاض خسائر شركة الكهرباء الوطنية في العام 2015 بنسبة 79 % بسبب انخفاض تكلفة انتاج الكهرباء، حيث سجلت الشركة 232 مليون دينار من الخسائر في العام 2015 مقارنة بـ1179 مليون دينار في العام 2014.
توجه الداعمين الكبار للطاقة المتجددة
وتفضي الدراسة الى أن جميع ما سبق أدى إلى ازدياد توجه مستخدمي الكهرباء الكبار والداعمين لتعرفة الكهرباء ممن تفرض عليهم تعرفة كهرباء عالية نسبيا، خاصة في قطاع الاتصالات والقطاع المصرفي وقطاع التعليم والمستشفيات والصناعات الاستخراجية، إلى توليد حاجتهم من الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة، وبالتالي توقفهم عن استهلاك الكهرباء المولدة من الطاقة الأحفورية التي تزودها شركة الكهرباء الوطنية، أي توقفهم عن سداد قيمة ما يسمى بالدعم البيني (الدعم بين الشرائح المختلفة) والذي تعتمد عليه الشركة وزيادتها الممنهجة لسد العجز في ميزانيتها.
كذلك أدت إلى الكثير من الجدل حول جدوى الاستمرار في الرفع الممنهج لأسعار الكهرباء الذي كان يهدف بالأساس إلى الوصول لتغطية سعر التكلفة، وإننا اقتربنا فعلا من الوصول إلى هذه المرحلة في العام 2015، فانتفى بهذا سبب الاستمرار في الزيادة على أسعار الكهرباء في حال استمرت أسعار النفط كما كانت عليه في العام 2015.
ثالثها: مطالبات بإعادة النظر في التعرفة الكهربائية وخاصة للمستهلكين الكبار والداعمين لتعرفة الكهرباء من خلال الدعم البيني، وذلك بعدما أدت التعرفة الكهربائية المرتفعة إلى انخفاض جدوى مشاريعهم.
ورابع هذه التطورات التأكيد على أهمية إيجاد بدائل لاعتماد الأردن الكبير على النفط والغاز لتوليد الكهرباء لجعل المملكة أقل عرضة لتقلبات الأسعار العالمية، إذ أنه في حال عاودت أسعار النفط الارتفاع فستعود المشكلة للظهور، بالتالي سيعود العجز لموازنة شركة الكهرباء الوطنية، وستعود لاستنزاف الموازنة العامة وإضافة المزيد للمديونية، بالتالي يجب على الأردن إيجاد سيناريوهات بديلة أكثر استدامة وأقل اعتمادا على استيراد النفط.
وتتلخص السيناريوهات الثلاثة التي تطرحها دراسة المنتدى فيما يلي:
السيناريو الأول: معالجة الخسائر الناتجة عن تحول المستهلكين الكبار
معالجة الخسائر الناتجة عن تحول المستهلكين الكبار (البنوك، شركات الاتصالات، الشركات الاستخراجية والتعدين) الى الطاقة المتجددة.
وهذا السيناريو يدعو لمواجهة وتقليل خسائر شركة الكهرباء الوطنية بسبب تبني المستهلكين الكبار لمشاريع الطاقة المتجددة باقتراح تسهيل تبني الشركات الكبيرة لأنظمة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، واستبدال جزء من دعم هؤلاء المستهلكين لأسعار الكهرباء بدعمهم لكميات من الكهرباء الفائضة ينتجها هؤلاء المستهلكون، ليتم استخدامها من قبل المستهلكين الصغار الذين هم بحاجة إلى دعم، وكذلك استيفاء بدل لتخزين الكهرباء يمكن استغلاله لبناء محطات لتخزين الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة، وتشير الدراسة إلى أن كلفة توليد الكهرباء على البنوك وشركات الاتصالات وشركات الصناعات الاستخراجية والتعدين ما مجموعه 74 مليون دينار سنوياً تدفعها الحكومة ممثلة بشركة الكهرباء الوطنية، بينما تبيعه لهؤلاء المستهلكين بحوالي 181 مليون دينار سنوياً، وبذلك يكون دخل الحكومة من الدعم البيني حوالي 107 ملايين دينار سنوياً. وإذا ما استمرت أسعار الكهرباء على هذا النحو يتوقع أن تتحول جميع هذه الشركات إلى توليد استهلاكها من الطاقة المتجددة وبالتالي خسارة الحكومة 107 ملايين دينار سنوياً.
ولذلك تقترح دراسة منتدى الاستراتيجيات الأردني بأن يتم تعديل التعليمات الناظمة لتوليد الكهرباء من الطاقة المتجددة لغاية استخدامها بحيث يصبح متطلباً أن تنتج هذه الشركات أكثر من معدل استهلاكها السنوي بنسبة معينة (حيث تمت دراسة 4 سيناريوهات وتم بعدها اختيار ما نسبته 15 %) فتستمر بذلك في دعمها للحكومة، لكن وبدلا من أن تدعم سعر كهرباء مولدة باستخدام النفط المستورد، فإنها تدعم توليد كهرباء محلية "خضراء" يتم استهلاكها من قبل المواطنين، ويتم من خلالها تشغيل الأردنيين.
كما يقترح المنتدى أن يتم فرض رسم يعادل قرش لكل ك.و.س كرسوم تخزين (وتم دراسة 4 سيناريوهات وتم بعدها اختيار ما ارتأه المنتدى مناسباً)، وذلك للحد من التكاليف المتأتية من تخزين الكهرباء على الحكومة. وعند حساب أثر هذا المقترح على المستهلكين والحكومة، تبيّن أن ذلك سيخفّض الخسارة السنوية للحكومة من 107 ملايين إلى 88 مليون دينار، أي توفير ما يقارب 19 مليون سنوياً.
كما سيتم تخفيض التكلفة السنوية على جميع البنوك وشركات الاتصالات وشركات الصناعات الاستخراجية والتعدين من 181 مليون إلى 62 مليون أي بتوفير حوالي 119 مليون دينار،  الأمر الذي سيؤدي إلى تحسّن الأوضاع المالية لهذه الشركات والنهوض بالاقتصاد وجميع التبعات الإيجابية لذلك، كما سيؤدي إلى انتاج المزيد من الطاقة المحلية وسيؤدي إلى تخفيض مستورداتنا من النفط والغاز.
السيناريو الثاني: توجيه الدعم للمشتركين المنزليين فقط
توجيه الدعم لمستحقيه فقط من المشتركين المنزليين وذلك بإيقاف الدعم المقدم للذين يزيد استهلاكهم عن 600 ك.و.س شهرياً، والزام مستهلكي الكهرباء الذين يتعدى استهلاكهم 600 ك.و.س شهرياً بدفع كامل تكاليف استهلاكهم تحت 600 ك. و.س وبهذا يتم توجيه الدعم لمستحقيه.
وبحسب دراسة المنتدى، يكلّف دعم الكهرباء للمستهلكين الذين يزيد استهلاكهم عن 600 ك.و.س شهري حوالي 40 مليون دينار سنوياً. هؤلاء هم من المشتركين المقتدرين الذين ليسوا بحاجة إلى دعم الحكومة لاستهلاكهم، إذ أنهم يدفعون أكثر من 50 دينارا شهرياً لفاتورة الكهرباء. ومقترح المنتدى هو أن يدفع مستهلك الكهرباء الذي يزيد استهلاكه الشهري عن 600 ك.و.س كامل تكلفة الكهرباء لكامل استهلاكه تحت 600 ك.و.س، وذلك أسوة بفاتورة المياه التي تتبع هذا الأسلوب مما سيعني زيادة مبلغ 22 دينارا على الفاتوره التي تتعدى 600 ك.و.س شهرياً. هذا وقد تم احتساب عدد المشتركين المتأثرين في حال تنفيذ المقترح فكان العدد حوالي 152,000 مشترك من حوالي 1,537,500 بما معدله حوالي 10 % من المشتركين.
السيناريو الثالث: طاقة متجددة للزراعة والفنادق
يتضمن السيناريو استبدال دعم أثمان الكهرباء للمستهلكين الكبار من الفنادق والمزارع بدعم لأثمان أنظمة طاقة متجددة وتحويلهم للاكتفاء الذاتي.
وبحسب الدراسة، تدعم الحكومة كل من المزارعين والفنادق في سعر الكهرباء بما يعادل 41 مليون دينار سنويا، وذلك بسبب بيع الكهرباء لهؤلاء المستهلكين بأقل من الكلفة. ويقترح المنتدى في هذا السياق بأن تقوم الحكومة وبدلاً من دعم ثمن الكهرباء (المولدة من النفط والغاز المستورد) بتوجيه نفس الدعم ولكن لتوليد الكهرباء بتركيب أنظمة لتوليدها من الطاقة الشمسية، فحالياً تدعم الحكومة استهلاك كل كيلو واط ساعة للمزارعين بـ 5 قروش، والمقترح هو دعم إنتاج كل كيلو واط ساعة من الطاقة المتجددة بـ 5 قروش وذلك لمدة 5 سنوات يسدد خلالها المزارع ثمن النظام، وينطبق ذلك على الفنادق أيضاً (مع اختلاف قيمة الدعم)، وبذلك تستمر الحكومة بدفع قيمة الدعم الحالي لمدة 5 سنوات، وهي المدة التي يتم فيها تسديد ثمن أنظمة الطاقة بالتشارك ما بين المستهلك والحكومة ومن ثم يستمر المستهلك بتوفير مايحتاجه من الكهرباء دون تكلفة تذكر له أو للحكومة. وبذلك تتوقف الحكومة بعد حوالي 5 سنوات عن دفع معظم الدعم الممنوح للمزارعين والفنادق وستتكلف فقط مصاريف التوزيع والمصاريف التشغيلية للشبكة (حيثُ أن سعر الك.و.س من الكهرباء يشمل سعر الوقود وتكاليف الاستطاعة ومصاريف الصيانة والتشغيل وتكاليف شركات التوزيع).
وبحسب هيئة تنظيم قطاع الكهرُباء وفي العام 2014 شكلت مصاريف الصيانة والتشغيل 0.9 قرش من تكلُفة الك.و.س (11 قرشا)، بينما شكلت  تكاليف شركات التوزيع 1.1 قرش من تكلفة ال ك.و.س؛ أي أن هذه الكُلف تُشكل 2 قرش من تكلفة ك.و.س. وفي حالة اعتماد المشتركين الزراعيين والفنادق على أنظمة الطاقة المُتجددة، وبافتراض أن هؤلاء المُشتركين سيقومون بإستخدام الشبكة لتخزين 50 % الطاقة التي يتم إنتاجها إلى حين استخدامها (ويُعتقد أن تكون هذه النسبة أقل بكثير من ذلك)، فستتحمل الحكومة 1 قرش لكل ك.و.س يقوم المزارعون والفنادق بإنتاجه مقارنة ب 5 قروش تدفعهم الحكومة كدعم لكل كيلو واط يستخدمه المزارعون و 2 قرش للفنادق.
وإذا ما تم احتساب تكلفة هذه الأنظمة وتقسيمها على 25 عاماً (صلاحية هذه الأنظمة)، تكون قيمة الدعم السنوي المطلوب من الحكومة لهذه الفئات حوالي 8.4 مليون دينار أي توفير حوالي 32.4 مليون دينار سنوياً، والذي سيساهم بدوره في تخفيض مستورداتنا بما يقارب 75 مليون دينار من النفط والغاز، كما سيوفر ذلك على المستهلكين في هذه الفئة ما مقداره 45 مليون دينار سنوياً، وبذلك يكون الدعم وخلال الخمسة أعوام المقبلة هو دعماً مستداماً وليس دعماً دائما لقطاعي الزراعة والسياحة.
يرى المنتدى إذا ما طبق الأردن المقترحات الثلاثة السابقة فإن الفائدة المتأتية من ذلك هي:
من السيناريو الأول: تخفيض خسائر شركة الكهرباء الوطنية من تحول الشركات الكبيرة للطاقة المتجددة بحوالي 19 مليون دينار سنوي.
من السيناريو الثاني: تحقيق عوائد تعادل 40 مليون دينار سنوي.
من السيناريو الثالث: تحقيق عوائد تعادل 32.4 مليون دينار سنويا.
أي وبحسب الدراسة أنه وبتطبيق ما ذكر من مقترحات ستتمكن شركة الكهرباء الوطنية من تحقيق وفر يعادل 92 مليون دينار سنويا. ذلك بالإضافة إلى المكتسبات الأخرى والتي توازي أهمية ما سبق إن لم تتجاوزها وخاصة في تأثيرها على الاقتصاد الكلي، وهي: تخفيض كامل الخسائر الناجمة من تحول المشتركين الكبار والداعمين للتعرفة الى الطاقة المتجددة، وتحويل جزء كبير من الكهرباء المستهلكة في الأردن إلى الطاقة المتجددة (حوالي 1650 ج.و.س سنوي) مما يعني خفض مستوردات الأردن من الطاقة المستخدمة لتوليد الكهرباء بنسبة 9 % والذي سينعكس إيجاباً على الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك المساهمة في تحقيق هدفين لاستراتيجية الطاقة في الأردن وهما: أمن الطاقة وخليط من الطاقة المتجددة.
ووفقا للدراسة، تساعد هذه الحلول الشركات الكبيرة سواء الداعمين أو المدعومين بالتعرفة الحالية، حيث تتحول إلى الاكتفاء الذاتي والتحرر من الاعتماد على أسعار الكهرباء والتي تعتبر من أعلى تكاليف شركاتهم، وكذلك تلبي شركة الكهرباء الوطنية بعضاً من التزاماتها تجاه برامج صندوق النقد الدولي الإصلاحية دون أن ترفع من سعر الكهرباء.
وتأتي الدراسة ضمن مساعي منتدى الاستراتيجيات الأردني إلى المساهمة في رسم سياسات واستراتيجيات تؤدي إلى التنمية المستدامة في الأردن، كما يسعى المنتدى إلى تشجيع الاستخدام الأمثل للموارد الوطنية والى تمكين القطاع الخاص من العمل في بيئة مناسبة ومحفزة تؤدي إلى تحقيق الربح، وتوظيف الأردنيين وإلى دفع الضرائب المستحقة، والتي تعمل جميعها على دعم نمو اقتصادي شامل ومستدام في الأردن.
وانطلاقا من أهمية ايجاد حل لمشكلة العجز الذي يسببه دعم الكهرباء على مديونية الأردن، حيث أنهك الدعم كلا من الحكومة والقطاع الخاص والذي يدفع جزءا من قيمة الدعم البيني لأسعار الكهرباء، وحيث أن الحل يجب أن يوازن ما بين احتياجات المستهلكين لأسعار كهرباء مناسبة من جهة وبين احتياجات الحكومة من عدم تعريض الخزينة إلى عجوزات مفاجئة تزيد من مديونيتها من جهة أخرى.
وناقشت دراسة المنتدى بعض البدائل التي قد تغني الحكومة عن زيادة أسعار الكهرباء، حسب ما كان مبرمجا في الخطة الوطنية لمعالجة خسائر شركة الكهرباء الوطنية أو قد تغني عن فكرة ربط سعر الكهرباء بأسعار النفط تماشيا مع متطلبات صندوق النقد الدولي لرأب الفجوة في ميزانية الشركة وذلك في بداية العام 2017.
خسائر سيناريوهات الحكومة
ويرى المنتدى أنه اذا طبقت الحكومة السيناريوهات التي تقترحها ويتم تداولها فستترتب ثلاثة سيناريوهات، أولها إبقاء الحال على ما هو عليه، وهو ما يؤدي إلى خسارة المشتركين الكبار الداعمين لسعر التعرفة وبالتالي خسارة كامل الدعم البيني والبالغ 107 ملايين دينار سنوياً، بالإضافة إلى استمرار الفنادق والمزارعين باستنزاف الخزينة بسبب دعم استهلاكهم للكهرباء بما يقارب 41 مليون دينار سنوياً، وكذلك استمرار استنزاف الخزينة بسبب دعم المقتدرين على دفع ثمن تكلفة الكهرباء من كبار المستهلكين المنزليين بحوالي 40 مليون دينار سنويا. في المحصلة سيترتب على الحكومة خسائر سنوية تعادل 188 مليون دينار.
أما السيناريو الثاني فهو الاستمرار في تطبيق الاستراتيجية الوطنية لمعالجة خسائر شركة الكهرباء الوطنية، وهو ما ترى فيه الدراسة لزوما لإعادة النظر، حيث أنها أصبحت غير ملائمة للمعطيات الحالية، فالاستمرار برفع أسعار الكهرباء حسب الاستراتيجية أو بسبب ارتفاع أسعار النفط مجدداً لم يعد حلاً مناسبا، لأن رفع الأسعار بنسب مختلفة على المشتركين غير المنزليين سيؤدي إلى خروج المقتدر منهم والداعم لأسعار الكهرباء من الشبكة واعتماده أنظمة الطاقة المتجددة، وبالتالي خسارة الدعم البيني الذي يساهم في رأب الفجوة في ميزانية شركة الكهرباء الوطنية، بالإضافة لإمكانية إقفال المزيد من المصانع والمصالح وتسريح العمال. وتؤكد الصحيفة أن هذا السيناريو سيزيد الإيرادات المتحققة بمقدار 152 مليون دينار (بحسب أرقام 2015).
وتتابع الدراسة:" لكن هذا المبلغ لا يأخذ بعين الاعتبار خسارة المشتركين الكبار والداعمين للتعرفة، حيث يعزم معظمهم على هجر الشبكة، وبالتالي ستخسر الشركة الوطنية الدعم البيني والذي تم احتسابه في دراسة المنتدى للبنوك وشركات الاتصالات والصناعات الاستخراجية والتعدين بـ 107 ملايين دينار سنوي، بالإضافة إلى جميع المشتركين الكبار الذين لم يتم احتسابهم في هذه الدراسة".
وتعتبر الدراسة أن هذا السيناريو سيضيع الفرصة لنيل جميع المكتسبات التي أشير إليها في حال تطبيق السيناريوهات الثلاثة التي اقترحها المنتدى، أي أن صافي ما سيتحقق من هذه الزيادة هو 45 مليون دينار والذي يمكن للحكومة تحقيقه باستخدام السيناريو الثاني المقترح، وبذلك تخفف الأضرار المتأتية من قرار مثل هذا والذي سيؤثر سلبا على نمو الاقتصاد الأردني وعلى الاستثمار في الأردن.
السيناريو الثالث هو ربط سعرالكهرباء بسعرالنفط، يعني أن يتعرض جميع المستهلكين للرفع لأسعار الكهرباء في حال ارتفعت أسعار النفط، سيؤثر هذا الحل على عدد كبير من المستهلكين المنزليين غير القادرين على دفع هذه التكلفة، كما أنه سيؤثر على القطاع الخاص والمدعوم بسعر التكلفة مثل المصانع والفنادق والمزارع وغيرها، وسيؤثر أيضا على الداعمين لسعر الكهرباء والذين يدفعون اليوم أثمانا عالية للكهرباء.
كما سيؤثر ذلك على الاستثمار فلن يتمكن المستثمر من تثبيت سعر الكهرباء على نفقاته التشغيلية إذا كان السعر سيستمر في الصعود والهبوط حسب اسعار النفط والذي قد يشكل عاملا مهما في قراره الاستثماري. وبالتالي فإن تطبيق هذا السيناريو سيزيد من التأثير السلبي لأسعار الكهرباء على مستهلكيها كما وستضيع الفرصة لنيل جميع المكتسبات التي أشرنا اليها سابقا في حال تطبيق السيناريوهات الثلاثة التي يقترحها المنتدى. كما ويتوقع أن تستمر (الشركات التي تم دراستها وفي السيناريو الأول) في التحول للطاقة المتجددة وذلك سعيا منها للتحول الى الاعتماد الذاتي والتحرر من تقلب الاسعار بالإضافة الى تقليل الكلف التشغيلية؛ وبذلك تخسر الحكومة الدعم البيني والبالغ 107 ملايين دينار سنويا.