منصة "درسك".. بين تلقين الطلبة وغياب إيصال المعلومة!

figuur-i
figuur-i

ديما الرجبي*

بعد أن فرضت جائحة "كورونا" على وزارة التربية والتعليم اللجوء الى التعليم الالكتروني عبر منصة "درسك" وبدء العام الدراسي بشكل فعلي، يواجه الطلبة مشاكل عدة عند تلقيهم دروسهم، تبدأ بضعف شبكة الانترنت والضغط على المنصة وتنتهي بما أسموه "تلقين" المادة!
بمعنى أن المعلم يخرج بمدة تتراوح بين 7 وحتى 30 دقيقة، وذلك بقدر ما تحتاجه كل مادة من وقت للشرح، ويكون شكل الحصة سرديا فقط! وهو ما يجعل إيصال المعلومة أكثر صعوبة وجفافاً للطلبة، فلا يصلح أن يتم قراءة الدرس ووضع خطوط على أبرز النقاط من دون شرحها، خاصة في المواد العلمية.
كما أن طريقة الشرح يجب أن تشمل جميع القدرات التي تتابع الدرس حتى لا يقع ظلم على الطلبة، فلا يكفي أن يتم شرح المادة وكأن المعلم يشرحها لنفسه أو يسلم بأن المعلومة تصل بالطريقة ذاتها للجميع.
نعلم بأن التعليم الالكتروني ما يزال بالمهد، ولكن هذه الظروف كما فرضت على الجميع التخلي عن نمط الحياة الطبيعي وأجبرتنا على التكيف مع هذا النمط الجديد "الالكتروني" في ظل الحاجة المتزايدة لمواجهة المتطلبات الجديدة لشكل الحياة المستحدث، لذلك أصبح لزاماً على المؤسسات التعليمية أن تأخذ بعين الاعتبار أهمية تدريب المعلمين على إيصال المعلومة وعدم الاكتفاء بقراءة المادة فقط؛ حيث إن الفجوات التي سيحدثها هذا الأمر ستعيق إنتاج هذه السنة الدراسية كما حصل في سابقتها، وهو ما يجعل مخرجات التعليم لهذه الأجيال مشوهة بالكامل.
بما أن جائحة كورونا تسيطر على شكل الحياة في العالم أجمع وفرصة العودة الى المدارس ضئيلة جدا في ظل ارتفاع هائل في أعداد الإصابات، ولكي لا تفشل هذه السنة الدراسية يجب على الحكومة إعادة تدريب المعلمين وإيجاد طرق مثلى لإيصال المعلومة وفتح قنوات اتصال بين الطلبة ومعلميهم وإلزامهم بالتواصل معهم وعدم الاكتفاء بوقت الحصة الالكترونية وعقد الامتحانات الشهرية!
تعتمد بعض الدول التي تبنت التعلم الالكتروني على برنامج تعليم المعلمين أثناء الخدمة كي لا تتعطل عجلة الإنتاج، وذلك من خلال مشاركة السلبيات والفجوات والصعوبات التي تواجه المعلم أثناء عرض المادة المسجلة وإعادة تسجيلها في حال لم تحقق هدفها حتى وإن عرضت على الطلبة سابقاً.
كما أن فتح قنوات اتصال مرئية بين الطلبة والمعلم يجود العملية التعليمية، وهو ما تتبعه بعض المدارس الخاصة عن طريق برامج التفاعل المرئي وتوثيق الحصة للعودة اليها حال احتاج الطالب لمعلومة معينة، والعمل على بدء حلقات تناظرية ونقاشات للطلبة يساعد على سد ثغرات عدم إيصال المعلومة بشكل صحيح.
ويجب زج المواد التعليمية المصورة مثل الأشرطة السمعية والأشرطة البصرية (الفيديو) والأقراص والأسطوانات الحاسوبية ونقلها عن طريق ملفات التحميل الافتراضية لزيادة التوسع في شرح المادة وتمكين الطلبة من الإلمام بجميع مخرجاتها.
وضع علماء شروط مهمة لنجاح عملية التعلم عن بعد، وذلك بعد توفير الحواسيب وقنوات الانترنت للطلبة كافة؛ حيث يقول باركر إن محور النجاح في التعلم عن بعد هو المعلم، ويجب أن نضع في حسباننا أنه لا يوجد تكنولوجيا تعوض من ضعف مهارات التدريس، فعندما يكون المعلم على مستوى جيد تصبح التكنولوجيا أكثر وضوحاً والتدريس الضعيف له سلبيات في تطبيق التعلم عن بعد، ولكن عند وجود المعلم المبدع يصبح هناك إثراء للعملية التعليمية للطلبة الذين لا يجلسون على مقاعد الدراسة.
ولا ننسى أن سيئات التعلم عن بعد أكثر من حسناته؛ حيث إن الملل الذي يرافق الطلبة أثناء متابعتهم حصصهم وهم جالسون فترات متفاوتة أو طويلة يقلل من التركيز ويخمد التفاعل بطبيعة الحال.
منصة "درسك" أو غيرها من المنصات التعليمية المتاحة اليوم بحاجة لإنقاذ من خلال المعلم الذي بدوره يحتاج الى توجيه للخروج بشرح عادل يصل للجميع وإعطاء المادة حقها، وما يزال الوقت مناسباً للعمل على هذه المعضلات التي ستسبب كوارث أكاديمية إذا لم تؤخذ بعين الاعتبار.
إنقاذ مخرجات التعليم أولوية وطنية بغض النظر عن ظروف الجائحة، وعلى الأهالي والطلبة أخذ هذه السنة على محمل الجد، فلا يكفي النجاح في ظل غياب "التعلم"، فلا نريد أن نصل الى طلبة تلقين بل نبحث عن جيل جاد في العملية التعليمية التي ستحدد شكل الحياة لديهم مستقبلا.

اضافة اعلان

*كاتبة متخصصة في مجال قصص الأطفال ومدربة صعوبات تعلم