منظمات مدنية تتأهب لإدراج "حق المساعدة القانونية" ضمن الأهداف الإنمائية للألفية

رانيا الصرايرة

عمان - تحشد منظمات مجتمع مدني حاليا، جهودها للدعوة إلى إدراج "حق المساعدة القانونية" ضمن الأهداف الإنمائية للألفية لما بعد 2015، انطلاقا من إيمانها بأهمية تمكين الأفراد، بخاصة الفقراء والمهمشين، المحرومين عادة من هذا الحق من الوصول إلى الخدمات القانونية.
وكان الأمير الحسن بن طلال وقع، إلى جانب العديد من الشخصيات العالمية نداء، بداية العام الحالي، موجها إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة طالب فيه بتضمين "العدالة والوصول القانوني العالمي" ضمن الأهداف الإنمائية المذكورة، معتبرين أن ذلك يمثل نقطة انطلاق للاعتراف العالمي بحق جميع الأفراد في الوصول إلى العدالة.
وفي السياق ذاته، أكد تقرير صدر مؤخرا عن البنك الدولي حول أوضاع حقوق الإنسان في الأردن، أهمية الوصول إلى العدالة والتمكين القانوني للفقراء، مبينا أنه "يلعب دوراً مزدوجاً، فهو يعزز حماية حقوق الإنسان من جهة ويساعد في الحد من الفقر من جهة أخرى".
وجاء في التقرير: "كثيراً ما تكون الفئات المستضعفة والفقراء محرومين من الخدمات والآليات التي تحمي حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وكثيراً ما تعجز هذه الفئة عن إيصال صوتها والمطالبة باحتياجاتها، أو العمل على رفع الظلم عن أفرادها".
ويمثل إعلان الألفية 2000 الذي أقرته الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، مجموعة أهداف إنمائية عامة يتعين على المجموعة الإنمائية تحقيقها بحلول العام 2015.
ومع اقتراب انتهاء الموعد النهائي لتحقيق تلك الأهداف، تضغط الأمم المتحدة باتجاه تسريع العمل ووضع إطار التنمية لما بعد العام 2015 الذي من شأنه ليس فقط البناء على نجاحات الأهداف الإنمائية للألفية، ولكن أيضا لمعالجة نقاط ضعفها، ومواجهة التحديات العالمية الجديدة.
وتحقيقا لهذه الغاية، طلبت قمة 2010 من الأمين العام للأمم المتحدة بدء مشاورات تشكيل أجندة التنمية العالمية في المستقبل.
كما أوصى مؤتمر "ريو 20 للتنمية المستدامة 2012"، بالقيام بعملية شاملة لتطوير مجموعة من أهداف تلك التنمية، وسيتم ربط العمليتين لتلتقيا في أجندة واحدة للتنمية العالمية لما بعد 2015.
وتقود الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الحوار لصياغة أجندة التنمية، حيث تيسر هذا الحوار وتدعم الدول الأعضاء لتوفير المدخلات القائمة على الأدلة، والتفكير التحليلي، والإبلاغ عن الخبرات الميدانية.
وتعمل بعض منظمات المجتمع المدني، التي اعتادت على تقديم خدمة المساعدة القانونية لمحتاجيها في الأردن حاليا، على تنفيذ أنشطة تؤكد أهمية تضمين حق الوصول للمساعدة القانونية، وتستند في أنشطتها إلى التعريف بفكرة ضمان الدستور الأردني حق الوصول إلى العدالة للجميع، "إلا أن حق توفير تمثيل قانوني لمن لا قدرة له على تعيين محام مقتصر على الجنايات الخطيرة التي يعاقب عليها بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد بموجب قانون أصول المحاكمات الجزائية".
غير أن "المتهمين في الجرائم الأخرى ممن لا يتحملون تكاليف المحامي يستطيعون تمثيل أنفسهم أمام المحاكم، رغم انهم في معظم الحالات لا تتوافر لديهم المعرفة بالقوانين والإجراءات والحقوق".
وبالنسبة للقضايا الشرعية، يتم تقديم المساعدة القانونية من قبل مؤسسات غير حكومية، في الغالب توفر المشورة القانونية ويكون توفير التمثيل أمام المحاكم بنسب بسيطة.
وفي هذا الصدد، أكدت المديرة التنفيذية لمركز العدل هديل عبد العزيز أهمية تمكين الناس من الوصول إلى العدالة، مبينة أنها الوسيلة الأهم لحماية كافة الحقوق ولتحقيق التنمية الحقيقية.
وقالت عبدالعزيز إن العام 2008، شهد تعديل قانون محاكم الصلح الأردني بحيث صار ضروريا التمثيل من قبل المحامين في أي دعاوى حقوقية تزيد قيمتها على 1000 دينار، ليشكل هذا تحديا إضافيا للفقراء ويساهم في زيادة حرمانهم من الوصول للعدالة.
وبينت عبد العزيز أن الأردن شهد خلال الفترة الماضية مبادرات للمساعدة القانونية من قبل مؤسسات غير حكومية، اشتملت على برامج نشر التوعية القانونية وتقديم المشورة، والتمثيل القانوني في بعض القضايا.
بدورها، بينت مديرة مركز تمكين للمساعدة القانونية، المختص بتقديم المساعدة للعمال المهاجرين، لندا كلش أن المشكلة تتفاقم عندما يكون الواقع في مشكلة مع القانون عاملا مهاجرا، حيث يعاني من سلسلة مشاكل تبدأ من إمكانية "تعرضه للتوقيف بدون ارتكابه جرما يعاقب عليه القانون، مرورا باحتجازه فترات طويلة بدون توجيه تهمة له، وحتى إبعاده أو تسفيره بدون تقاضي حقوقه، وفي حال كان هو من رفع قضية على صاحب العمل أيضا يواجه صعوبات في عدم قدرته المالية، وطول أمد التقاضي وغيرها من المشاكل التي تجعل العامل يفكر مطولا قبل اتخاذ قرار الذهاب إلى المحكمة".
ونوهت إلى ضرورة إعادة النظر في سياسة الدولة تجاه ملف توفير المساعدة القانونية لمحتاجيها، مبينة أهمية تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية، بحيث لا يقتصر دور الدولة على توفير حق الدفاع في الجرائم الجزائية فقط، فضلا عن عدم توفير الحماية في مرحلة التوقيف والتحقيق.
وبالنسبة للعمال المهاجرين، أكدت كلش ضرورة الالتفات الى أهمية توفير مترجم لكل اللغات، بحيث يتمكن العامل الأجنبي من تبيان وجهة نظره وليستطيع الرد على أسئلة القاضي.
وانسجاما مع فكرة أهمية توفير المساعدة القانونية لمحتاجيها، كشف مصدر في وزارة العدل عن عمل لجنة مشتركة من جهات عدة حاليا على نظام للمساعدة القانونية، تشير أهم بنوده إلى توسيع فئات المستفيدين من المساعدة القانونية، فضلا عن توفير هذا الحق في فترة التحقيق.
وقال المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن الوزارة أجرت تعديلات على قانون المحاكمات الجزائية بحيث ستصب فيما إذا تمت الموافقة عليها، في تعزيز وتوسيع دائرة المنتفعين من المساعدة القانونية.
وكانت دراسة أجراها مركز العدل مؤخرا، أظهرت وجود ثغرة كبيرة في المجتمع في ما يتعلق بحق التقاضي والتمثيل أمام المحاكم، حيث إن الغالبية العظمى من المتهمين في القضايا الجزائية لا يتم تمثيلهم بنسبة تزيد على 70 %.
فيما أظهر المسح الميداني للدراسة أن
30 % من الأفراد المتعرضين لإشكالات قانونية لا يتوجهون الى القضاء لأسباب تتعلق بعدم المقدرة المالية.
وبينت نتائج الدراسة "وجود فراغ واضح من حيث توافر التمثيل القانوني للمشتكى عليهم في مختلف مراحل التقاضي، إلا أن هذا الفراغ أكثر ما يكون في مرحلة التحقيق الأولي في المراكز الأمنية، حيث من النادر أن يتم تمثيل المشتكى عليه في مرحلة التحقيق الأولي بنسبة لم تتعد 0.5 % من مجمل العينة.
كما أظهرت الدراسة أن "نسبة التمثيل في مرحلة التحقيق أمام المدعي العام منخفضة جداً، ولم تتجاوز نسبة 17.2 % فيما قامت الغالبية العظمى من المشتكى عليهم بتمثيل أنفسهم بأنفسهم، ورغم أن هذه النسبة تكون أفضل في مرحلة المحاكمة إلا أنها أيضاً تبقى منحفضة، إذ بلغ المعدل العام للتمثيل على مجمل العينة 31.6 % وتتباين وفقاً لنوع المحكمة، كما أظهرت أن نسبة التمثيل أعلى ما تكون أمام محكمة الجنايات الكبرى بنسبة تصل إلى 64.5 %.

اضافة اعلان

[email protected]