من الآباء.. نصائح تزعزع الأمان في مواجهة المواقف الحياتية

ديمة محبوبة

عمان- التربية قد يشوبها بعض الأخطاء والهفوات غير المقصودة، وقد يؤدي الحرص الزائد بسلوكات تأتي بنتائج عكسية على الأبناء، وعلى عكس ما يتوقعه الآباء.اضافة اعلان
ويذهب اختصاصيون إلى أهمية الانتباه لما يقوله الأهالي للأبناء، والنصائح التي يوجهونها لهم؛ إذ قد تؤثر عليهم سلبا من دون أن يدركوا ذلك، لذا ينبغي تقديم النصائح التي تعزز من الصحة النفسية السليمة، من دون مبالغة، والانتباه إلى أن الصغار في هذا الوقت وعيهم مختلف، وطريقة تعاطيهم مع الحياة مختلفة أيضا، جراء التطور الحاصل.
ويحذرون من الأفكار السلبية التي تدخل لعقول الأبناء من دون أن ينتبه الآباء، خاصة من ناحية التحذير المستمر والتخويف والتهديد المبطن، وتشجيع الأبناء على خوض الحياة من دون خوف، بهدف التعلم والتطور وبناء شخصية متزنة نفسيا.
مرام خوالدة، وهي أم لطفلين، تعترف أنها أحيانا تشعر بإرباك جراء ما يقوله لها الآخرون في كيفية التعامل مع أطفالها، وما الطرق السليمة في التربية؛ إذ إن "ما نقدمه لأبنائنا حتى النصائح أحيانا يشكو الآخرون بأننا لا نقوم بهذه العملية بالشكل الصحيح".
وتضيف أن أول ما يحذرون منه هو الانتباه لكل كلمة حين يتم الحديث فيها مع الأطفال؛ إذ تعترف أنها تتعمد "أن تدعو على نفسها" لكي يخاف صغارها ويصغوا لكلامها، رغم أن والدتها ترشدها دائما بأن هذه الأقوال مضمونها سلبي ويؤثر عليهم بشكل سلبي، بحسب مرام.
الاختصاصية بالصحة النفسية شذى عبد الجليل، تؤكد أن الأهالي يحرصون على تربية أبنائهم بطريقة سليمة من خلال تقديم النصائح اليومية التي يرون أنها تعزز من الصحة النفسية السليمة، علما أن الوالدين قد لا يعلمان أحيانا أن هنالك نصائح تكون سلبية وتؤثر على سلوكات أبنائهما، ما يجعلهما يقعان في أخطاء تربوية جسيمة.
وتضيف عبد الجليل أن مسؤولية تربية الأبناء بلا شك، ليست بالأمر السهل على الوالدين نظرا للخوف والقلق عليهم من العالم الخارجي الذي يشكل خطورة بالنسبة لهما وعلى تكوين شخصيات أبنائهما، ما يترتب عليه الحماية الزائدة من قبلهما بهدف الحفاظ عليهم أقوياء أمام الآخرين.
وتوضح عبد الجليل أن النصائح السلبية تبدو في الجمل الآتية التي تصدر عن الأهل كقولهم "أثق بك ولكني لا أثق بما حولك من أشخاص"، وقولهم "لا تكن طيبا ولكن كن حذرا"، وقولهم أيضا "لا تدع أحدا يستغلك"، ما يترتب عليه حالة من الخوف والقلق لدى الأبناء من مواجهة المواقف الحياتية وضعف الثقة بالنفس وتكوين مفهوم ذات سلبي، إضافة إلى الانطواء الاجتماعي والإصابة بالاضطرابات النفسية، أهمها الاكتئاب والقلق النفسي.
وبالتالي، يجب على الوالدين التفكير جيدا قبل إعطاء النصائح من خلال التحدث عن القيم الاجتماعية بشكل سليم مثل الصدق والعطاء والمشاركة في علاقات أبنائهما الاجتماعية، كما ويجب عليهما فصل مشاعرهما الشخصية عن مشاعر أبنائهما والإصغاء العقلاني الذي يشجع أبناءهما على خوض الحياة من دون خوف بهدف التعلم والتطور وبناء شخصية متزنة نفسيا، وفق عبد الجليل.
التربوي د.محمد أبوالسعود، يبين أن التربية عالم وبحر وله أساليب عديدة، لكن كي تنشئ الأسرة طفلا سويا وواعيا، عليها الحديث معه وإبداء النصح بشكل يومي ومستمر بشكل مباشر وغير مباشر، لكن على الأهل حقا أن يكونوا أكثر وعيا بما يتفوهون به، وما يعتقدون بأنهم يقومون بالصواب من خلال الحديث مع أولادهم بأمور، وكأنهم يحذرونهم من عدم القيام بأمر ما، فينصحونهم بشكل سلبي.
وعلى سبيل المثال، لا تكن شخصا "غبيا أو لا تكذب"، أو لا تتصرف بهذا السلوك السيئ، جميعها تقال نهيا عن أمر سلبي لكن وقعها أيضا سلبي على الطفل، ولا تعطيه حافزا للابتعاد عنها، بل على العكس تترك أثرا سلبيا عليه. وينصح الأهالي بتوصيل الفكرة بشكل سليم، فعلى سبيل المثال "أن نردعهم عن الكذب، كأن نقول لهم كونوا صادقين، كونوا ناجحين، كونوا واثقين، كونوا أوفياء، وأن نبتعد عن الأفكار السلبية، باستخدام أسلوب التخويف والتهديد المبطن".
اختصاصي علم الاجتماع د.حسين خزاعي، يؤكد أن أساليب التربية تختلف في كيفية تبلورها في هذا العهد المتطور، إلا أن هناك ترسبات كثيرة أخذت من أساليب مكتسبة وتربى عليها الأهالي، فيرددونها بالأسلوب ذاته، متناسين أن الأطفال اليوم أكثر وعيا من قبل، ويتعرضون لطرق تربية مختلفة ليست فقط المكتسبة من الأهالي، ما يجعل عالمهم ومداركهم أكبر، وذات اتجاهات متعددة.
ويؤكد أن الكلمات تؤثر كثيرا في نفوس الأطفال، وقد تسبب لهم ضعفا في الشخصية، وبالتالي أثرها كبير على أفراد المجتمع وطريقة التعامل مع الآخرين وبناء الأسر المقبلة بالخلل ذاته.