من التمريض إلى السباكة: المالح لاجئة سورية تقهر الظروف لتعيل أسرتها - فيديو

222
222

عبد الرحمن زين العابدين

إربد - ظروف الحياة وضنكها، وما حل بوطنها، سورية، من ويلات ومآس خلفتها حرب دامية، ما تزال أشكالها قائمة منذ العام 2011، لم تحط من عزيمة من باتت لاجئة في "وطني الثاني، الأردن"، كما تقول الممرضة باسمة المالح.
والمالح (46 عاما)، المولودة في دمشق، كانت تعمل ممرضة في بلادها، قبل أن تحمل نفسها وأطفالها لتفر هاربة إلى واقع جديد، وجدت فيها أن مهنتها التمريض، التي عشقتها، موصوفة بـ"مهن مغلقة" لا يسمح لغير الأردنيين العمل فيها.
لم تستسلم المالح، ولم تمنعها تقاليد المجتمع، و"ثقافة العيب"، من العمل في مهنة اقتصرت على الرجال، طالما كان هذا العمل "مشرفا"، يغنيها عن السؤال، ويقضي حاجتها، لتعيل أسرتها.
وفي ظل ظروف اقتصادية أقل ما توصف به أنها صعبة، تدربت المرأة والأم المعيل الوحيد لأسرتها، على مهنة السباكة، وانتقلت إلى العمل في مهنة جديدة كليا.
وتروي المالح قصة حياتها لـ"الغد"، التي زارتها في منزلها بمدينة إربد. وتوضح أن زواجها منعها من إكمال الثانوية العامة في الفنون الجميلة. وبعد مضي سنوات أنجبت طفلتين وولدا.
وعما دفعها لدراسة التمريض بعد زاوجها، كان منبعه من موقف عاشته في إحدى الليالي، حين "أصيبت ابنتي باختلاج حراري ولم يكن لدي معلومات لأتصرف أسعفتها إلى المستشفى وكانت بحاجة إلى حقن إبر بشكل يومي".

اضافة اعلان


وبعد شفاء ابنتها، التحقت بمعهد التمريض، وتخرجت بتقدير جيد جدًا، وعملت في مستشفى المواساة الحكومي في دمشق، لمدة 6 أشهر، إلى حين حدوث الأزمة في سورية، حين كان خوفها على أبنائها سببا في لجوئها إلى الأردن. وتقول "لم استطع أن أحزم امتعتي. خرجت أنا وأولادي، الأمر كان مربكا؛ ولكن زوجي اضطر للبقاء ليعين والديه الكبار بالسن".
بلا معيل في الأردن، عاشت المالح، حتى ساءت أوضاع عائلتها الاقتصادية، وأولادها صغار في سن الدراسة. وفي جلسة مع صديقات لها علمت المالح أن منظمة دولية تنظم دورات في معهد التدريب المهني مجانا للسيدات، ويسمح لها بالعمل، بعد حصولها على شهادة مزاولة المهنة.
ومن هنا بدأت الحكاية، لتنتقل باسمة من خبرتها في التمريض، إلى مهنة اقتصرت على الرجال. وتوضح المالح أنها في البداية فكرت كثيرا وواجهت انتقاد أبنائها وأقاربها، إلا أنها أصرت على تعلم المهنة، والعمل بها ما دام أن "الشغل مانو عيب" على حد تعبيرها.
وفي حديثها عن العمل، تلفت باسمة إلى أنها اعتمدت على معارفها وجيرانها في المجتمع المحلي، مضيفة أنه في بداية الأمر، كان الناس يخجلون من الاتصال بها، ولكن عندما سمعوا عن إتقانها للمهنة، لم يعد لديهم تردد وبدؤوا بالتكيف والاقتناع بعملها.
وتضيف "خلال عملي، اكتشفت أن هذه المهنة يجب أن تتقنها كل النساء، لأنه في غالب الأحيان، كانت النساء يتصلن بي عند وجود حالة طارئة لأعمال الصيانة"، متابعة أن أغلب النساء اللواتي يتصلن بها هن ممن أزوجهن يكونون في وظائفهم فلا يستطعن أن يتصلن بالسباك، بل يبقين ينتظرن أزواجهن للوقوف مع السباك، وبالتالي سوف يهدر الكثير من الماء.
لكن شوقها للتمريض، المهنة التي تحب، ظل ملازما لها، ولذلك تطوعت المالح مع الهلال الأحمر الأردني، منذ 5 سنوات، في تنفيذ حملات توعية صحة مجتمعية، للأسر والأطفال في المدارس، ومنظمات المجتمع المحلي".
وليس التمريض والسباكة وحدهما مهنا تتقنهما المالح، بل إنها أيضا تهوى التسلية في حرفة الخيزران وخياطة الصوف بالسنارة. مستفيدة من كل ذلك في إعالة باسمة المالح أسرتها وتحرص على تربية أطفالها، لتكون لهم الأب والأم في آن واحد.

طالب إعلام في جامعة اليرموك