من بيروت إلى القاهرة .. الحالة المؤسفة للرجال العرب

مصريات في شارع قاهري – (أرشيفية)
مصريات في شارع قاهري – (أرشيفية)

تقرير خاص – (الإيكونوميست) 4/5/2017

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

يسمح أحمد، الذي يعيش في القاهرة، لزوجته بالعمل. ويقول عن ذلك: "في البداية، أصريت على أن تبقى في البيت، لكنها تمكنت من تربية الأولاد والعناية بالمنزل، وتبقى لديها وقت للعمل أيضاً". ومع ذلك، لا يبدو أحمد معجبا جدا بهذا الوضع. ويقول: "بالطبع، أنا، كرجل، المزود الرئيسي للأسرة. أعتقد أن النساء لا يستطعن فعل ذلك".
يتم تقاسم وجهة نظر أحمد على نطاق واسع في كل أنحاء المنطقة، حيث يهيمن الرجال على الأسر والبرلمانات والمناصب. وتنعكس الاتجاهات الشوفينية في القوانين التي تعامل النساء كمواطنين من الدرجة الثانية. ويفحص مسح جديد أجرته الأمم المتحدة و"بروموندو"، وهي مجموعة مناصرة، وجهات نظر الرجال العرب في العلاقات بين الرجال والنساء. (أحد مؤلفي المسح، شيرين الفقي، اعتادت أن تكتب في "الإيكونوميست"). ويجد المسح أن نحو 90 % من الرجال في مصر يعتقدون أنه يجب أن يكون لهم القول الفصل في اتخاذ القرارات الأسرية، وأن على النساء القيام بمعظم الأعمال المنزلية.
حتى الآن، يبقى هذا الرأي متوقعاً تماماً. لكن المسح يلقي ضوءا جديدا على معاناة الرجال العرب في أربعة بلدان شملتها الدراسة (مصر، لبنان، المغرب وفلسطين)، وكيف أنها تعرقل التقدم نحو المساواة. ويكشف ثلثا هؤلاء الرجال على الأقل عن مستويات عالية من الخوف على سلامة ورفاه أسرهم. وفي مصر وفلسطين، يقول معظم الرجال أنهم يعانون من الإحباط والاكتئاب بسبب الافتقار إلى العمل أو الدخل. ومع أن شعور النساء أسوأ، فإن النتيجة بالنسبة للرجال العرب هي "أزمة ذكورة"، كما وجدت الدراسة.
بدلاً من تخفيف مواقفهم الأبوية، يميل الرجال العرب إلى التشبث بها. وفي كل بلد باستثناء لبنان، لا تختلف وجهات نظر الرجال الأصغر سناً حول العلاقة بين الجنسين بشكل جوهري عن وجهات نظر الرجال الأكبر سناً. وربما تكون هناك عدة أسباب لذلك، لكن الدراسة تقترح أن صراع الشباب من أجل العثور على عمل، وتحمل تكاليف الزواج أو تحقيق مكانة المزود المالي، ربما تنتج رد فعل عكسي ضد النساء ذوات الشخصيات القوية. وبعبارات أخرى، ربما تتغذى الشوفينية الذكورية على إحساس بالضعف، وليس القوة.
ثمة تفسير آخر هو أن مناخاً عاماً من النزعة المحافظة الدينية يجعل الرجال متشككين في الحريات الجديدة. ويروج المفكرون القانونيون الإسلاميون لفكرة "القوامة" التي تعطي الرجال سلطة على النساء. وفي الدول المحافظة، مثل السعودية، تشكل هذه الفكرة سياسة رسمية. لكن هذا التوجه يسود حتى في أجزاء ليبرالية نسبياً من العالم العربي، مثل المغرب، حيث يعتقد نسبة 77 % من الرجال أن من واجبهم ممارسة الوصاية على القريبات الإناث.
في مثل هذا المناخ، يكون العنف والمضايقات ممارسات شائعة. وفي البلدان الأربعة التي شملها الاستطلاع، اعترف من 10 % إلى 45 % من الرجال الذين تزوجوا في أي وقت بأنهم ضربوا زوجاتهم. واعترف 31 % إلى 64 % من الرجال بأنهم تحرشوا بامرأة في الشارع. ويعتقد أقل من نصف الرجال المغاربة أنه ينبغي تجريم الاغتصاب الزوجي؛ ويتوقع معظمهم من زوجاتهم القبول بممارسة الجنس عند الطلب. وما يزال 70 % من الرجال المصريين يوافقون على ختان النساء.
تقول أكثر من نصف النساء المصريات أيضاً إنهن يوافقن على ختان النساء. وفي الحقيقة، تتبنى النساء العربيات الكثير من نفس وجهات النظر التي يعتنقها الرجال. وفي مصر وفلسطين، يقول أكثر من نصف النساء والرجال إنه إذا تعرضت المرأة للاغتصاب، فإن عليها أن تتزوج مغتصبها. وفي ثلاث من البلدان التي شملها المسح على الأقل، هناك نساء أكثر من الرجال يقلن إن المرأة التي ترتدي ملابس استفزازية تستحق التعرض للتحرش والمضايقات. وتقول معظم النساء اللواتي شملهن المسح إنهن يؤيدين فكرة وصاية الذكور.
حاول الناشطون جاهدين تشجيع المرأة العربية على تأكيد نفسها. لكنهم بذلوا القليل من الجهد لتخفيف حدة مواقف الرجال. لكن هذا الواقع أصبح يتغير. و"أبعاد" في لبنان، هي واحدة من العديد من المنظمات غير الحكومية التي تواجه المعايير الصارمة لسيادة الرجال في المنطقة؛ وهي تستخدم حملات التوعية والإرشاد النفسي. ويرى مؤلفو الدراسة انفتاحاً في مواقف الرجال الليبرالية نسبياً تجاه الأبوة والنساء في مكان العمل. كما يريدون أيضاً وقف العنف ضد الأولاد في البيت والمدارس، الذي يجعلهم أكثر احتمالاً لإلحاق الأذى بالنساء في وقت لاحق.
تشير الدراسات إلى أن تحقيق قدر أكبر من المساواة سيجعل البلدان العربية أكثر غنى وإنصافاً –حيث النساء المتحررات أكثر قدرة على الكسب. ومع ذلك، ومع أن بعض القوانين المنحازة قد تغيرت، فإن الدعم الرسمي كان متثاقلاً. وتقول الدكتورة الفقي، مشيرة إلى رئيس الوزراء الكندي النسوي: "ليس لدينا جوستين تروديو في المنطقة العربية بعد". لكن لبنان عين مؤخراً أول وزير لشؤون المرأة –وهو رجل.

*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Down and out in Cairo and Beirut: The sorry state of Arab men

اضافة اعلان

[email protected]