من تاتشر حتى كاميرون: سجل العلاقات بين إسرائيل وبريطانيا

هآرتس

أنشل بيبر

28/6/2016

المؤسسة البريطانية وعلى مدى السنوات الـ200 الأخيرة لم تعتبر محبة لإسرائيل أو مؤيدة للمشروع الصهيوني. رفيعو المستوى في المجال الدبلوماسي والعسكري اعتبروا "منحازين للعرب" واعتبروا الصهاينة مصدرا للقلق. وفي نهاية فترة الانتداب، تهديد أيضا. لهذا فإن الحديث يدور عن سيرة تاريخية لفترات طويلة كان فيها لرؤساء الحكومة تأثير على طابع المملكة المتحدة، حيث كانوا ساميين واضحين مؤيدين للصهيونية. ففي العهد الفيكتوري كان رئيس الحكومة الابرز بنيامين ديورالي يهوديا، ولم يتنصل من جذوره. في القرن العشرين كان اولئك ديفيد لويد جورج وونستون تشرتشل وهارولد ولسون، جميعهم اصدقاء مخلصون لإسرائيل. ولكن في فترات متباعدة نجحوا في تغيير السياسة الرسمية الأقل تأييدا لإسرائيل.اضافة اعلان
الانقلاب الاكبر حدث في فترة مارغريت تاتشر التي مثلت مقاطعة بنتشيلي، قلب الجالية اليهودية في شمال لندن. وقد كانت الاولى التي وقفت أمام وزارة الخارجية المؤيدة للعرب وصممت على زيارة إسرائيل بشكل رسمي اثناء ولايتها، وقامت بتعيين سياسيين يهود في وظائف رفيعة جدا. بعدها جاء طوني بلير الذي اعتبره الفلسطينيون دائما منحازا لإسرائيل، وغوردون براون الذي تحدث بفرح كيف أنه رضع الصهيونية كولد من أبيه الكاهن، محب كبير لصهيون، حيث أنه أكثر من زيارة البلاد في الستينيات.
كاميرون هو ضيف دائم في مناسبات الدعم والتبرع السنوية للمنظمات اليهودية الكبيرة في بريطانيا. ولا يمر شهر تقريبا دون أن يلتقي مع أعضاء الجالية وهو يشعر بالراحة الكبيرة هناك. والقرب من يهود بريطانيا وجد تعبيره أيضا في سياسة حكومته نحو إسرائيل. في الوقت الذي كان أسلافه بلير وبراون يعدون حكومة إسرائيل بإجراء تغيير في قوانين الحكم الدولية – التي سمحت لقضاة محليين بإصدار اوامر اعتقال ضد قادة إسرائيليين بتهمة تنفيذ جرائم حرب، وهذا بناء على طلب منظمات تؤيد الفلسطينيين – لكنهما لم يطبقا هذه الوعود. وبعد فترة قصيرة من دخوله إلى السلطة، غيرت حكومة كاميرون التشريع، حيث أن أمر الاعتقال هذا يصدر فقط بموافقة رئيس النيابة المركزية. ومؤخرا قامت حكومة كاميرون باجراء تعديل يمنع المجالس المحلية من مقاطعة الدول الاجنبية – هذه الخطوة وجهت بشكل واضح ضد الـبي.دي.اس.
التعاون العسكري والاستخباري بين الدولتين اثناء ولاية كاميرون وصل إلى ذروة غير مسبوقة. حيث عمل كاميرون ووزير المالية البريطاني جورج أسبورن من اجل فصل ايران عن الشبكة البنكية العالمية. وحسب اقوال دبلوماسيين إسرائيليين، كانت بريطانيا في فترة ما أكثر تشددا من الإدارة الاميركية في فرض الحصار الاقتصادي على ايران. أيضا عند الحديث عن سياسة تؤيد إسرائيل بشكل تقليدي – فإن الولايات المتحدة والمانيا هي أمثلة بارزة – تأييدهما السياسي والتعاون الامني ليسا مقرونين دائما بعلاقات حميمية بين زعماء الدول. بين بنيامين نتنياهو وكاميرون نشأت علاقة شخصية حميمة نسبيا خلافا لـ انغيلا ميركل التي كانت لها محادثة توبيخ شديدة لنتنياهو في الهاتف، وباراك أوباما الذي قاطعه بعد الانتخابات الأخيرة فترة طويلة احتجاجا على اقواله بحق عرب إسرائيل، المحادثات بين لندن والقدس كانت في العادة ودية.
"في مواضيع مختلفة، يتحدثان ببساطة بنفس الموجة"، قال دبلوماسي بريطاني مؤخرا وهو ليس ممن يحبون نتنياهو. "في الاقتصاد يتفقان حول حاجة الغرب لمواجهة الاسلام المتطرف. وقد قبل كاميرون كل مواقف نتنياهو في هذا الموضوع". في أوساط الدبلوماسيين يعتبر كاميرون "مؤيدا "كبيرا" لإسرائيل. مستشاروه اليهود أفشلوا محاولة لوزارة الخارجية لادخال فقرة تندد بسياسة المستوطنات في خطاب كاميرون في الكنيست. وبدل ذلك بقيت في الخطاب جملة واحدة مختصرة وضعيفة حول الموضوع.
مؤسسة الجاليات اليهودية في بريطانيا لم تعبر عن رأي واضح مع أو ضد الخروج من الاتحاد الأوروبي. وما تزال المعلومات حول تصويتهم يوم الخميس الماضي ليست متوفرة. لكن الاستطلاع الذي أجري في الشهر الماضي وعينة من يوم الاستفتاء تظهر أن الاغلبية صوتت ضد الخروج من الاتحاد الاوروبي. حاخامات من التيارات المختلفة أعربوا بوضوح عن معارضتهم للخروج لعدة اسباب – خشية من ازدياد العنصرية تجاه المهاجرين، الأمر الذي قد يتحول إلى لاسامية، الحاق الضرر بالتضامن مع يهود اوروبا الذين يتعرضون للارهاب واللاسامية والرغبة في اعطاء مظلة لكاميرون. ومع ذلك، قسم كبير من اليهود صوتوا مع الانفصال خشية من هجرة المسلمين المتطرفين وبسبب الشعور الصعب في اوساط الجناح الاكثر يمينية في الجالية، الذي يعتبر أن الاتحاد "معاديا" لإسرائيل.