من يحكم المستوطنات؟

هآرتس

شاؤول اريئيلي

5/7/2019

اضافة اعلان

نتائج الانتخابات للكنيست الواحدة والعشرين في المستوطنات وداخل الخط الأخضر، عكست مرة اخرى الواقع الثابت الذي لا يمكن لأي حملة انتخابية التملص منه: أقلية متطرفة تؤمن بأنه فقط للشعب اليهودي يوجد الحق في تقرير المصير في أرض إسرائيل، تخرب احتمالات الأغلبية الحاسمة للمستوطنين في أن يتحولوا إلى شرعيين وجزء من إسرائيل السيادية. المستوطنون يعرفون كيفية ضم يد الحكومة التي تحسن اليهم. حقيقة أن الحكومة والكنيست الأخيرة ترفضان حل الدولتين واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين والرياح الداعمة وغير المسبوقة التي تقدمها إدارة ترامب لحكومة نتنياهو، عززت الأوساط الوطنية والمتطرفة التي تعاني من مظاهر الفاشية وتقود الى عمليات التهويد – على اعتبار أنها هي التي تقرر النغمة وهي التي تقوم بالقيادة. الفوضى في مجال تطبيق القانون في الضفة الغربية والتسهيلات الكثيرة والاستثمارات الكبيرة عززت في اوساط معظم الاسرائيليين الذين يعيشون في المستوطنات، الوعي في أن الواقع الحالي يؤتي أكله. مع ذلك، تفتيش بسيط في المعطيات يكشف الحقيقة غير المتغيرة: الجزء من مشروع الاستيطان الذي يشكل عقبة امام التسوية الدائمة يفضله حزب واحد، يمثل جزءا صغيرا جدا من اجمالي المستوطنين.
المقارنة بين التصويت في المستوطنات في 2015 ونتائج الانتخابات الاخيرة فيها تدل على أن نسبة التصويت في اوساط المستوطنين ارتفعت بنسبة 20 في المائة تقريبا. السبب الرئيسي لذلك هو زيادة نسبة عدد المصوتين في اوساط الحريديين، التي تشكل 40 في المائة من اجمالي المستوطنين. انقسام البيت اليهودي الى اتحاد احزاب اليمين واليمين الجديد زاد عدد المصوتين لهما، من 37.550 الى 53.161. وحافظ على تفوق هذه الاحزاب في 62 مستوطنة من بين الـ 127 مستوطنة (48.8 في المائة من المستوطنات). الحديث يدور عن زيادة 1.14 مقعد في 2015 الى 1.5 مقعد في 2019. كما هو متوقع، حزب سموتريتش كان متفوقا في 48 مستوطنة، في حين أن بينيت وشكيد تفوقا فقط في 14 مستوطنة. حزب اليمين الجديد ألقى بكل اصواته (19.964) أي 0.6 مقعد، الى سلة قمامة الاحزاب التي لم تجتز نسبة الحسم. لذلك، اضاف حزب زهوت (9.064)، أي 0.28 مقعد. الليكود عزز قوته وقفز من مقعد واحد في 2015 الى 1.3 مقعدا – الحزب الاكبر في يهودا والسامرة. لقد تعزز وحافظ على تفوقه في المدينة الثالثة من حيث حجمها، معاليه ادوميم. وحتى في الرابعة، اريئيل، اللتان فيهما يعيش نحو 60 ألف نسمة. هكذا ايضا في المجلس الاقليمي الأكبر، جفعات زئيف، (17.000)، وفي المجلس الإقليمي الاصغر معاليه افرايم وفي عشرين مستوطنة صغيرة.
قفزة مشابهة قامت بها يهدوت هتوراة التي قفزت من 0.8 مقعد في يهودا والسامرة الى 1.1 مقعد. لقد حافظت على تفوق مطلق في المدينتين المتدينتين الاكبر في المستوطنات، موديعين عيليت وبيتار عيليت، اللتان يعيش فيهما 125 ألف نسمة – أكثر من ربع عدد السكان في مناطق يهودا والسامرة. هكذا ايضا في عمانوئيل ومعاليه عاموس ومتساد الصغيرة جدا. ايضا شاس ضاعف قوته من ربع مقعد الى نصف مقعد. وكان له تفوق في غنيه موديعين وكوخاف يعقوب. بناء على ذلك في الانتخابات الاخيرة المتدينون اضافوا لقوتهم نصف مقعد فقط من مناطق يهودا والسامرة.
اتحاد يوجد مستقبل مع المنعة لاسرائيل، الذي نتج عنه ازرق ابيض، رفع عدد المؤيدين لهما بـ 12 ضعفا، من 0.04 مقعد الى نصف مقعد تقريبا. ازرق ابيض كان له التفوق على الليكود في المجالس الاقليمية الواقعة على حدود الخط الاخضر، اورانيت والفيه منشه، وعلى العمل في هار ادار (المستوطنات الثلاثة الاكثر ترسخا)، وايضا مخورا ومار وريحان وسلعيت ونيلي. في 16 مستوطنة تفوق ازرق ابيض في عدد الأصوات التي حصل عليها مقابل مستوطنة واحدة فقط (غلغال) التي كان التفوق فيها لحزب يوجد مستقبل في 2015.
حزب العمل فقد الريادة في 12 من بين 13 مستوطنة التي حصل فيها على اغلبية في 2015 (باستثناء نيران التي تقع في الغور). في معظم مستوطنات الغور والبحر الميت الصغيرة جدا والتي تشكل سفينة القيادة لحزب العمل وخطة الون، أيد معظم المصوتين ازرق ابيض (نتيف هغدول، نعمه، كاليا، الموغ، متسبيه شليم). وفي الليكود (بيت هعربة). المستوطنات الاخرى بقيت مخلصة لليكود، وفي شمال الغور بقيت مخلصة لاتحاد احزاب اليمين. هذه المعطيات تشير الى انجراف المستوطنين نحو اليمين: اضافة الى اختفاء حزب العمل بدأت زيادة في قوة احزاب اليمين وتعزز كبير للاحزاب الحريدية. الغوص في المعطيات الديمغرافية ومعطيات انتشار المستوطنات يمكن من الفهم جيدا نتائج الانتخابات الاخيرة.
في 62 مستوطنة يشغلها مؤيدو اتحاد احزاب اليمين واليمين الجديد (غوش ايمونينم على اشكالها) يعيش 30 في المائة فقط من اجمالي عدد المستوطنين في يهودا والسامرة. الاغلبية الساحقة تعيش في ظهر الجبل، في المستوطنات المعزولة خارج الكتل الاستيطانية (باستثناء غوش عصيون) وفي البؤر الاستيطانية غير القانونية. سكان هذه المستوطنات هم الشريحة السكانية في المستوطنات التي تمنع بشكل متعمد ايجاد تواصل فلسطيني، وهو الامر الحيوي لاقامة الدولة الفلسطينية.
في المستوطنات التي تتفوق فيها الاحزاب الدينية والليكود وازرق ابيض، يعيش 70 في المائة من المستوطنين، معظمهم قرب الخط الاخضر. وباستثناء مستوطنات الغور، جميعهم يعيشون في "الكتل الاستيطانية"، أي في اطار الاتفاق الدائم الذي فيه سيتم تبادل للاراضي بما لا يزيد عن 4 في المائة، 80 في المائة من الإسرائيليين الذين يعيشون خلف الخط الاخضر يمكنهم أن يتحولوا الى جزء لا ينفصل من دولة إسرائيل وأن يكونوا تحت سيادتها، بطريقة يعترف بها من قبل المجتمع الدولي. من اجل تطبيق هذا الاحتمال، الذي يوافق عليه الفلسطينيون برئاسة م.ت.ف، اسرائيل يجب عليها أن تتعامل مع استيعاب من جديد، داخل الخط الاخضر أو في "كتل يتم ضمها"، سكان المستوطنات المعزولة والبؤر الاستيطانية غير القانونية المأهولة بمصوتي اتحاد احزاب اليمين واليمين الجديد وزهوت.
الخريطة السياسية القطرية تقريبا لم تتغير في الـ 52 سنة من حكم اسرائيل للضفة الغربية. مصوتو الليكود والعمل الذين حولوا تأييدهم لازرق ابيض يعيشون في مناطق الاستيطان التي تم تحديدها بخطط حكومية – خطة الون في 1967 وخطة شارون في 1977، والتي اعتبرت في حينه حيوية من ناحية امنية، أو لاسباب اقتصادية. مصوتو الاحزاب الحريدية انتقلوا الى الضفة بسبب ضائقة السكن للحريديين في القدس وبني براك وبيت شيمش. في المقابل، مستوطنو غوش ايمونيم على اشكالها استوطنوا في المناطق عمدا وبصورة علنية خلافا لخطط الحكومة وفي حالات كثيرة حتى خلافا للقانون من اجل تثبيت حقائق على ظهر الجبل المأهول باكتظاظ من قبل الفلسطينيين. لقد ارادوا منع التواصل بين الاراضي الفلسطينية واقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل.
من المحزن أن نكتشف في كل مرة من جديد كيف أن اقلية صغيرة تنجح في تقييد الاكثرية ومنعها من العمل من اجل مصالح اسرائيل العامة: انفصال متفق عليه عن الفلسطينيين من اجل الهوية والديمقراطية والامن، ومن اجل سلطة القانون فيها وعضويتها في الأسرة الدولية.