من يقرع جرس العاملات في البيوت؟

الجريمة المأساوية التي تعرضت لها سيدة أردنية قبل أسبوع، حين اكتشف بالصدفة تعرضها للطعن المودي للقتل من قبل العاملة المنزلية، يلقي الضوء واسعا وكبيرا ناحية كيفية تعامل الحكومة ممثلة بوزارتي العمل والداخلية والمؤسسات النقابية المعنية باستقدام العاملات  والمكاتب التابعة لها. اضافة اعلان
الأسر الأردنية التي خاضت تجربة الأيدي العاملة، أو استقدام العاملات تحديدا من دول شرق آسيا وبعض الدول الإفريقية، يعانون الأمرين من القوانين الصارمة التي باتت تحكم هذه الخدمة، ناهيك عن الكلف المبالغ بها لمجمل عملية الاستقدام والإقامة والرواتب والكفالات المالية  والقانونية. تلك الإجراءات التي اتخذت مؤخرا لتضييق الخناق على من تسول له نفسه التعامل بطرق غير قانونية ولا أخلاقية تضمن حقوق العاملات، بعد أن تداعت مكاتب الاستقدام في الخارج بسبب بعض القصص والروايات حول انتهاكات تحدث مع العاملات بعد وصولهن إلى البلاد، تطورت في بعض الأحيان إلى حافة الإتجار بالبشر.
لا يعترض عاقل ولا صاحب ضمير حي على أي من تلك القوانين الصارمة، لأنها في الحقيقة تضمن حقوق العاملات في بلاد الغربة، سواء الإنسانية أو المالية أو الحقوقية، وإن كانت في بعض تفاصيلها مادية بحتة ولا تخاطب تلك الحقوق بشكلها المباشر والحقيقي. إنما مع ذلك استمرت حركة استقدام العاملات من تلك الدول على الأسس والاشتراطات والعقود الموضوعة، بدون أي مناقشة أو اختلاف.
لكن في الوقت نفسه، نسأل أنفسنا ونحن الطرف الثاني من ذلك العقد: أين الحقوق المترتبة على تلك المكاتب والمؤسسات الناظمة لقوانينها، سواء داخلية أو خارجية، تضمن سلامة أصحاب المنازل وحقهم الطبيعي في استرجاع أموالهم بعد هروب العاملة، وهي حوادث مكررة ومتوالية  ولم تتوقف حتى اليوم لأي سبب!
كيف لمؤسساتنا الوطنية  والهيئات المعنية في هذا القطاع،  أن لا تكترث أبدا بضمان عدم محكومية تلك العاملات بجنح أو جرائم سابقة، كما تفعل في اهتمامها بالخلفية الصحية  والمهنية ومجالات الخبرة ؟ هل تطلب هذه الجهات أي أوراق تثبت سلامة وخلو ماضي الفتيات القادمات، من تهم مماثلة، تمهد لهن الطريق في المستقبل، وفي بيوتنا وبين أهلينا وأبنائنا، معاودة الكرة بدون أن يرف لهن جفن ؟!
الحوادث المتعلقة بالسرقات والهرب، لا يمكن ذكرها أمام جرائم القتل المتعمد وبطرق وحشية مخيفة، لا يمكن التنبؤ بها ولا استشعار مقدماتها من قبل عاملات محترفات في الجريمة. وهذا لن يكون إلا لأنهن في الأصل مهيآت لارتكابها وببساطة شديدة. وإلا كيف يمكن تفسير إقدام بعض الحالات على ارتكاب مثل تلك الجرائم، وكأنهن متمرسات في القتل ذبحا وحرقا وبالسم أحيانا؟
قصة السيدة المحترمة التي قتلت في الذكرى يوم الأربعين لوفاة زوجها مؤلمة جدا، وهي لن تكون الأخيرة لو ظلت إجراءات التحقق والمساءلة قبل الاستقدام وبعده على ما هي عليه.
نسمع عن دول بأسمائها تطلق السجينات المتهمات بجرائم كبرى، وتقوم بتزوير أوراقهن لإرسالهن للعمل خارج حدود بلادهن في دول الخليج وغيرها، في خطوة ترتاح بها دولهم من تكلفة الصرف على سجونهن، وتضمن دخول العملة الأجنبية بسبب التحويلات الشهرية.
هذا الأمر مكلف به بشكل مباشر وزارتا العمل والداخلية، ومكاتب الاستقدام في فروعها الخارجية، بحيث تكون اليقظة على أهبتها دائما. لأن أرواح الناس ليست لعبة في أيدي بعض المهرة، القادمين لبلادنا من أجل العمل وتحسين ظروف حياتهم.