مهتمون يعترضون على ما يرونه "هزالا" في حصة الثقافة ببرنامج الحكومة

نادر رنتيسي

 

عمَّان- أفرزتْ حصةُ الثقافة في الخطةِ التنفيذية لبرنامج عمل الحكومة في العام الحالي، تساؤلات من قبل مؤسسات ثقافية ووزراء سابقين عن حضور الثقافة في الهاجس الرسمي، رائين أنَّ الاهتمامَ بها يتضاءل مرحلة بعد أخرى.

اضافة اعلان

وكانَ البندُ الحادي عشر من الخطة التي أعلنَها رئيسُ الوزراء سمير الرفاعي في مؤتمر صِحافي الأربعاءَ الماضي، تضمنتْ ثلاثة مشاريع هي: مشروع الذخيرة العربية ويتضمَّنُ تحميلَ 120 كتابا جديدا على الموقع الإلكتروني.

والمشروع الثاني يتعلق بالفعاليات والأنشطة الثقافية في المحافظات، ويشملُ إقامة أسابيع ثقافية في مناطق المملكة، خصوصا في مدينة الزرقاء، كونها مدينة الثقافة الأردنية العام 2010، إضافة إلى مشروع التفرُّغ الإبداعي الذي يتمًّ من خلاله تفريغُ 6 مبدعين أردنيِّينَ في نهاية العام.

وبينما تتركزُ تحفظاتُ المعنيِّينَ بالشأن الثقافي المحلي في أنَّ هناك اختزالا لمشاريع الثقافة التي أعلنَ عنْها في أعوامٍ سابقة، وأنَّ "التذرُّعَ" بـ "ضبط النفقات" لا ينبغي أن يطاولَ الجانب الثقافي، يأتي الردُّ الرسمي بالتأكيد على أنَّ برامج وزارة الثقافة "قائمة وستنفذُ جميعها في ضوء الإمكانات المتاحة".

وزيرُ الثقافة الأسبق د. عادل الطويسي يُحذرُ من "طغيان الجانب الاقتصادي على التنمية الثقافية"، التي يرى أنها "الإطارُ العام لكلِّ أنواع التنمية".

ويجدُ أنَّ ضبط النفقات يصيبُ الجانب الثقافي "إنْ كان رفاهيا وليس تنمويا"، مستدركا أنَّ الثقافة وفق التوجه الرسمي السابق "ملفُّ تنيمة يشبهُ التنمية السياسية والاجتماعية".

وبهذا المعني، يؤكد الطويسي أنَّ "الظروف الاقتصادية لا يمكنُ أن تؤدي إلى تهميش شبه كامل للثقافة"، ويستشهدُ بذلك إلى "خلو كلمة الثقافة من ردِّ الحكومة على كتاب التكليف السامي" في الرابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي.

"الاختزالُ كبيرٌ لخطة التنمية الثقافية"، وفق الطويسي الذي يبيِّنُ أنها احتوت 32 مشروعا وبرنامجا تمَّ تنفيذها عامي 2008 و 2009، معتبرا أنَّ اختزالها في ثلاثة مشاريع الآن يعدُّ "إجحافا في حق الحركة الثقافية".

وولدت خطة التنمية الثقافية في مؤتمر ثقافي صيف العام 2006، إبّان تسلم الطويسي حقيبة وزارة الثقافة حتى مطلع العام 2008.

وزيرة الثقافة السابقة أسمى خضر تذهبُ إلى أنَّ إدامة المشاريع الثقافية تتطلبُ "عملية متابعة وتقييم"، من دون أن تغفل حاجة ذلك إلى "موازنات معتمدة تضمنُ النهوضَ بالشأن الثقافي".

وإبَّانَ تسلم خضر وزارة الثقافة العام 2004 عقد المؤتمر الثقافي العام الذي خرجَ بنحو 40 توصية. وترى الوزيرة السابقة أنَّ تنفيذها من عدمه "لا بدَّ أنْ يخضعَ للمحاسبة الرسمية والشعبية".

بيْدَ أنَّها تستدركُ أنَّ ما نشرته الصحف "قد لا يعبّرُ عن برنامج الوزارة الثقافي لهذا العام"، مشيرة إلى أن ما تعرفه أنّ "هناك خطة تتضمنُ 100 مشروع".

وزيرُ الثقافة السابق الدكتور صبري الربيحات يذهب إلى أنَّ ما ورد في الإعلام، إنْ كانَ كله يتضمن برنامج عمل الوزارة لهذا العام، فهو "مختزل جدا ولا يُعبِّرُ عن أولويات الأمة". 

ويعتقد الربيحات أنَّ "المشروعات التي تقومُ بها الوزارة أكثرُ مما ظهرَ في الإعلام"، لافتا إلى أنَّ عددها يصلُ إلى 39 مشروعا.

ويؤشرُ في السياق ذاته إلى أنَّ مشروع "مدينة الثقافة الأردنية" وحده يحتاجُ إلى "ضخِّ أكثر من مليون دولار".

في المقابل يؤكدُ مدير الهيئات الثقافية في وزارة الثقافة غسان طنش أنَّ "معظم برامج الوزارة لم تتمُّ الإشارة إليها" في الخطة التنفيذية لعمل الحكومة، مشدِّدا على أنه لم يتمُّ تجاوز أيِّ مشروع. ويستدرك:"ما يجري ضبط للنفقات ضمن التوجه الحكومي".

ويضيفُ أنَّ "التخفيضَ أصابَ كل الوزارات"، مبيِّنا في المقابل أنَّ "كل المال الموجود في الوزارة سيكونُ في خدمة المثقفين".

إلا أنَّ رئيسَ رابطة الكتاب الأردنيين سعود قبيلات يجدُ أنَّ الاهتمامَ بالثقافة ومخصصاتِها "هزيلٌ قبلَ الخطةِ التنفيذية"، مبيِّنا أن ما يجري الآن "مزيدٌ من الهزال ينعكسُ سلبا على الحياة الثقافية".

ويرى قبيلات أنَّ مشاريعَ هذا العام "لا تشكلُ برنامجا ثقافيا وإنما فعاليات يمكنُ أن تقومَ بها مؤسسة أهلية"، ذاهبا إلى أنه "انسحاب للحكومة من أيِّ دور داعمٍ للثقافة".

ويعتقدُ أنَّ "تقليص النفقاتِ ليسَ مبرَّرا"، معتبرا أنَّ "كل البرامج الثقافية لم تكن تستهلكُ شيئا". ويؤشرُ بذلك إلى تخفيض عدد المستفيدين من مشروع التفرُّغ الإبداعي إلى 6 بدلا من عشرة.

بينما يشيرُ طنش إلى أنَّ مشروع التفرغ الإبداعي يستندُ إلى الأمور المالية، مؤكدا أنَّ العدد 10 لم يكن دائما في كلِّ الدورات السابقة.

لكنَّ قبيلات يرى في المجمل أنَّ دوْرَ الوزارة "هزيلٌ ولا يليقُ باسم الثقافة"، ذاهبا إلى أنَّ ذلك "أفقد الوزارة مبرِّرَ وجودها". وذكَّرَ أنَّ الرابطة "قادت حملة لإعادة وزارة الثقافة" بعد إلغائها العام 2003.

طنش يذهب في المقابل إلى أنَّ "الوزارة ما تزالُ تحتفظُ بدورها الطبيعي"، مؤكدا على "بقاء دعم المؤسسات الثقافية، وحضورها في اهتمام الوزارة".

ورأى أنَّ "كلَّ مشاريع ومقررات المؤتمرات الثقافية تمَّ تنفيذها"، مستدركا أنَّ ما تعثرَ منها "لم يكن بالأصل أكثر من أفكار".

إلا أنَّ نقيب الفنانين حسين الخطيب يعتقد أن "الإنصاف لم يتحقق للثقافة والفنون"، لافتا إلى أنه "ما يزالُ هناك الكثيرُ من الآمال والطموحات عاما بعد عام".

ويحيلُ الخطيب ما يعتبره "مراوَحَة" إلى "غياب استراتيجية واضحة". ويقول إنَّ الفنانين "ما يزالون يأملون بتحسين أوضاعهم، لكنَّ المسافات ما تزال بعيدة"، مؤكدا أنَّ ما هو متاح "لا يأتي شيئا أمام ما يتلقاه الفنانون في دول عربية مجاورة".
 
[email protected]