مواقف فلسطينية متباينة من "مؤتمر باريس"

منظر عام لمستعمرة شيلو الواقعة على أراضي قرية ترمسعيا الفلسطينية - (ا ف ب)
منظر عام لمستعمرة شيلو الواقعة على أراضي قرية ترمسعيا الفلسطينية - (ا ف ب)

نادية سعد الدين

عمان- تباينت ردود الفعل الفلسطينية حول نتائج "مؤتمر باريس" للسلام في المنطقة، نظير غياب آلية محددة لتنفيذ بيانه الختامي، الذي أعلنت الحكومة الإسرائيلية رفضها الإلتزام به، في ظل "التعهد الأميركي بعدم اتخاذ خطوات تكميلية لمتابعته".اضافة اعلان
فبينما رحبت منظمة التحرير بنتائج المؤتمر الدولي، الذي انعقد أول من أمس في فرنسا بمشاركة زهاء 70 دولة وخمس منظمات دولية، فقد ناهضته فصائل فلسطينية أخرى، معتبرة أنه يشكل "غطاء سياسيا للعودة إلى المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية بدون شروط مسبقة".
وعبروا عن رفضهم "للضغوط الأميركية على البيان الختامي للمؤتمر والتي أسفرت عن شطب عبارة "عدم الاعتراف بأي تغييرات على خطوط الرابع من حزيران (يونيو) 1967، بما فيها القدس، عدا التي يتفق عليها الطرفان من خلال المفاوضات"، والتي كانت واردة في مسودته"، وضمن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334، الصادر الشهر الماضي، بشأن وقف الاستيطان.
ولفتوا إلى غياب "المطلب الفلسطيني بايجاد جدول زمني محدد لإنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المنشودة"، عن بيان المؤتمر.
فمن جانبه؛ قال الناطق باسم حركة "حماس، عبد اللطيف القانوع، إن حركته "لا تعول كثيراً على مؤتمر باريس الدولي، ولا أي مؤتمرات دولية مماثلة، حيث لن يستفيد الشعب الفلسطيني منه شيئاً، بينما يتنصل الاحتلال الإسرائيلي من كل الاتفاقيات الموقعة والمؤتمرات".
وأضاف القانوع، في تصريح أمس، ان "المفاوضات مع الاحتلال مضيعة للوقت، فيما على السلطة الفلسطينية العودة إلى حضن الشعب الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية".
وبشأن التحذير الصادر من الخارجية الفرنسية، حول نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس المُحتلة، حذر القانوع من خطورة "تلك الخطوة، والتي ستستفز الشعب الفلسطيني، وقد تكون نذير انفجار"، بحسبه.
وكان وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك آيرولت، قد حذر، في كلمته أمام المؤتمر الدولي للسلام، من "العواقب الخطيرة" لمشروع الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بنقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة.
بدوره؛ حذر أمين سر تحالف قوى المقاومة الفلسطينية، خالد عبد المجيد، من نتائج مؤتمر باريس الدولي الذي سيشكل "غطاء لمسار سياسي خطير يستهدف القضية الفلسطينية"، بحسبه.
وقال عبد المجيد، لـ"الغد" من دمشق، إن المؤتمر "يستهدف تغطية مسار سياسي ينطلق من نتائج اتفاقات "أوسلو" والمفاوضات العبثية التي جرت في المرحلة الماضية"، مثلما يمثل "تغطية لاستمرار الاستيطان ومحاولات النيل من الحقوق الفلسطينية".
وأوضح بأنه، أيضا، "يرتكز إلى محاولة التأكيد على وثيقة (وزير الخارجية الأميركي جون) كيري الأخيرة، التي تحوي الاعتراف "بيهودية الدولة" وبقاء الاستيطان وشطب حق العودة والقدس للحل في المرحلة القادمة".
واعتبر أن المؤتمر "يشكل محطة أخرى تستهدف الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني"، مطالبا "القيادة الفلسطينية بعملية مراجعة نقدية شاملة والعودة إلى خيارات الشعب الفلسطيني في تجديد المقاومة والانتفاضة، باعتباره الخيار الوحيد لإنهاء الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأشار إلى أن "العودة للمفاوضات تحت مبررات انعقاد مؤتمر باريس الدولي والقرارات الدولية ستؤدي إلى مخاطر حقيقية على القضية الفلسطينية".
وكان المشاركون في المؤتمر قد أكدوا على "حل الدولتين وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وسيادته، ووضع حد للاحتلال، وحل جميع قضايا الوضع النهائي وفق قرارات الأمم المتحدة".
من جهته؛ اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، تيسير خالد، أن البيان الختامي للمؤتمر "يفتقر للتوازن والضمانات الحقيقية والإرادة الفعلية لوضع حد للاحتلال الإسرائيلي".
وقال خالد، في تصريح أمس، إن البيان لا يتضمن "آليات واضحة للمتابعة والمساءلة، حيث جاء أقرب إلى المناشدة منه للتدخل الجاد والمسؤول لكسر الاستعصاء، الذي فرض نفسه على مسيرة التسوية السياسية بفعل السياسة الإسرائيلية". ولفت إلى غياب عنصر التوازن عن البيان عند دعوة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للإلتزام بالقانون الدولي، "بما يتجاهل جرائم الاحتلال وانتهاكاته اليومية لحقوق الإنسان الفلسطيني، والمعاناة اليومية للشعب الفلسطيني".
فيما يركز على "الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية التي تشي عن أطماع الاحتلال في مناطق الأغوار الفلسطينية، دون مراعاة الحد الأدنى من الاحتياجات الأمنية الفلسطينية".
وتوقف عند دعوة البيان للجانبين بعدم اتخاذ خطوات أحادية تحكم مسبقاً على نتائج مفاوضات الوضع النهائي؛ في محاولة "لوضع القيود الثقيلة على الحق الفلسطيني في تدويل قضيته، أو التوجه لدى المؤسسات والمنظمات الأممية".
وكانت بريطانيا رفضت التوقيع على البيان الختامي لمؤتمر باريس، معتبرة أنه سيؤدي إلى "تشديد المواقف"، بحسبها.
إلى ذلك؛ أفادت المواقع الإسرائيلية، نقلا عن القناة العاشرة الإسرائيلية، بأن "رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أجرى اتصالا هاتفياً مع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، تعهد فيها الأخير للأول، بعدم عدم حمل مخرجات مؤتمر باريس للسلام إلى مجلس الأمن". وأوضحت بأن "كيري تعهد لنتنياهو بعدم القيام بأي خطوات تكميلية لمؤتمر باريس"، وذلك في إشارة إلى المخاوف الإسرائيلية من تحويل نتائج المؤتمر إلى قرار دولي صادر عن مجلس الأمن أو تشكيل لجنة دولية لمتابعة تنفيذ القرارات.
ويأتي المؤتمر في إطار مبادرة فرنسية أطلقت قبل عام لاستئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية المتوقفة منذ العام 2014.