موسم الموت على الطرقات

باتت الأنفاق معلماً من معالم عمان. وانتشرت الجسور في معظم مناطق العاصمة. لكن أزمة السير لم تُحل. بل تفاقمت. ذلك ان الحل لا في الانفاق ولا في الجسور. الحل في بناء ثقافة مرورية مسؤولة وتفعيل قانون السير وتوفير بدائل عن السيارات الشخصية. وهذه متطلبات تدفع المملكة ثمناً باهظاً لغيابها.

اضافة اعلان

والاكتظاظ ليس النتيجة السلبية الوحيدة لعدم التزام السائقين قواعد المرور. ففصل الصيف صار موسم الموت على الطرقات. وقف هذه الكارثة بات ضرورة تستدعي خطة واضحة تعالج الأسباب الرئيسة لحوادث المرور وتفرض عقوبات رادعة على كل من لا يلتزم قانون السير ويلحق الضرر بالآخرين. الالوف من المواطنين ذهبوا ضحايا لحوادث السير خلال السنوات القليلة الماضية. تلك كارثة تستوجب تحركاً سريعاً وفاعلاً لمواجهتها.

تطور ثقافة مرورية يجعل من احترام قواعد السير تصرفاً طبيعياً لدى المواطنين عملية تتطلب جهداً طويلاً. لكن التثقيف والتوعية لن يحققا وحدهما الهدف المطلوب الا اذا كان هنالك قانون يفرض عقوبات رادعة على السائقين المتهورين وعلى اولئك الذين لا يحترمون حقوق غيرهم في طرقات آمنة ومنظّمة.

لذلك يجب ان يتوقف عرف تخفيف العقوبات بالسائقين الذين يسببون حوادث قاتلة نتيجة الاهمال أو السرعة أو التهور. وسيرتدع كثيرون اذا بات سحب رخصة السوق اجراءً يُتبع في المخالفات المرورية الخطيرة. وثمة حاجة أيضاً لملاحقة المخالفات التي تثبت الدراسات انها الاكثر تسبباً في الحوادث والاختناقات المرورية.

بموازاة ذلك تحتاج الحكومة ان تتعامل مع ازمة المرور المتعاظمة برؤية استراتيجية بعيدة المدى تتجاوز الحلول الجزئية مثل بناء الجسور او فتح الأنفاق. فمن غير المبرر ان الاردن ما يزال يفتقر الى شبكة نقل عام فاعلة ومنتظمة. غياب هذه الشبكة سبب رئيس في تدهور الاوضاع على الطرقات.

يؤخذ على المواطنين ان كل من امتلك سيارة يعزف عن استعمال شبكة النقل العام. لكن هذا مأخذ منطقه ضعيف. فالمواطن لن يستخدم هذه الشبكة الا اذا اقتنع انها تلبي الحد الادنى من شروط النظافة والانتظام والفاعلية. وهذه شروط غير موجودة. وستظل مشكلة الطرقات تتعاظم اذا لم تزوّد العاصمة وغيرها من مدن المملكة بشبكة نقل عام ذات أداء منافس.

ازمة المرور تفاقمت بشكل كبير خلال السنوات الماضية. وحوادث المرور اصبحت خطراً دائم الحضور على حياة المواطنين. وستزداد هذه المشكلة سوءاً في السنوات القادمة اذا لم توضع استراتيجية تعالجها بمنهجية شمولية. لكن الى حين تحقيق ذلك، يمكن التخفيف من تبعات الفوضى على الطرقات من خلال البدء بفرض عقوبات رادعة على مرتكبي المخالفات المرورية التي تسبب الحوادث والاكتظاظ.