موسى حوامدة يشارك في الملتقى الدولي للشعراء العرب بالهند

الشاعر موسى حوامدة
الشاعر موسى حوامدة
عمان - الغد - شارك الشاعر موسى حوامدة، أول من أمس، عبر برنامج "زووم" في الملتقى الدولي للشعراء العرب الذي عقده قسم اللغة العربية ومجلس ضمان الجودة الداخلية بكلية سري نيلاكانتا السانسكريتية الحكومية بباتامبي بولاية كيرلا الهندية، بالشراكة مع أكاديمية التميز بالهند حيث قرأ بعض قصائده، وألقى شهادة عن ماهية الشعر. قال حوامدة: "كثيرًا ما كنت أسألُ نفسي لماذا الشعر إذن، ولماذا أحب العناء والألم، وأفسح له كل الوقت في تفكيري، ونظرتي، وتعاملي، وتفاصيلي اليومية. ولماذا أكتب الشعر، أو ما هو فهمي للشعر، وهل أكتب الشعر لأنني أتعالج نفسيًا، أم لأنني أبحث عن تعويض عن كل الخسارات التي مرت معي، أم بحثًا عن كمال ما، أو أكتب الشعر لكي أرى الطبيعة متوازنة، فالظلم موجود في الأرض، ولعل العدل أقرب للخيال والفانتازيا منه للواقع، ولذا أهرب للقصيدة، كي أقيم "مدينتي الفاضلة" أو "كوميدياي الإلهية" أو "فردوسي المفقود" بحثًا عن عدل غير قائم". وأضاف الشاعر: "قبل ولادتي بسنوات، ضاعت بلادي، بتواطؤ دولي، حين أقرت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين عام 1947، إلى دولتين واحدة لليهود والثانية للعرب، أعلن قيام الكيان الصهيوني عام 1948، بينما اقتلع الشعب العربي الفلسطيني من جذوره، وصار نصفه لاجئًا ومنفيًا، وحتى قريتي التي ولدت فيها لم تسلم من الدمار". وأشار حوامدة إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي هدم منزله أمامه عندما كان طفلا صغيرا "ورأيت كيف أصبحت بيوتنا ركاما وغبارا، وقتها بدأ إحساسي بالظلم يتزايد، وإحساسي بضياع هويتي يكبر، لكن الهوية الفلسطينية بدأت بالتشكل منذ النكبة، كما يقول المفكر الفرنسي جيل دولوز. صار إحساسي بهويتي ولغتي أقوى، صرت أجد التعويض في اللغة، ولذا صار تشبثي بها أقوى وأكثر، يقول الشاعر البرتغالي فرناندو بيسوا "لا يهمني حين يتم احتلال البرتغال كاملة، لكن سأصاب بالذعر لو مُسَّت اللغة البرتغالية، أو وجدت فيها خطأ". وتابع حوامدة: "لماذا الشعر إذن، هل هو تشبث باللغة والهوية، ردًا على الهزيمة والخسارة، والتشتت والشعور بخطر الإمحاء والانقراض، أم من وراء موهبة سماوية مجانية فقط، أم جاء بسبب الشعور الدائم بالنقص في الحياة، النقص في العدل، النقص حتى في القصيدة التي أكتب!". ويتابع في كل إجابة عن السؤال "كنت أجد نقصًا، هذا يعني أنني لا أملك إجابة محددة، ولا شافية، أو ناجعة، وفي كل جواب كنت ألحظ نقصًا خلف الكلمات، وهذا النقص لم يتوفر عندي فقط، وجدته يتجلى حتى في تعريف القدماء من أرسطو إلى هوراس إلى تي. س. إليوت للشعر، وتبدَّى في تعريف النقاد العرب القدامى من قدامة بن جعفر وابن طباطبا حتى القرطاجني، وحتى نقاد اليوم غربيين وشرقيين، ظلوا أسرى هذه الفضيلة، أعني فضيلة النقص، التي أعتبرها الدافع لكل كتابة شعرية ونقدية جديدتين". وقال: "أعرف أنني لم أكتب النص الكامل، لم أكتب القصيدة الكاملة، لم أكتب القصيدة النهائية، فالنص الكامل وهم، والنص النهائي فخ؟ أعرف أن النص الذي أكتبه حتى الآن، والقصيدة التي تجتاحني حتى الآن مريضةٌ بالنقصان، زاهدةٌ في الكمال، متيمةٌ بتمام نقص صاحبها، متأملةٌ الفراغ الذي يعبئ الصدر والروح، متأرجحةٌ بين حنين لن يعود، وأملٍ لن يتحقق، وعدمٍ لم يبلغ كماله في ملحمة الوجود. ما أكتب إذن، وما كتبت من قصائد من "شغب" مروراً بـ"شجري أعلى" و"موتى يجرون السماء"، و"جسد للبحر رداء للقصيدة"، وحتى هذه المجموعة، "سأمضي إلى العدم"، قصائد قد تعبر عن رؤيتي للكون، وهي تنشد أنين المجرات الصاخب، عناءَ الجبال المحكومة بالصبر حيث تقيم، وجعَ الغيوم الشاردة، من قسوة الظلال، لهْوَ الخفي، وترانيم الألم. لمَ لمْ يكتمل الكمال في حلبة النقصان إذا؟ لأن كثيراً من الحضور غياب، وبعض الغياب حضور ساطع، يؤذي البصر قبل البصيرة، ولا تتم الأشياء من دون نقصانها، ولا تبتهج الخسارات باختفاء دوافعها. وهنا أعترف أن الفتنة أشدُّ من الغياب، وأن الغيابَ لعنةٌ تطارد الهديل، وهي تحفر عميقاً في سرداب العتمة، ولذا لا تقوم السماء بغير عمد، وإن قيل أنها لا تحتاج إلى روافع، فهي لا تعاني من وجع الجاذبية، لكن الأشجار المطرودة من حكمة الخضرة، تعرف أن عذاب التراب لا نهاية له، ومرض الروح لا شفاء منه، وأن الكتمان أبلغ آيات الاحتضار". وخلص حوامدة: "من تلك الفيافي الواسعة الأرجاء، ومن تلك السهوب الشاسعة المساحة، ومن تلك النجوم الذاهلة عن مساوئ الظنون، تغادر القصيدة أرض التوقع، وشرفة التأويل، لتسفر عن وجهها الرائي، وعينيها الحالمتين، بعالم أفضل، وحياة تليق بنشوة العصيان".اضافة اعلان