موعد الفلوجة مع وحشية الطائفية الإيرانية

أسامة شحادة

المسلمون عموماً يستعدون لاستقبال شهر رمضان المبارك. بعضهم استعد لذلك بتغيير عاداته لتواكب حقيقة الشهر الكريم، من إقبال على الطاعة وقراءة القرآن والذكر؛ وآخرون ركزوا على توفير مستلزمات ما بعد الإفطار من الطعام والشراب والحلويات؛ وفئة، للأسف، مشغولة بترتيب جدول مشاهدة المسلسلات والفوازير، ونوعية المعسل للسهرات في ليالي رمضان الفضيل!اضافة اعلان
في الأثناء، فإن أهل الفلوجة وأمثالها من مدن العراق والشام واليمن، يستعدون للتهجير أو القتل أو التنكيل بهم أو تدمير بيوتهم من قبل الطائفية الإيرانية ووكلائها المحليين في بلادهم. والعالم كله يشاهد ذلك ويتفرج عليه!
بعض الناس مصدوم من درجة الحقد الطائفي الذي يتكشف كل يوم من وكلاء إيران تجاه جيرانهم وأصدقائهم وأنسبائهم السُنّة في العراق وسورية واليمن. ولعل من آخر الجرائم الطائفية قطع "الحشد الشعبي" رؤوس 17 رجلا من الفلوجة، وتصويرها وعرضها علناً على شاشات الفضائيات!
كما صُدم كثيرون من تصريحات العديد من الشخصيات السياسية والدينية في إيران، أو من وكلائها في العراق وغيره، والتي كانت في غاية العنصرية والتحريض على جميع أهل الفلوجة، بل السُنّة في العراق. وبلغت الوقاحة الطائفية حد التهديد العلني بالاعتداء على السعودية، ونشر هؤلاء الطائفيون صور راجمات الصواريخ والصواريخ التي تقصف الفلوجة وهي تحمل صور واسم الإرهابي نمر النمر في تصرف إرهابي طائفي بغيض.
ولعل ما كان أبلغ في الوقاحة الطائفية، ظهور صور قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني على أطراف الفلوجة لقيادة المعركة. وقد تم تبرير ذلك بأنه جاء بطلب رسمي من الحكومة العراقية!
بعد ذلك، لا أستغرب ما يتناقل من أخبار عن مشاركة مجاميع من المرتزقة الطائفيين من أفغانستان وباكستان واليمن والسعودية مع قوات "الحشد الشعبي" في معركة الفلوجة، خاصة إذا تذكرنا أنه قبل أشهر معدودة اقتحم حدود العراق من جهة إيران نصف مليون إيراني وأفغاني وباكستاني من دون أوراق ثبوتية، بحجة زيارة المراقد الشيعية، وأعلنت وزارة الداخلية العراقية عجزها عن إخراجهم!
إلا أن هذه الطائفية الإيرانية البشعة ليست -من جهة- نهاية الوحشية، وليست طارئة أو جديدة من جهة أخرى، بل تمتلك الطائفية الإيرانية صورا أبشع من ذلك بكثير، تملأ مجلدات كتبها التراثية، وهي تتمنى أن تنفذها قريباً!
الطائفية الإيرانية قامت منذ بداية حربها مع العراق العام 1980، بتوظيف بعض العراقيين على أساس طائفي في محاربة بلدهم العراق، مثل قوات بدر برئاسة هادي العامري. وما يزال العامري وقوات بدر لليوم ينفذان أجندة إيران الطائفية في العراق وسورية.
أيضا، تمكنت إيران منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي من توظيف الأقلية الشيعية في باكستان وأفغانستان كمرتزقة للحرب لصالحها ضد العراق، إذ شكلت لواء "زينبيون" من تنظيمات باكستانية متطرفة، وشكلت لواء "فاطميون" من الأفغان. وهو ما تكرره الطائفية الإيرانية اليوم في سورية، حيث استقدمت أحفاد هؤلاء المرتزقة للدفاع عن نفوذها وجرائم بشار الأسد ضد شعبه.
لكن الفارق بين الحالين أن التجييش الطائفي الإيراني بين الأقليات والتجمعات الشيعية خارج حدودها ضد أوطانها أو لصالح أجندتها الطائفية في دول أخرى، كان يتم قبل ثلاثة عقود بعيداً عن الإعلام، بينما اليوم يتم بشكل علني من قبل إيران لأنه سيفضح من قبل الطرف المقابل، كما حدث في الثورة السورية التي أخرجت مئات المقاطع المصورة لأسرى وقتلى مرتزقة شيعة طائفيين من مختلف الدول لصالح الطائفية الإيرانية!
مفتي العراق الشيخ رافع الرافعي، حذر في لقاءاته على وسائل الإعلام من تكرار جرائم "الحشد الشعبي" بأهل الفلوجة، كما حدث لأهل ديالى من وقت قريب، حيث اختفى 3000 رجل من أهل ديالى بعد أن اقتادهم "الحشد" لأماكن مجهولة، ولا يعرف عنهم شيء حالياً، وهذا ما يتخوف منه أهل الفلوجة، وقد بدأت بوادره بقطع الرؤوس وقتل الرجال وفصلهم عن عائلاتهم.
إن الطائفية الإيرانية تعلمت الكثير من جرائم إسرائيل وسلوكها العدواني، فهما ترتكبان ما شاءتا من جرائم من دون اكتراث من المجتمع الدولي الذي يعجز منذ 60 سنة عن إلزام إسرائيل بكف عدوانها على فلسطين وأهلها، ويعجز اليوم عن إدخال الطعام والشراب لمئات آلاف المحاصرين في مدن سورية من قبل بشار، ويعجز عن إدانة الحوثيين الذين يحاصرون الأبرياء في تعز وأخواتها من مدن اليمن.
وتعلمت الطائفية الإيرانية من إسرائيل ألا تخجل من الدعوة للسلام والتعاون والتنمية وهي تشن الغارات وتطلق الصواريخ وتقتل الأطفال، فالعمل السياسي له مسار لا يتعارض مع العمل العسكري الذي يأتي لحماية الأمن القومي كما تزعم إيران وإسرائيل!
الفلوجة تعاني اليوم كما عانت مدن أخرى في بلاد مختلفة من الطائفية الإيرانية. وقد حان الوقت لوقف هذا العدوان الطائفي من إيران على مدن العرب والمسلمين. كما حان الوقت لأن ينتهي العدوان الإسرائيلي على فلسطين من خلال عمل جاد ومثمر. وكفى انخداعا من قبل بعض الجماعات الإسلامية بأن إيران تدعم الشعب الفلسطيني في وجه إسرائيل، كما كفى انخداعا بأن إسرائيل معنا في وجه إيران، فالحقيقة أنهما حليفان متشاكسان ضدنا، وتشهد سماء سورية على ذلك.