ميناء معان البري.. 15 عاما من وقف التنفيذ - فيديو

1562247140666808500
1562247140666808500

حسين كريشان

معان - رغم ما اعتلى اللوحة الإعلانية لمشروع "ميناء معان البري" من الصدأ، لا سيما وأنه تم نصبها قبل 15 عاما مضت، إلا أنها بقيت صامدة في قلب الصحراء وتقف كشاهد على المرحلة الأولى التي لم تبدأ بعد.اضافة اعلان
وكانت الجهات الحكومية خصصت آنذاك لمشروع الميناء قطعة أرض بمساحة "5000" دونم، وأحاطتها بالأسلاك الشائكة قبل أن تتعرض للعبث والسرقة، فيما تم زراعة جزء منها بمئات الأشجار، التي تعرضت هي الأخرى للموت والجفاف، نتيجة عدم سقايتها بسبب تعطل مضخة مياه البئر المتواجدة في المنطقة منذ فترة طويلة.
ثم تلت ذلك أعوام وبقي المشروع حلما مؤجلا طال انتظاره، ليظل حبيس الأدراج وحبرا على ورق، قيد التصاميم وإجراء دراسات الجدوى اللازمة لإنشائه واستدراج العروض منذ العام 2005، بغية تنفيذه، رغم أن المشروع يعد خيارا استراتيجيا وميزة لوجستية جديدة لـ"منطقة الروضة الصناعية" التي ستؤدي إلى جلب المزيد من الاستثمارات.
وكانت الحكومات المتعاقبة قد أعلنت عن إنشائه في أكثر من مناسبة؛ إذ كانت حكومة الدكتور معروف البخيت في العام 2005 قد طلبت من دائرة الأراضي والمساحة تخصيص قطعة أرض بالقرب من موقع مبنى سكة حديد العقبة ومنطقة معان التنموية لإقامة المشروع، وعلى هذا الأساس تم الإيعاز لإدارة مؤسسة سكة الحديد بعمل دراسة عن الجدوى الاقتصادية والأهداف والغايات من إنشاء هذا المشروع الحيوي والمهم.
وكانت حكومة الدكتور عبدالله النسور، وخلال لقاء مع ممثلي القطاعات الاقتصادية من رؤساء غرف التجارة وجمعيات الأعمال وممثلي القطاعات التنموية الاستثمارية في عمان في بدايات شهر تموز (يوليو) 2015، أعلنت عن إنشاء الميناء في معان ليخدم حركة التجارة والترانزيت.
بيد أن وزير النقل في حكومة الدكتور هاني الملقي، المهندس يحيى الكسبي السابق، أعلن خلال ترؤسه مجلس إدارة سكة حديد العقبة في 17 تموز (يوليو) 2016، أن الحكومة جادة في تنفيذ مشروع الميناء البري في معان، بما ينعكس على الواقع الاقتصادي في المحافظة، خاصة وأن معان تعد نقطة وصل بين ثلاثة أقطار عربية.
وكان آخر قرارات الحكومات بشأن ميناء معان البري، عندما أعلن رئيس الوزراء عمر الرزاز، وخلال زيارته إلى مدينة معان لوضع حجر الأساس لمشروع مستشفى معان العسكري الجديد في 25 تموز (يوليو) 2018، عن موافقة مجلس الوزراء على إنشاء ميناء معان البري الذي سيربط المحافظة بجميع الخطوط التجارية.
ووفق فاعليات شعبية ومهتمين بالشأن التنموي في معان، فإن الأعوام تمضي ولم ير مشروع الميناء البري النور، لتؤجل آمال المواطنين بأن تشهد محافظتهم تغييرا ملموسا لأعوام مقبلة، لإيمانهم بأن المشروع سيسهم في إحداث تنمية حقيقية في المحافظة، بيد أن عدم استقرار القرارات الحكومية في إقامة المشروع حوله إلى مجرد حلم يصعب تحقيقه.
ودعا رئيس مجلس محافظة معان عبدالكريم الجازي، الى ضرورة أن يرى مشروع الميناء البري النور قريبا كونه من المشاريع التي تسهم في دفع الحراك الاقتصادي في المنطقة وإقليم الجنوب بشكل عام، مبينا أن محافظة معان تحتاج إلى مشاريع تسهم في تحقيق تنمية مستدامة تخفف من مشكلتي الفقر والبطالة، وإيجاد فرص أمام الشباب المتعطل عن العمل من أبناء المحافظة.
وبين الجازي أن المشروع في حالة إقامته يعد خيارا استراتيجيا وميزة لوجستية جديدة لمنطقة معان التنموية، والذي سيؤدي الى جذب المزيد من الاستثمارات لمنطقة معان التنموية، فضلا عن خلق أجواء استثمارية في ظل وجود أكبر الشركات الوطنية في المنطقة، وهي مناجم فوسفات الشيدية والشركة الأردنية الهندية للأسمدة وجيفكو للكيماويات.
وانتقد رئيس غرفة تجارة معان عبدالله صلاح، تأخر إنشاء مشروع الميناء البري، الذي طال انتظاره رغم الإعلان عنه منذ فترة طويلة من قبل الحكومات المتعاقبة، بهدف تنمية المحافظة، لافتا إلى أن التحضيرات الأولية كافة لإقامته انتهت من خلال إتمام عملية دراسة الجدوى التي أعدتها مؤسسة سكة حديد العقبة وتخصيص قطعة أرض كبيرة ذات مساحة شاسعة وحفر بئر ارتوازية وتمت زراعتها بالأشجار الحرجية ومحاطة بسياج شائك منذ فترة طويلة، معتبرا أن خطوة إنشائه سيكون لها الدور الأكبر في ازدهار المدينة وتطورها، فضلا عن توفير المئات من فرص العمل، الى جانب إسهامه في تحريك العجلة الاقتصادية وخدمة قطاع النقل، الذي يعد رافدا رئيسا من روافد الاقتصاد الوطني ويعطي المدينة طابعا اقتصاديا واستثماريا لدعم التنمية الشاملة المستدامة في المحافظة.
ويأمل رئيس جمعية النهضة لتنمية الشباب حسان العظم، أن يرى مشروع الميناء البري النور في معان، مؤكدا أنه سيكون دافعا رئيسيا في تنمية المحافظة، في ظل الموقع المتميز الذي تتمتع به المحافظة على مفترق طرق دولية، إضافة لاعتماد الغالبية من أبناء المحافظة على قطاع النقل، ما سيوفر مزيدا من فرص العمل، فضلا عن انعكاساته بإيجابيات كبيرة على إقليم الجنوب بشكل عام.
ورغم محاولات "الغد" العديدة الاتصال مع الجهات المعنية للإجابة عن الاستفسارات والملاحظات حول آخر مراحل وتطورات إنشاء ميناء معان البري، إلا أنها تهربت جميعها ولم تتلق أي رد.
وكان الرئيس التنفيذي السابق لشركة تطوير العقبة، المهندس غسان غانم، أكد في تصريحات صحفية سابقة، أن التصاميم النهائية للميناء البري في معان قاربت على الانتهاء، وتعمل على تنفيذها إحدى الشركات المتخصصة التي أحيل عليها عطاء التصاميم والدراسات الهندسية والجدوى الاقتصادية، حسب المبادئ اللوجستية المعمول بها عالميا للموانئ البرية.
وأشار غانم، خلال ترؤس وزير النقل السابق جميل مجاهد اجتماع مجلس إدارة مؤسسة سكة حديد العقبة في معان يوم 26 تـشرين الثاني (نوفمبر) 2017، بحضور مدير عام سكة الحديد المهندس ياسر كريشان، إلى أن المؤسسة ستكون أحد المحاور الرئيسة في عملية النقل من موانئ العقبة الى ميناء معان البري المنوي إقامته مستقبلا عبر أسطولها، الذي توقف عن نقل الفوسفات حاليا، والتي سيكون لها الأثر الأكبر في عملية نقل المواد والسلع والبضائع من ميناء العقبة إلى ميناء معان البري.
وقال "إن ميناء معان البري سيكون عبارة عن قرية متكاملة، تمثل عصب منظومة النقل في الأردن بشكل عام والجنوب بشكل خاص"، مشيرا إلى أنه ولضخامة هذا المشروع وتعدد وظائفه ما تزال هناك دراسات اقتصادية وفنية وتشريعية.
وأضاف أن المرحلة الثانية من الميناء البري، هي أعمال البنية التحتية والساحات والأبنية وبعض الخدمات اللوجستية، وسيتم طرح هذه المراحل حسب الأولويات ليواكب الميناء المشاريع المستقبلية في منطقة العقبة الاقتصادية والتي ستشهد العديد من المشاريع كالخزانات النفطية وصوامع الحبوب وغيرها من المشاريع.
وكانت مؤسسة سكة حديد العقبة قد سلمت وزارة النقل في العام 2006 دراسة لإنشاء ميناء بري في معان والذي تعتزم الحكومة إنشاءه لنقل الحاويات من وإلى العقبة بواسطة قطارات المؤسسة ولتخفيف ضغط الشاحنات على ميناء العقبة نظرا لتزايد حركة نقل الحاويات، وفق مصادر رسمية في المؤسسة.
وأوصت الدراسة التي تمت بالتعاون مع خبير من الاتحاد الدولي للسكك الحديدية بضرورة التحرك في عملية إنشاء المشروع من خلال البحث في شراكة استراتيجية مع شريك متخصص يتمتع بالقدرة المالية والخبرة، إضافة لبحث دخول مؤسسة الموانئ ووكلاء الشحن والخطوط الملاحية الدولية كشركاء محتملين في المشروع.
وبينت الدراسة أن المشروع سيكون مكانا لتحميل وتفريغ الحاويات على متن الشاحنات بهدف تخفيف الضغط على ميناء الحاويات نظرا لتزايد حركة نقل الحاويات، مشيرة الى أن الأرض التي سيقام عليها الميناء مملوكة للمؤسسة.
واعتبرت الدراسة أن الميناء البري مجد من ناحية اقتصادية، إضافة الى الاستثمارات المطلوبة لهذا العمل، وهي شراء قاطرات وشاحنات متخصصة بنقل الحاويات على السكك الحديدية وإنشاء ساحات للتخزين والمباني الإدارية ومحطة فرعية للقطارات وشراء آليات المناولة وبناء المستودعات للتخزين في مدينة معان وإيصال خطوط سكة الحديد الى ميناء الحاويات في العقبة.

;feature=youtu.be