ناد صيفي يكشف عن جوانب إبداعية لدى الأطفال "السكريين"

Untitled-1
Untitled-1

منى أبو حمور

عمان - "أنا أحلى عدي بالعالم وأصحابي كمان.. إحنا بنحب السكر بس مش قد حبنا للحياة".. بثقة عالية وفرح، عبر الطفل مريض السكري عدي الحياري (11 عاما) عن حبه الكبير للنادي الصيفي الذي اشترك به وأمنياته بأن يستمر طوال العام، مبينا أنه يقضي فيه أجمل الأوقات.اضافة اعلان
يقول "قبل الذهاب للنادي الصيفي كنت أفكر حالي أنا الوحيد المصاب بالسكري"، إلا أن مشاركته جعلته يعلم أن هناك الكثير من الأطفال مثله، الأمر الذي سهل عليه تقبل إصابته بالمرض وكيفية التعامل معه.
لا تقتصر متعة النادي الصيفي، بحسب الحياري، على أنشطة السباحة، الرسم وكرة القدم التي تسهل عليهم كأطفال فكرة تعايشهم مع السكري، إنما أصبح هناك تحد كبير بين الأطفال للحصول على لقب "بطل السكري".
"بطل السكري"، حاز عليه الحياري مرات عدة بعد تحقيقه قراءة متدنية للسكري، مقارنة بأقرانه، كما استفاد من تجارب أصدقائه في التعامل مع مرضهم وتعلم منهم طرق وأساليب ناجحة في السيطرة على الأنسولين وتقدير الكميات والأنواع التي يجب أن يتناولها.
بالبداية كان الحياري طفلا انطوائيا بسبب موعد أخذ الإبرة، ولكن بعد اندماجه مع أقرانه في المخيم أصبح الموضوع أسهل عليه، وأصبح أكثر قدرة على التعايش مع مستوى ارتفاع ونزول السكر، مؤكدا أن الجمعية ساعدته على امتلاك الجرأة والثقة للحديث عن نفسه وتجربته مع المرض.
كما تشارك ريماس مصباح (8 أعوام) وأختاها لانا مصباح (13 عاما) وندى مصباح (10 أعوام) في النادي الصيفي، يختبرن الفرح ويقضين أجمل الأوقات بأجواء إيجابية، لاسيما عندما يرين أطفالا سكريين غيرهن.
تنمي المشاركة في النادي الصيفي، وفق ريماس، روح المنافسة الإيجابية بين السكريين، ويسألون بعضهم بعضا من فحوصاته أفضل في نتائج تراكمي السكري وقراءات مستوى السكر في الدم.
تمكنت ريماس، من خلال الورشات التدريبية والمحاضرات التي تلقتها في النادي الصيفي، من اعتماد نظام الحصص في السيطرة على نظامها الغذائي، فضلا عن الألعاب الفردية والمسابقات التي تعتمد أسلوب التوعية والتثقيف.
تقول "صادف عيد ميلادي في المخيم وكانت مفاجأة كبيرة الاحتفال بي وشعرت بفرحة"، لافتة إلى أنها تملك دافعا قويا الآن، وأصبحت تعتمد على ذاتها وأصبح والداها مطمئنين عليها وتعرف جيدا كيف تتصرف في حال حدوث أي طارئ. كما شاركت ريماس بمخيم الأمل، وكان علامة فارقة في حياتها اليومية، مفتخرة هي وأختاها بأنهن سكريات.
تعزيز الثقة بالنفس وتنمية قدرات أطفال السكري، أهم أولويات النادي الصيفي لطفل السكري الذي تقيمه الجمعية الأردنية للعناية بالسكري، وفق المديرة لانا الأدهم، مبينة أهمية الأنشطة التي يتم عقدها في صقل شخصية الطفل وتطوير قدراته الفردية.
ولا تختلف الأنشطة الصيفية التي تعقدها الجمعية عن غيرها من النوادي الصيفية؛ إذ تكشف الجوانب الإبداعية للأطفال والمواهب التي لا يعلم عنها ذوو الأطفال، بحسب الأدهم؛ مثل ورشات الرسم والأنشطة الرياضية والمحاضرات التثقيفية والتوعوية للأطفال السكريين حول كيفية التعامل مع الأنشطة الرياضية بدون إلحاق الضرر بأنفسهم.
"طفل السكري لا يختلف عن باقي الأطفال ولكن لديه خصوصية عند بذل مجهود بدني"، وهو ما يقوم به المدربون في النادي الصيفي للجمعية لرفع وعي الطفل مريض السكري عند بذل مجهود بدني لطبيعة مرضه.
وتجاوز الأطفال السكريون خلال النادي الصيفي عقدة الإبلاغ عن إصابتهم بمرض السكري لمدربيهم في النوادي الرياضية، وفق الأدهم؛ إذ كان يعتقد بعضهم أنها قد تؤثر على المنافسة، مشددة على ضرورة معرفة مدرب كرة القدم والسباحة بإصابة الطفل بالسكري قبل البدء باللعب، لأخذ الاحتياطات اللازمة.
وتتضمن الفعاليات والنشاطات التي يقيمها النادي الصيفي، وفق الأدهم، نشاطات فنية، محاضرات توعوية وتثقيفية حول الغذاء الصحي لطفل السكري، تمكنه من إعداد وجبته وحساب كمية الكربوهيدرات بما يتناسب مع كمية الأنسولين.
وتقول الأدهم "أصبح طفل السكري أفضل من أخصائيي التغذية، فهو قادر على تحديد كمية ونوعية الطعام وحده، مستقل بنفسه وله كيانه الخاص، يعلم ما يحتاجه جسمه وأكثر قدرة على تقدير وضعه الاجتماعي".
ومن جهة أخرى، تلفت الأدهم إلى الأثر الإيجابي الكبير للمخيمات الصيفية التي تشارك بها الجمعية ودورها في تكوين شخصية طفل السكري وتطويرها؛ حيث يعيش خلالها تجربة الانفصال عن أهله وتعزز ثقته بنفسه، ويعيش الاستقلالية، لكن تحت إشراف القائمين.
ويكتسب طفل السكري، خلال مشاركته، ثقافة سكرية، اجتماعية، وفق الأدهم، التي تلفت إلى أن السفر بحد ذاته خبرة مميزة لطفل السكري.
ويشارك أطفال السكري منذ أعوام في المخيم الصيفي (بسمة)، الذي يقام في دولة الإمارت العربية و(الأمل) في دولة قطر، بالإضافة إلى المخيم الذي تقيمه الجمعية بشكل دوري، حيث ينهل السكريون فيه خبرات ومعارف لا تنسى.
ويشارك الأطفال الآن تجربة الإصابة مع الآخرين، ويعزز ذلك ثقتهم بالنفس، وينمي أسلوب الخطابة لديهم، كما قاموا بتنفيذ رسومات وأشغال يدوية، إضافة لحضور محاضرات تثقيفية حول المرض وسبل علاجه والوقاية من اختلاطاته.
كما ينظم المركز، باستمرار، فعاليات في العطلات بهدف إيصال معلومات للأطفال المصابين بالسكري كطرق أخذ الأنسولين وأماكن الحقن المناسبة وسبل تفادي هبوط السكري بوسائل محببة لهم كالرسم والمسرح والأشغال اليدوية.
إلى ذلك، فإن النشاطات تأتي في إطار دعم الجوانب النفسية للأطفال المصابين بالسكري، ومحاولة التعايش مع هذا المرض المزمن الذي يتطلب منهم أخذ حقن باستمرار وتقييد حريتهم في تناول الطعام وبالتالي يؤثر على حالتهم النفسية.