نار انتقائية

Untitled-1
Untitled-1

هآرتس

عميرة هاس

اضافة اعلان

في يوم الاربعاء الماضي، اليوم الأول لعيد الفطر، اشتعلت النار في حقول الزيتون وفي أراضي عدد من عائلات قرية جالوت في شمال شرق رام الله. النار اشتعلت في الصباح واستمرت حتى الظهر. سكان القرية حاولوا في البداية اطفاء النيران بأيديهم لأن الاطفائية الفلسطينية توجد في نابلس وسيارات الاطفاء كانت مشغولة باخماد حريق آخر. أحد السيارات جاءت قبل الظهر والثانية بعد الظهر، ولكن بدون وجود طريق للوصول إلى الحقول فان القدرة على المساعدة كانت محدودة اصلا.
قبل بضع دقائق من اشتعال النار مر تسعة ملثمين قرب المدرسة في القرية وقاموا برشق الحجارة على شباب جلسوا في الساحة. الشباب هربوا من بوابة خلفية. في الوقت الذي قام فيه خمسة من الملثمين بدخول البوابة الرئيسية. كاميرا الحماية في المدرسة وثقت صورهم المقرفة. جميعهم يرتدون ملابس غامقة باستثناء واحد كان يرتدي قميصا ابيض مع اهداب تنزل منه. الشباب من القرية جلسوا على الدرج في الساحة وكانوا يأكلون ويتحدثون، الى أن اندفع المجهولون الى الساحة.
بعد مرور يومين كان يمكن رؤية لوح من الزجاج مكسورا في غرفة الحارس في المدرسة، بالضبط في المنطقة التي شوهد فيها الملثمون وهم يقتربون من المبنى. ليس من السهل كسر الزجاج من خلال رشق الحجارة من بعيد، قضبان من الحديد تغطي نوافذ المدرسة والممر على طول الصفوف في الطابق السفلي، لأن هذه ليست المرة الاولى التي يقوم فيها مجهولون برشق الحجارة على المدرسة، ايضا حين وجود الطلاب في الصفوف.
الافلام تظهر كيف أنه في 10:20:16 ركض شاب مكشوف الوجه في الساحة. وفي المقابل ظهر عدد من الملثمين من بين الأشجار التي توجد في الجهة الجنوبية للمدرسة. الساعة 10:20:57 قام مجهول برشق حجر للداخل بحركة يد قوية – لم يكن حذرا، فقد كان يمكنه أن يصيب أحد اصدقائه. الساعة 10:21 ركض الملثمون الى الخارج وانضموا لاصدقائهم. أحدهم أعطى الآخر شيئا ما. عندها اختفوا في شرق حقل رؤية الكاميرا. عادوا اليه وركضوا. الساعة 10:22:13 عاد الاخير الى مجال الرؤية وانضم لاصدقائه الذين اختفوا بين الاشجار. بعد ذلك في الساعة 10:23:34 الكاميرا التقطت دخانا يتصاعد ويتكاثف مع ظل الشارع. كاميرا اخرى التقطت الموجود في شرق المدرسة: حقل قفر وخلفه بستان لم تصبه النار. كاميرا ثالثة التقطت سكان القرية الذين بدأوا يركضون نحو الحريق. يوم الجمعة سبق لنا ورأينا الحقل القفر وهو محروق. "النار هنا كان من السهل اطفاؤها"، قال محمود وهو احد ابناء فوزي حاج محمد الذي تضررت كرومه بشكل كبير في الحريق.
في نفس الساعة في صباح يوم العيد جلس ابناء عائلة الحاج محمد في المنزل وانتظروا الضيوف. هم يعيشون في بيت فاخر اقيم في العهد العثماني، اقواس وقباب واسقف مرتفعة وجدران سميكة من الحجارة. قبل الساعة 10:30 شخص ما اتصل معهم واخبرهم عن الشباب الذين هربوا من الملثمين المجهولين. محمود اتصل على الفور مع عائلة أحد الاولاد الذين هربوا من اجل الاطمئنان عليه. الواحد قال باستغراب "ماذا؟ ألا تعرفون؟ النار اشتعلت هناك". الجميع استنتجوا أن الملثمين هم مستوطنون وأنهم هم الذين اشعلوا النار.
الاخوة الخمسة ركضوا وراء اللهب الذي اندلع في الحقل القفر وامتد إلى الجنوب، إلى سفح تلة صخرية في غرب الشارع والى حقل اشجار الزيتون الذي يمتد إلى الاسفل. عشرات سكان القرية قاموا بكسر اغصان من الاشجار لاستخدامها في اطفاء الحريق. هكذا اطفأنا النار، قال أحد الاخوة. وحسب سكان قرية جالوت فان سيارات الاطفاء الاسرائيلية التي كانت توجد قريبة من المكان بدأت في اطفاء الحريق قبل وقت قليل قبل الساعة الثانية عشرة عندما اقتربت النار من قطعة الارض المجاورة المزروعة بأشجار لمستوطنة شفوت رحيل.
في هذه الاثناء من التقارير الأولية في وسائل الإعلام الإسرائيلية كان يمكن الاستنتاج بأن الفلسطينيين هم الذين اشعلوا النار في حقول شفوت رحيل وأخواتها. شفوت رحيل التي تقع في جنوب غرب جالوت اقيمت في 1991 كبؤرة استيطانية غير قانونية، تم تبييضها الآن. المستوطنة القريبة منها اقيمت في العام 1997 على تلة تقع جنوب شرق القرية وهي الآن في طور التبييض المسرع. وهما مقامتان على اراضي فلسطينية اعلنتها اسرائيل كأراضي دولة في الثمانينيات. وقربهما توجد قطع اراضي اسرائيل لم تنجح في تعريفها كأراضي دولة لأن فلاحتها من قبل الفلسطينيين كانت بارزة جدا.
في الوقت الذي كانوا فيه يكافحون النار لاحظ سكان جالوت ايضا طائرة بدون طيار وهي تحلق فوقهم. هم لا يعرفون اذا كانت تابعة للجيش أو للمستوطنين. في الساعة 14:30 تجددت النار وهذه المرة في شرقي السهل. مرة اخرى سكان القرية كافحوا النار بأيديهم. الأخ محمد ايضا احترق ظهره من النار. النار خرجت من الحقل وصعدت بين الصخور والاشجار المتفرقة نحو المستوطنة المجاورة. فقط حينها، قال ابناء عائلة الحاج محمد، تم ارسال مروحيتين اسرائيليتين من اجل اطفاء الحريق واخماده. اضافة الى عدد من سيارات الاطفاء.
اساف ابراش، المتحدث بلسان الاطفائية والانقاذ في اسرائيل في لواء يهودا والسامرة، كتب للصحيفة بأن "الجهاز لا يفحص ملكية المنطقة التي يقوم باطفاء النار فيها، ونحن نتعاون مع الاطفائية الفلسطينية" (بالمناسبة، في موقع خدمات الاطفاء في لواء يهودا والسامرة كتب بأنه يخدم 450 ألف شخص، وهذا عدد اليهود في المستوطنات).
تقرير أولي عن النار وصل في الساعة 10:37. طواقم الاطفاء الاولى خرجت في الساعة 11:02 وباقي القوة حتى الساعة 11:15.
درور ايتكاس الباحث في شؤون الاستيطان تجول في المكان يوم الخميس وهو يقدر بأن 90 في المئة من الاشجار المتضررة هي في الحقول الفلسطينية. النار كانت بعيدة عن كروم الزيتون الكبيرة لمستوطنة أحيا التي تقع في جنوب غرب القرية.