نتائج مسح الاستثمار الأجنبي (2020-2019)

سلامة الدرعاوي لا أحد منا يُنكر الدور المحوري المهم للبيانات عند الحديث عن قضية ما أو موضوع معين، سواء من حيث التشخيص، أو الدراسة، أو التخطيط، إذ تُعد البيانات ركيزة أساسية يتم الاستناد إليها عند اتخاذ القرارات، ومادة خاما لعملية المساءلة عن الإنجاز، فكيف يكون الحال عند الحديث عن بيانات تتعلق بموضوع في غاية الأهمية للاقتصاد الوطني ألا وهو الاستثمار الأجنبي. تقرير مسح الاستثمار الأجنبي للأعوام (2020-2019)، الذي نشره البنك المركزي الأردني في شهر أيلول من العام الماضي أثرى، بكل ما للكلمة من معنى، قاعدة بيانات الاستثمار الأجنبي بما قدمه من بيانات تفصيلية، العديد منها يرد لأول مرة في تاريخ المملكة. إذ يكشف هذا التقرير العديد من الحقائق المهمة والمثيرة حول الاستثمار الأجنبي في المملكة التي لا ينبغي لأصحاب القرار والمهتمين المرور عليها مرور الكرام. التقرير يكشف أن الرصيد المُتراكم للاستثمار الأجنبي داخل المملكة بلغ 34.7 مليار دينار في عام 2020، شكل منه الاستثمار الأجنبي المُباشر حوالي 19.8 مليار دينار، حيث ارتفع صافي معاملات الاستثمار الأجنبي المُباشر بقيمة 941 مليون دينار خلال عام 2020 بالمقارنة مع عام 2019. ويأتي هذا الارتفاع في الوقت الذي كان الجميع يتحدث فيه عن توقف أو تراجع الاستثمار الأجنبي المُباشر إلى المملكة خلال عام 2020 بسبب جائحة كورونا وحالة عدم اليقين التي رافقتها، دون أن يدعم هذا الحديث بحقائق ملموسة. التقرير يكشف أيضًا عن حجم المبالغة في بعض التصريحات حول حجم الاستثمارات الأجنبية المُباشرة من قبل عدد من الدول في الأردن. فعلى سبيل المثال، بينت النتائج أن رصيد الاستثمارات المُباشرة من دول مجلس التعاون الخليجي جاء في المرتبة الأولى برصيد بلغ حوالي 7.4 مليار دينار، فيما جاءت دول الاتحاد الأوروبي في المرتبة الثانية برصيد بلغ 5 مليارات دينار، ثم الدول الآسيوية غير العربية برصيد 2.9 مليار دينار. التقرير أظهر أيضاً أن “أنشطة المالية والتأمين” كانت الأكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة في المملكة، حيث استحوذت على نحو ربع رصيد هذا الاستثمار، في حين استحوذ قطاع “الصناعات التحويلية” على ما نسبته 15.9 % من هذه الاستثمارات، تلاه قطاع “التعدين واستغلال المحاجر” بنسبة 10.3 %. هذا ويحتوي التقرير، الذي يمكن الرجوع إليه عبر الموقع الإلكتروني الرسمي للبنك المركزي، بيانات مفصلة أخرى في غاية الأهمية حول الاستثمار الأجنبي، من حيث الاستثمار المُباشر، واستثمارات الحافظة والاستثمارات الأخرى، وتحليلاً مفصلاً لاستثمارات المُقيمين في الأردن خارج المملكة، والتي قد يطول الحديث عن نتائجها، وهي في جلها معلومات في غاية الأهمية عند الحديث عن مناخ وبيئة الاستثمار في المملكة. خلاصة القول، أن نتائج هذا المسح تُعد منجماً من الذهب بما توفره من بيانات ومعلومات حول وضع الاستثمار الأجنبي في المملكة، فلا مجال بعد الآن للاجتهاد عند الحديث عن وضع الاستثمار الأجنبي في المملكة بعد البيانات التي وفرها هذا المسح. كما أن مخرجات هذا المسح تُعد أداة تقييمية مهمة في أيدينا للجهود المبذولة في استقطاب الاستثمار الأجنبي، لا سيما مع بدء العمل على تنفيذ محاور رؤية التحديث الاقتصادي، والتي يُعد استقطاب الاستثمار الأجنبي ركنا أساسيا فيها، وهنا تظهر لنا أهمية الحاجة لاستمرار تحديث بيانات الاستثمار الأجنبي من خلال تنفيذ المسح بشكل دوري ومستمر. المقال السابق للكاتب  حقائق مهمة عن نتائج الشركاتاضافة اعلان