نتحدث من أجل أن ينتهي العار

هآرتس

 *حجاي إلعاد

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سئل في وقت سابق من الاسبوع الماضي، من قبل محرر صحيفة الدعاية المشهورة في البلاد، سؤال استخذائي في مؤتمر صحفي. الدعاية الخفية ظهرت في السؤال: الاشارة، ولن نقول الأقوال الصريحة، بأن نشاط "بيتسيلم" هو "لا سامي". نتنياهو لم يرفض ما تم طرحه أمامه، واضاف تعريفا من قبله لبيتسيلم "عار".اضافة اعلان
هذا على العكس تماما، يا نتنياهو، ما هو العار؟
العار هو أنه خلال مظاهرات الاشهر الاخيرة قتل القناصون الإسرائيليون ثلاثة اطفال ابناء 11 عاما في قطاع غزة. ناصر مصبح، ياسر أبو الهيجا ومجدي السطري، وهم ثلاثة من بين 31 قاصرا قتلهم الجيش في هذه المظاهرات. أيضا عناصر إسعاف وصحفيون قتلوا، وأصبنا بالنار الحية أكثر من 5300 شخص. عدد منهم سيظلون معاقين طوال حياتهم. العار هو أنه إزاء هذه الصدمة، وزيران في "الكابينيت" يتجادلان: الأول يتفاخر بعدد المصابين الفلسطينيين الكبير، والثاني يطالب بالمزيد من الدماء.
العار هو أن النقاش المخيف بين اثنين من كبار أعضاء المجموعة الضيقة لمتخذي القرارات في إسرائيل، يخلص إلى أن قرار قتل الأطفال أمر مقبول ولا يستوجب الشجب، ويتم تغطيته في وسائل الاعلام كأمر عادي. تقريبا لا يهم ما هو مستوى العنف الذي يحرض عليه المتحدث، طالما أن الامر يتعلق بيهودي يطالب بالمزيد من الموت للفلسطينيين، المزيد من خطوات العقاب الجماعي، المزيد من التسامي والعدائية، أقواله لن يتم في أي يوم وضعها في إطار "التحريض".
العار هو القبول بأفعال مستوطني عنيفون، المليشيات الفعلية لنظام الاحتلال في الضفة، الذين يمارسون كل أنواع القهر والعنف تجاه الفلسطينيين وممتلكاتهم، في الوقت الذي يشاهد فيه الجنود هذا العنف ولا يفعلون شيئا لمنعهم، باستثناء حماية المهاجمين أو حتى الانضمام اليهم.
العار يمكننا أيضا إطلاقه على نظام التخطيط في الضفة الغربية، نظام بيروقراطي كل هدفه هو تمهيد الطريق للسيطرة على المزيد من الأراضي وبناء المزيد من المستوطنات. وليذهب الفلسطينيون إلى الجحيم. كم من الوقاحة وقسوة القلب نحتاج كي نكون جزءا من هذا الجهاز، من أحجار الأساس لمشروع السلب والإفقار؟.
العار هو أنه بعد هذا العدد الكبير من القتلى الفلسطينيين وتحقيقات الشرطة العسكرية التي لم تفتح أو فشلت أو تم إغلاقها، كل أم فلسطينية تعرف، بيقين مطلق تقريبا، أنه إذا، لا سمح الله، قتل ابنها برصاصة إسرائيلية، وحتى لو كان كل شيء موثقا بالفيديو، وحتى لو كان الشهود والبينات حاضرة  فإن أحدا لن يحاكم على ذلك.
العار هو أننا نرسل جنودنا من أجل اقتحام بيوت الفلسطينيين في منتصف الليل من اجل أن يوقظوا بأدب كل سكان البيت وتجميعهم من الصغير حتى الكبير في الصالون أو غرفة النوم، وحينها كتابة أسمائهم في قائمة وتصويرهم.
العار هو أن كل عائلة فلسطينية تعرف أنه ربما في هذه الليلة سيأتي الجنود المؤدبون وربما لا يأتون.
العار هو أن الفلسطيني لا يمكنه أن يعرف هل يستطيع أن يسافر إلى الخارج أو أن يحصل على العلاج أو أن يفلح أرضه أو أن يصل إلى عمله في الوقت المناسب. كل ما يعرفه هو أن كل ذلك أمور لا تتعلق به على الإطلاق، بل فقط بقرار إسرائيلي اعتباطي ليس لديه أي وسيلة للتأثير عليه.
العار هو أن كتائب من القانونيين الإسرائيليين – في النيابة العسكرية والنيابة العامة والمدعين العامين والمستشارين القانونيين والقضاة العسكريين والقضاة من المحكمة العليا – يصبون منذ خمسين سنة وأكثر الزيت على عجلات هذه الآلة المرعبة. بواسطة شكلية قانونية رسمية، ومن خلال تجاهل مريح للوقائع والسياق، هم يضعون مكانتهم القانونية في خدمة تسويغ وتحليل كل ظلم: هدم إداري وهدم عقابي واعتقالات مطولة بدون محاكمة واعتقال- تقريبا - مليوني شخص في قطاع غزة، وإطلاق النار على متظاهرين فلسطينيين غير مسلحين وسيطرة على أراض فلسطينية بشتى التقنيات وما شابه. من أجل تسويغ كل ذلك اخترع المحامون لغة قانونية خاصة بهم، تستند إلى تفسير قانوني مرفوض، تم تبنيه بعد ذلك في الأحكام، وتم تثبيتها كـ "قانون"!.
يا نتنياهو، كل ما ذكر أعلاه هو معروف وموثق. وكذلك واضح جدا إلى أن يؤدي ذلك. هذا الواقع رغم علاقات القوة غير المتساوية والقوة الإسرائيلية البارزة، هو واقع خطير وعنيف في أساسه وغير أخلاقي. توثيق هذا الواضع، كشفه، إدانته والمطالبة بتغييره، ليس، فقط، أمرا أخلاقيا، بل هو يعتبر حفاظا على النفس. من العار مواصلة قمع الفلسطينيين وقتلهم، ومن العار قيادة الإسرائيليين قدما في هذا المنزلق.