نتنياهو يطور الفساد حوله ولبيد يكسب

هآرتس

سامي بيرتس  31/1/2018

مديرة صغيرة حدثتني مرة بأنها مضغوطة جدا في العمل، اقترحت عليها احاطة نفسها بأشخاص مضغوطين أكثر، وهكذا فان الضغط سينتقل اليهم وسيمكنها من ان تخرج من نفسها جانب هادئ ومهدئ. احيانا يبدو أن هذه هي استراتيجية رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فهو محاط باشخاص أو أفكار فاسدة، وهذ يمكنه من أن يبدو الشخص الأكثر مسؤولية واتزانا وعقلانية في المنطقة. هذا هو مصدر قوته، هذا هو تفسير أن مكانته في الاستطلاعات لم تتضرر رغم كل القضايا. عمليا، في كل الساحات التي عمل فيها يمكن ايجاد عدد من الأشخاص لهم تصرفات وافكار غريبة، يساعدونه.اضافة اعلان
عندما يدور الحديث عن مكتبه، ورغم الفضائح الكثيرة، بما فيها التسجيلات الاخيرة التي عرضت زوجته كامرأة غير متزنة وإبنه يئير كشاب له عادات يشوبها الخلل، فان نتنياهو دائما يظهر في نهاية المطاف ويتذمر من حملة الملاحقة ضده ومن الاستحواذ غير المكبوح لوسائل الاعلام في التعرض لعائلته. وهذا ينجح. هو ينجح في الخروج كضحية في كل قضية ثارت بين الزيارة إلى الهند والمشاركة في دافوس والوصول إلى موسكو. احداث كهذه تثير فقط في اوساط مؤيديه الشعور بالتعاطف معه بسبب "ما يصنعونه له".
هذا حدث ايضا في الساحة السياسية. عندما طرح شركاءه في الائتلاف أفكار مثل تبادل الاراضي في وادي عارة أو عقوبة الاعدام للمخربين (افيغدور ليبرمان)، فانه يسمح لهذا الحديث أن يجري ولا يقوم بايقافه، وهكذا يمكنه أن يبدو كشخص بالغ ومسؤول. إن ليبرمان هو الذي اصيب بالجنون. ايضا عندما يقترح البيت اليهودي ضم الكتل الاستيطانية في يهودا والسامرة فان نتنياهو يكون مسرورا. فمن المريح له أن هذه الافكار توجد في الاجواء، فقط من اجل الظهور في المعركة القادمة وصدها، ومرة اخرى يخرج كشخص متزن ومسؤول. هكذا حدث ايضا حول قانون التوصيات الذي حيك على مقاسه واشغل الجمهور الاسرائيلي لاشهر كثيرة. وفي نهاية المطاف قال نتنياهو إنه يطالب بعدم سريان القانون عليه.
هذه خدعة من الخدع التي تميز رئيس الحكومة: السماح للمشكلات بأن تتضخم وأن يخلق ساحة مواجهة وبعد أن يبدد العالم قوته في النقاش حولها، يأتي ويقوم باخراج الهواء منها، ويخرج متزن ومسؤول. من الواضح ايضا أنه مسرور من عروض الرعب لاعضاء كنيست من المقاعد الخلفية، الذين ربما يسيئون لسمعة الليكود، لكنهم يقدمون له المرة تلو الاخرى فرصة الظهور كرجل موثوق وينجح بطريقة ما في السيطرة على هؤلاء المشاغبين.
في ساحة الدولة، تلقى نتنياهو هدية من السماء، وهي انتخاب دونالد ترامب للرئاسة. لقد أزالت عن ظهره براك اوباما العقلاني وأدخلت الى اللعبة لاعب مختلف تماما. إعلان القدس لترامب ادخل الفلسطينيين إلى دوامة سياسية وأثار لديهم ردود حادة تساعد نتنياهو في الادعاء بأنهم "هم الرفضيون، وليس أنا". وعندما قرر ترامب تقليص المساعدات للاونروا، مرة اخرى يظهر نتنياهو الشخص العقلاني، الذي من جهة يؤيد ذلك من اجل الحصول على مكاسب سياسية، ولكن من خلف الكواليس يعارض لأنه يعرف أن تفاقم الضائقة الاقتصادية في قطاع غزة سيؤدي إلى أزمة إنسانية ستدفع دولة إسرائيل ثمنها.
هناك فقط مشكلة واحدة مع هذه الاستراتيجية. فهي تخلق حركة مضادة لمن يمقت هذا الدوران، باتجاه يئير لبيد. لبيد هو الرابح الاساسي من هذه العملية لأنه يعتبر الممثل لتعقل ما، اجزاء كبيرة من الجمهور الإسرائيلي يتوقون اليه. مكانة لبيد في الاستطلاعات تتحسن وهي مبنية فعليا من التشريع المجنون للائتلاف الحالي، التي تسعى بصورة استحواذية الى خصي حراس العتبة باسم "الحاكمية". الآن هذا لا يأتي على حساب نتنياهو.