نجاحات المسيرات التركية لن تغير مسار الحرب في أوكرانيا

نيكولاس مورغان - (أحوال تركية) 3/3/2022 حققت الطائرات العسكرية التركية دون طيار التي تديرها القوات المسلحة الأوكرانية بعض الانتصارات الرائعة على الجيش الروسي في الأيام الأولى لاندلاع الحرب. ومع تعرض كييف والمدن الأوكرانية الأخرى لنيران الضربات الجوية الروسية، تعمل الطائرات دون طيار لإبطاء تقدمها قدر الإمكان. في الأسبوع الماضي نشرت السفارة الأوكرانية في تركيا، يوم السبت، مقطع فيديو أظهر ما قالت أنه جاء في أعقاب غارة بطائرة مسيرة على قافلة عسكرية روسية بالقرب من خيرسون حيث دخلت القوات من شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا. وتُظهر اللقطات مجموعة من المركبات المحترقة مع حطام متناثر بعد تعرضها لإطلاق النار من طائرات من دون طيار تركية الصنع من طراز "بيرقدار تي بي-2" تستخدمها القوات الجوية الأوكرانية. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، نشرت وزارة الدفاع الأوكرانية مقطع فيديو ثانيًا قال إن مسيرات "بيرقدار تي بي-2" أطلقت النار على المظليين الروس بالقرب من مطار هوستومول، وهو مطار شحن مهم بالقرب من كييف. وقال سلاح الجو الأوكراني أنه تم استخدام مسيرات "بيرقدار تي بي-2" لتدمير قطار وقود كامل كان يحاول إعادة إمداد القوات الروسية العاملة في الميدان. كان استخدام أوكرانيا لسلاح "بيرقدار تي بي-2" مصدر فخر لقواتها المسلحة، ولكنه كان أيضًا مثالًا على العلاقات الدفاعية القوية التي تحدد علاقتها مع تركيا. حصلت أوكرانيا لأول مرة على دفعة أولية من ست طائرات من دون طيار من طراز "بيرقدار تي بي-2" مقابل 69 مليون دولار في العام 2019. وقد أُبرمت هذه الصفقة في عهد الرئيس آنذاك، بترو بوروشينكو، لكن إدارة الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي اشترت المزيد منها لأسطول ما قبل الحرب والتي وصلت قرابة 20 مسيرة للقوات البحرية والجوية الأوكرانية. أصبحت طائرات "بيرقدار تي بي-2" رمزًا لقوة تركيا كقوة حاسمة بعد قلب مجرى الحرب في ليبيا ونيابة عن أذربيجان في ناغورنو كاراباخ في العام 2020. كما أعاقت "بيرقدار تي بي-2" التي تديرها تركيا هجومًا سورياً مدعومًا من روسيا في إدلب التي تحتلها المعارضة بعد غارة جوية روسية مزعومة أدت إلى مقتل 34 جنديًا تركيًا. في كل من هذه المسارح، تغلبت "بيرقدار تي بي-2" على المعدات التي تعود إلى الحقبة السوفياتية التي يديرها حلفاء روسيا ويديرها أفراد أقل تدريبًا. ومع هذه النجاحات الأولية في الخدمة الأوكرانية، حققت "بيرقدار تي بي-2" العديد من الانتصارات ضد قوة عسكرية حديثة ذات قدرات متطورة مضادة للطائرات وفي الحرب الإلكترونية. كانت روسيا شديدة في إدانتها بيع تركيا طائرات قتالية من دون طيار للجيش الأوكراني. ففي نيسان (أبريل) 2021، حذر وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، أنقرة بوقف إمداد كييف بالأسلحة وتشجيع "المشاعر العسكرية". وفي وقت لاحق من ذلك العام، نشرت أوكرانيا طائرات "بيرقدار تي بي-2" لأول مرة في القتال من خلال تدمير قطعة مدفعية للانفصاليين في 26 تشرين الأول (أكتوبر). ومرة أخرى، انتقدت روسيا تركيا على "زعزعة استقرار" الوضع في شرق أوكرانيا من خلال تزويد أوكرانيا بهذه الطائرات. ومع تصاعد التحذيرات الغربية من أن روسيا ستغزو أوكرانيا، أثار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنفسه حيازة أوكرانيا مسيرات "بيرقدار تي بي-2" في مكالمة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، "وهي علامة على الانزعاج الذي تشعر به موسكو". لكن الحرب ما تزال في بداياتها ومن غير المرجح أن تتمكن "بيرقدار تي بي-2" من قلب المد بشكل كبير ضد روسيا. ولم تقر وزارة الدفاع الروسية بعد بحجم خسائرها من حيث المعدات والقوى العاملة، لكن الحكومة الأوكرانية والمحللين المستقلين زعموا أن مئات المركبات قد دمرت على الجانب الروسي وقتل ما يصل إلى 3.000 جندي في الأيام الثلاثة الأولى من الحرب. ومع ذلك، قال مسؤولون غربيون أن روسيا لم تشرك بعد أكثر من نصف قواتها المسلحة المجمعة بالقرب من أوكرانيا للقتال، وأنها تعتمد بشكل كبير على الضربات الجوية والصاروخية ضد المواقع والمدن الأوكرانية بدعم من وحدات المشاة عالية الحركة. ولكن، بالمقارنة مع شركائها الغربيين، فإن تركيا معرضة بشكل فريد للضغط الروسي، سواء من خلال تجدد الأعمال العدائية في سورية أو العقوبات الاقتصادية في وقت تظل فيه موسكو أكبر مورد للطاقة لتركيا. لم تخلُ أوكرانيا من الخسائر أيضا. ولا يتوفر رقم دقيق للضحايا حتى الآن، لكن وزارة الصحة الأوكرانية تقول إن حوالي 198 أوكرانيًا لقوا مصرعهم في الـ36 ساعة التي سبقت كتابة هذه السطور. ووفقًا لوزارة الدفاع الروسية، دمرت قواتها أيضًا أربع طائرات من طراز "بيرقدار تي بي-2" منذ بدء القتال، وهو ما يعني، إذا كان هذا صحيحًا، فقدان أوكرانيا 20 بالمائة من أسطولها المسلح. لا يمكن لأوكرانيا تعويض هذه الخسائر بسهولة في هذه المرحلة. وخلال زيارة أردوغان الأخيرة إلى كييف في 3 شباط (فبراير)، تم الإعلان عن تطوير مصنع لإنتاج طائرات "بيرقدار تي بي-2" بشكل مشترك، ولكن مع اندلاع الحرب، قد يكون من غير المرجح بناء المزيد من الطائرات من دون طيار في الوقت المناسب للقتال أو استيرادها من تركيا. سعت تركيا جاهدة للحفاظ على حيادها حتى مع إدانتها للغزو الروسي لأوكرانيا وحافظت على دعمها للسيادة الأوكرانية. كما دفع زيلينسكي أردوغان إلى إغلاق البحر الأسود في وجه السفن الحربية الروسية، لكن المسؤولين الأتراك لم يلتزموا بذلك بعد. كما رفضت الحكومة التركية المشاركة في أي نظام عقوبات ضد روسيا على الرغم من أن أردوغان انتقد الجهود الدبلوماسية الأميركية والأوروبية ووصفها بأنها غير فعالة في مساعدة أوكرانيا. *نيكولاس مورغان: صحفي مختص بالشأن التركي والروسي.اضافة اعلان