نجم الطاقة المتجددة الصاعد

مولدات طاقة بالرياح في منطقة حوفا/ إربد شمالي المملكة - (تصوير ساهر قدارة)
مولدات طاقة بالرياح في منطقة حوفا/ إربد شمالي المملكة - (تصوير ساهر قدارة)

د. أيوب أبو ديّة

قبل سنوات قليلة، كان المناهضون للطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح تحديداً)، يزعمون أن مساهمة هذه الطاقة في إنتاج الكهرباء على الصعيد العالمي لا تتجاوز نسبة 5 %، وأنه من غير الممكن الاعتماد على أكثر من 10-15 % من الطاقة المتجددة في خليط الطاقة. اضافة اعلان
لكن، على عكس ما كانوا يظنون، فإنه في نهاية العام 2014 شكلت الطاقة المتجددة 22.8 % من مجمل الكهرباء المنتجة عالميا، حسب التقرير العالمي للطاقة المتجددة 2015. ومن المتوقع أن تقترب النسبة من 30 % مع نهاية العام 2016.
والحقيقة أنه حتى هذه النسبة تشكل تحايلاً على الحقيقة، لأن المؤشر الأهم هو نسبة مساهمة الطاقة المتجددة ضمن مجمل مصادر الطاقة الإضافية التي تدخلها الدول في خليط الطاقة لإنتاج الكهرباء سنوياً؛ لماذا؟ لأن نسبة 30 % طاقة متجددة في إنتاج الكهرباء على صعيد عالمي تعني نسبتها مقارنة بمصادر الطاقة الأحفورية التقليدية التي كانت أدنى تكلفة، وتمتعت تقانة إنتاجها بخبرات استمرت لأكثر من مئة عام ونيف. لذلك، فإن المعيار الحقيقي للمنافسة هو السؤال عن نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في كمية الكهرباء التي تمت إضافتها في العالم العام 2014؛ وعندها تكون الإجابة 58.5 %، في حين بلغ نمو توليد الكهرباء من الخلايا الكهروضوئية أكثر من 50 % مقارنة بالعام الذي سبقه، بينما نما قطاع تسخين المياه بالطاقة الشمسية نموا عظيما بحيث أصبحت جزيرة قبرص صاحبة الرقم الأول في العالم من حيث عدد السخانات الشمسية لكل مواطن، تليها النمسا فإسرائيل فباربيدوس، ثم اليونان.
ويقول البعض إن الطاقة المتجددة لا يمكنها أن تغطي نسبة كبيرة من حاجة الأردن من الكهرباء. لذلك نتساءَل: لماذا نقوم بتقزيم قدراتنا الهائلة من الطاقة الشمسية على حساب الترويج لاستيراد الغاز من الخارج، أو بناء محطات نووية روسية لتوليد الكهرباء؟
وتالياً رؤيتنا لمشاركة الطاقة المتجددة في مستقبل الأردن.
أقصى حمل كهربائي يقع في الصيف. إذ صيفاً، يرتفع الحمل الكهربائي في الأردن ليصل أوجه عند العصر، نحو الساعة الواحدة، ولمدة ساعتين تقريباً، وهي فترة الحر الشديد. لذلك، نقترح أن يكون دوام الموظفين صيفاً حتى الساعة الواحدة ما بعد الظهر فقط، وأن يبدأ الساعة السابعة صباحاً، لتجنب أزمة المركبات الخانقة أيضاً. وهذا يعتبر إدارة في الطلب على الطاقة. وفي الوقت نفسه، يمكننا تغطية الحمل الإضافي في ساعات الذروة بواسطة الطاقة الشمسية التي تكون في أوج عطائها خلال تلك الفترة.
ولما كانت القدرة على إنتاج الكهرباء في أوجها نحو 3300 ميغاواط، كما أُعلن مراراً الصيف المنصرم، فإن الحد الأدنى المطلوب توليده ليستمر في تغطية الطلب على الطاقة ليلاً نهاراً هو 2000 ميغاواط تقريباً، فيما يمكن تغطية الباقي من الطاقة الشمسية. وهي قدرة متوافرة لعقود قادمة حتى لو خرجت نصف المحطات الكهربائية العاملة في الأردن اليوم من الخدمة.
أما الإجراءات المقترحة لتغطية التزايد على الحمل سنوياً بمعدل 5 % تقريباً، فإن ذلك يمكن مواجهته بما يلي من إجراءات:
1 - تطوير مصادر المياه الحارة لتوليد الكهرباء منها بشكل مستدام، لتغطي التذبذب في إنتاج طاقتي الشمس والرياح.
2 - السعي لربط الشبكة الكهربائية مع دول الجوار (جزء من الربط الثماني مثلاً)، للتخلص من الحمل الفائض ولتغطية النقص عند الحاجة.
3 - وضع خطة لبرنامج وطني لترشيد الاستهلاك ورفع كفاءة الطاقة، وتنظيم ساعات الدوام، وعزل المنازل حرارياً، وتركيب سخانات شمسية مدعومة، ومراعاة ضرورة الالتزام بخفض استهلاك الطاقة بنسبة 20 % بحلول العام 2020 مقارنة بالعام 2007، كما أعلنت الحكومة.
4 - تخزين الطاقة الحرارية المنتجة نهاراً باللواقط الشمسية واستخدامها ليلاً؛ وذلك إما عن طريق الملح المذاب أو بضخ مياه إلى أماكن مرتفعة.
5 - تحويل مضخات المياه بصورة تدريجية لتعمل على الطاقة الشمسية لتضخ المياه نهاراً.
فإذا اتبعنا هذه الخطة المبدئية الإرشادية، فإن الحمل الكهربائي الأعظم ينبغي ألا يتجاوز 4000 ميغاواط العام 2025، وسوف يكون مغطى بالكامل من التوسع في استخدامات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الجوفية. فيما يمكن الاعتماد على الصخر الزيتي لاستخراج النفط لاستخدامات قطاع النقل. الأمر الذي يجعل من المشروع النووي عقيماً غير ذي فائدة (وكذلك استيراد الغاز من الكيان الصهيوني).