نحافة الأطفال.. أسباب وحلول

نحافة الأطفال قد تكون وراثية أو مرضية أو تتعلق بالعادات الغذائية - (د ب أ)
نحافة الأطفال قد تكون وراثية أو مرضية أو تتعلق بالعادات الغذائية - (د ب أ)

برلين- بينما يعاني الكثير من الأطفال من زيادة الوزن، يعاني آخرون من نقصانه بشكل كبير. وترجع مشكلة النحافة لدى الأطفال إلى أسباب عدة، قد تكون وراثية أو مرضية أو تتعلق بالعادات الغذائية للطفل. وببعض السبل البسيطة يُمكن للآباء التغلب على هذه المشكلة، إذا لم تكن ترجع إلى إصابة الطفل بمرض حقيقي.اضافة اعلان
 وأوضحت خبيرة التغذية الألمانية سيلفيا بيكر بروبستل أنه عادةً ما ترتبط بداية مشكلة النحافة لدى الأطفال، لاسيما في مراحل عمرية كبيرة، بالإصابة بأحد اضطرابات الطعام بصفة خاصة كفقدان الشهية العصبي مثلاً، الذي يزداد معدل الإصابة به في المرحلة العمرية المتراوحة بين 11 و12 عاماً، لاسيما لدى الفتيات اللائي يبدأن الدخول في مرحلة المراهقة وتزداد لديهن الرغبة في الحفاظ على رشاقتهن بشكل مرضي.
عوامل وراثية
وتُطمئن الخبيرة الألمانية بأنه ليس بالضرورة أن تُعزى نحافة الطفل وقلة وزنه عن أقرانه في نفس المرحلة العمرية إلى أسباب مرضية؛ حيث تلعب العوامل الوراثية والهرمونية دوراً كبيراً في تحديد شكل الجسم ووزنه.
وأردفت بروبستل قائلة: "هناك الكثير من الأسر تتمتع بطول القامة ورشاقة القوام ومسار نمو طبيعي في الوقت ذاته"، لافتةً إلى أن هناك العديد من العوامل المؤثرة على الوزن، لاسيما هرمونات الغدة الدرقية التي يُمكن أن تؤثر بشكل كبير على وزن الطفل في كلا الاتجاهين، سواء بزيادته أو نقصانه.
وأضافت الخبيرة الألمانية أن الحالة المزاجية للطفل والبيئة المحيطة به ومعدل ممارسته للأنشطة الحركية وكذلك السلوك الغذائي للأسرة بأكملها يندرجون أيضاً ضمن العوامل المؤثرة على وزن الطفل.
وحتى إذا تناول الطفل كميات أقل من الطعام عن غيره، أكدت بروبستل أنه لن يؤدي ذلك بالضرورة إلى إصابته باضطرابات في النمو؛ لأن العوامل الوراثية والهرمونية لدى كل إنسان تلعب دوراً كبيراً في السلوك الغذائي لديه أيضاً.
وأوضحت الخبيرة الألمانية ذلك بقولها: "يُمكن أن يختلف معدل الاستقلاب الأساسي، الذي يُشير إلى مدى الاحتياج اليومي للطاقة في حالة السكون، وفقاً لعملية التمثيل الغذائي لدى طفلين يتمتع كل منهما بصحة جيدة ومتطابقين في الوزن والطول، بمعدل يصل إلى 300 سعر حراري".
وأضافت بروبستل أنه ينبغي على الآباء أيضاً الأخذ في اعتبارهم أن هناك اختلافات في السلوك الغذائي بين طفل وآخر، وعليهم أيضاً تحمل هذه الاختلافات وتقبلها، موضحةً بقولها: "يوجد مثلاً أطفال يتوخون الحذر عند تناولهم للطعام، بينما يوجد آخرون لديهم مذاق خاص في تناول الأطعمة ويُفضلون إضفاء مذاقهم هذا عليها".
وتابعت الخبيرة الألمانية قائلةً:"هؤلاء الأطفال لن يتناسب معهم مثلاً طاجن الخضروات العادي، إنما يُفضلون تناول المكرونة الإسباغتي مع صوص الطماطم والجبن".
ويلتقط فرانك يوخائيم، رئيس قسم طب الأطفال والمراهقين بالمستشفى الإنجيلي  بالعاصمة برلين، طرف الحديث مطمئنا الآباء بأنه لا يوجد أي داع للقلق على الإطلاق من نحافة طفلهم، طالما أنه لا يُصاب بالأمراض بصورة متكررة ولا تظهر عليه تغيرات سلوكية.
وإذا ساور الآباء قلق بأن نحافة طفلهم ربما تجاوزت الحد الطبيعي، ينصحهم الطبيب الألماني بإخضاع الطفل حينئذٍ للفحص لدى طبيب أطفال مختص للحسم في هذا الأمر، مؤكداً أنه من الأفضل استشارة الطبيب الذي يعرف الحالة الصحية للطفل منذ فترة طويلة.
مؤشر كتلة الجسم
 وأردف يوخائيم، اختصاصي طب التغذية قائلاً: "لا يُمكن الحسم فيما إذا كان وزن الطفل أقل من المعدل الطبيعي أم لا بالعين المجردة فحسب"، مؤكداً أنه يُمكن التحقق من ذلك فقط من خلال حساب العلاقة بين الطول والوزن لدى الطفل، أي مؤشر كتلة الجسم لديه، ومقارنة هذه البيانات مع القيم الطبيعية لأقرانه في نفس المرحلة العمرية.
 وأكد الطبيب الألماني في الوقت ذاته أن وجود اختلاف بين الأطفال في هذا الشأن يُعد أمرا طبيعياً تماماً، لافتاً إلى أنه يُمكن اعتبار وزن الطفل أقل من المعدل الطبيعي، إذا ما نقص بشكل واضح عن أقرانه في نفس المرحلة العمرية.
وأردف يوخائيم أنه يجب أيضاً أن يتم أخذ مسار نمو الطفل بشكل عام منذ ولادته وأسلوب حياته الحالي في الاعتبار؛ لأنه إذا كان وزن الطفل يتراوح دائماً في المعدلات الأقل من الوزن الطبيعي وكان مسار نموه في هذا الاتجاه على الدوام، فربما تكون النحافة لديه أمراً مرتبط بطبيعة جسمه وبالعوامل الهرمونية والوراثية لديه.
أما إذا نقص وزن الطفل عن المعدلات المعهودة به بشكل شديد أو مفاجئ، يُحذر اختصاصي الطب الغذائي يوخائيم من إمكانية أن يرجع ذلك حينئذٍ إلى الإصابة بمرض حقيقي يستلزم استشارة الطبيب.
لا لزيادة الوجبات!
وللتصدي لمشكلة النحافة لدى الطفل، حذر اختصاصي الطب الغذائي وطبيب الأطفال توماس كاوت الآباء من زيادة كمية الطعام أو عدد الوجبات لطفلهم لتحقيق ذلك، مؤكداً أنه من الأفضل أن يقوموا باستبدال نوعية الأطعمة قليلة السعرات الحرارية بأخرى تحتوي على كمية كبيرة من الطاقة من خلال تقديم الزبادي كامل الدسم مثلاً للطفل بدلاً من الزبادي قليل الدسم.
وأردف كاوت، عضو مجلس إدارة الرابطة الألمانية لاختصاصي طب التغذية: "لا يعني ذلك أنه يجوز للآباء إمداد طفلهم بكميات كبيرة من الحلوى، إنما يجب عليهم الاهتمام بتقديم نظام غذائي متوازن يقوم على مبدأ التنوع".
 وأكد الطبيب الألماني أنه من المهم أن يشعر الطفل بالسعادة أثناء تناول الطعام بدلاً من أن يضعوه تحت ضغط الالتزام بتناول وجبته بالكامل، كما ينبغي أن يعمل الآباء على تحديد مواعيد ثابتة للوجبات، بحيث تجتمع الأسرة كلها لتناول الطعام؛ إذ يُساعد ذلك بشكل كبير على تحفيز الطفل على تناول الطعام.
وفي الوقت ذاته أشار كاوت إلى ضرورة أن تتاح للطفل فترات راحة من تناول الطعام تتراوح بين 3 إلى 4 ساعات؛ حيث يسهم ذلك في تحفيز الشعور بالجوع لدى الطفل.- (د ب أ)