نحس اقتصادي وتعويذة إصلاحية

مضت ثلاثة أشهر من العام الحالي والوضع الاقتصادي يزداد تعقيدا، لعوامل ترتبط بمعطيات محلية وأخرى إقليمية، ولا تظهر في الأفق بوادر انفراج تخفف من صعوبة الحالة.اضافة اعلان
الأبرز في المشهد الاقتصادي أزمة الطاقة، ولا تبدو في الأفق فرص لحل مشكلة انقطاع الغاز المصري، وبدائله المطروحة بحاجة لوقت طويل لتصبح حقيقة.
وسط هذه المعطيات تتسع أزمة الموازنة، ويصبح عجزها عرضة للارتفاع نتيجة زيادة كلف دعم الكهرباء، خصوصا أن انقطاع الغاز المصري يكلف الخزينة 5 ملايين دولار يوميا، ويتوقع أن يبلغ إجمالي الكلف الإضافية لهذا البند نحو مليار دولار.
وتتضاءل فرص حل هذه الإشكالية في ظل البطء الرسمي في إيجاد بدائل تخفف من وطأة هذه المشكلة، وتحديدا ما يتعلق بتخزين الغاز في خزانات عائمة في العقبة.
ويعمق مشكلة العجز، تنفيذ جميع القرارات المتعلقة بإعادة هيكلة القطاع العام وزيادات الرواتب للعاملين، عسكريين ومدنيين، التي دخلت حيز التنفيذ منذ مطلع العام الحالي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الإنفاق الجاري بمبالغ كبيرة يقدرها خبراء بما يزيد على 400 مليون دينار.
وتؤشر الاعتصامات والاحتجاجات المستمرة والمتواصلة من قبل عاملين في القطاع العام إلى إمكانية زيادة قيمة بند الإنفاق الجاري لمستويات أعلى، تشي بإمكانية ارتفاع عجز الموازنة لمستويات قياسية تصل حوالي 3 بلايين دينار.
ما يعقد المسألة تأخر حسم ملف المساعدات الإضافية، وتحديدا العربية، في ظل تسريبات تؤكد أن حصول الأردن على مساعدات نقدية لدعم الموازنة العامة لتخفيض عجزها مرتبط بالموقف الرسمي من الأوضاع في سورية وتحديدا الموقف من تسليح الجيش السوري الحر.
في الأثناء يستمر تدفق اللاجئين السوريين إلى المملكة، وآخر أرقام معلنة حول عددهم تشير إلى انه تجاوز الـ 100 ألف لاجئ، وهذا عدد كبير مقارنة بمحدودية الموارد المالية المحلية، كونه يؤدي إلى استنزاف البنية التحتية والخدمية مثل قطاع التعليم؛ حيث بلغ عدد الطلبة السوريين المسجلين في المدارس نحو 5500 طالب، الامر الذي يثقل كاهل الخزينة.
وأسعار المواد الغذائية قد تشكل مشكلة في الفترة المقبلة، خصوصا وأن التقارير العالمية تشير إلى إمكانية ارتفاع كلف بعضها، وتحديدا القمح، نتيجة انخفاض الإنتاج وارتفاع الطلب، ما يساهم برفع كلف دعم الخبز.
سيناريوهات النفط لا تبدو أفضل في ظل الحديث المستمر عن توجيه ضربة عسكرية لإيران موجهة من إسرائيل برعاية أميركية؛ حيث تشير التقارير والتحليلات الاقتصادية والسياسية أن الأسعار عرضة للارتفاع لمستويات قياسية تتجاوز 200 دولار، ووقوع هذا السيناريو سيحدث تاثيرات لا حدود لنتائجها السيئة على البلد. كل المعطيات السابقة والاقتصاد ينمو بتباطؤ ملحوظ، وأرقام النمو خلال الربع الأول لا تتجاوز
2.5  %، وهي مؤشرات لم يتخلَ عنها منذ العام 2008، حينما وقعت الأزمة المالية العالمية، وتعمقت مع بدء الربيع العربي، الذي أثر على التدفقات الاستثمارية لدول المنطقة ومنها الأردن.
التباطؤ سيرافق الاقتصاد حتى نهاية العام، وربما يمتد تأثيره خلال الربع الأول من العام 2013، وفقا للمعطيات الموضوعية الداخلية والخارجية.
ويمكن القول إن انفراجا إصلاحيا سياسيا يتم بوقت قياسي كفيل بتغيير النظرة السلبية تجاه البيئة الاستثمارية المحلية، ويسهم بتدفق رؤوس أموال جديدة تحرك الاقتصاد وتنتشله من وضعه السيئ، إذا ما أقنعنا أصحاب الأموال أن ربيع الأردن أزهر. النحس الذي ألم بالاقتصاد منذ سنوات بحاجة لتعويذة إصلاح للتخلص منه، لنبدأ مرحلة جديدة أكثر ازدهارا.

[email protected]