نحو مكتب معلومات ائتمان فعّال

في ظل الارتفاع المطرد لحجم الائتمان الممنوح من البنوك والشركات المالية الأخرى، سواء للأفراد أوالشركات الصغيرة لتمويل شراء الأصول، مثل العقارات، أو تمويل الإنفاق الاستهلاكي بمختلف أنواعه، فقد أدركت حكومات الدول النامية أهمية تعزيز البيئة المؤسسية والتشريعية في القطاع المالي من خلال إصدار التشريعات الناظمة لعمل ما يسمى مكاتب معلومات الائتمان.

اضافة اعلان

وهذه المكاتب هي شركات، أو مؤسسات، ظهرت في العالم المتقدم منذ منتصف القرن التاسع عشر، وتتمثل مهمتها في القيام بجمع وتصنيف وتقييم المعلومات التاريخية الخاصة بسلوك الأفراد الائتماني من مصادر مختلفة مثل البنوك، وشركات الإقراض الصغير والمتوسط، وشركات بطاقات الائتمان، وشركات الخدمات مثل الاتصالات والكهرباء والمياه، وشركات التأمين، والشركات التجارية التي تبيع بالتقسيط، ودائرة الاراضي، إضافة إلى جمع بيانات حول السجل الوظيفي للأفراد وبيانات حول سجل هؤلاء لدى المحاكم فيما يتعلق بالقضايا المالية.

وتتضمن المعلومات التي يتم جمعها على سبيل المثال وليس الحصر، القروض التي حصل عليها العميل، وسقوف الائتمان الممنوحة له، والحسابات القائمة، والتسديدات الشهرية، ومدى الالتزام بالتسديد، وإعلان الإفلاس. وتقوم مكاتب الائتمان بتزويد هذه المعلومات، حسب الطلب ومقابل رسوم محددة، لمجموعة مغلقة من المشتركين لتمكينهم من اتخاذ القرار الائتماني المناسب للأفراد الذي يتقدمون بطلبات للحصول على تمويل لأغراض مختلفة، الأمر الذي يمكّن مستخدمي هذه البيانات من تجنب، أو على أقل تقدير، تقليص المخاطر الناجمة عن تقديم التمويل للأفراد، حيث تؤثر تلك المعلومات على شروط منح التمويل، سواء من حيث الحجم أو الفترة أو الكلفة أو الضمانات المطلوبة.

ولتمكين مكاتب الائتمان من تحقيق الأهداف المنشودة، فإن من الأهمية بمكان وضع التشريعات التي تحدد المؤسسات التي ستناط بها مهمة الإشراف على نشاطات هذه المكاتب، وبيان حقوق كل من الأفراد أو الشركات التي تُجمع عنها البيانات المذكورة، وحقوق الجهات المستفيدة منها، مع ضمان سرية هذه المعلومات وحصر استخدامها في الأوجه التي جمعت من أجلها.

وفي بداية تنفيذ هذه التجربة في دولة ما، كالأردن، نعتقد أنه قد يكون من الأهمية بمكان إلزام جميع المؤسسات ذات العلاقة بتقديم المعلومات المطلوبة من جانب، والاشتراك في الخدمات التي تقدمها مكاتب الائتمان، من جانب آخر، حتى تتجذر هذه التجربة ويشعر الجميع بالفوائد التي تحققها على مستوى الشركات المستفيدة من الخدمات وعلى مستوى الاقتصاد الوطني عموماً. وقد يكون من المفيد القيام بحملة توعية واسعة حول هذا الموضوع من خلال وسائل الإعلام والإعلان المختلفة.

وكما نعلم، فإن الحكومة تعكف حاليا على إعداد قانون لتنظيم عمل مكتب معلومات الائتمان بعد أن بقي القانون السابق حبيس الأدراج منذ عام 2003، كما هو حال العديد من القوانين الأخرى! ونعتقد أنه يتوجب على الجهات، أو اللجان، التي تعمل على إعداد هذا القانون أن تطبق فعلاً مبدأ الشراكة مع الجهات ذات العلاقة في القطاع الخاص للاستفادة من آرائها وملاحظاتها، تمهيداً للخروج بقانون يخدم الجميع ويحقق مصالحهم.

[email protected]